يؤكد تقرير نشره موقع "نيويورك بوست" أن "شوارع مدينة نيويورك الأميركية احتضنت دائماً أشخاصاً بلا مأوى، لكن السنوات القليلة الماضية شهدت تغيّراً، خصوصاً بعد عمليات الإغلاق بسبب وباء كورونا. فالمدينة لم تتعامل مع أرواح بشرية واجهت أوقاتاً مالية صعبة، وتجلس خلف لافتات ورقية لطلب مساعدة". في المشاهدات الميدانية، يرقد مشردون نصف عراة، متمددين على الرصيف. يجمع بعضهم أموالاً بسيطة لشراء المخدرات، ويتجول آخرون في الشوارع وهم يصرخون بكلمات بذيئة، ويضربون بقبضاتهم على طاولات المقاهي والمطاعم، ويرقص البعض بين سيارات الأجرة. في المقابل، يكتفي رجال الشرطة بالوقوف والمراقبة، ما يدلّ على أن الأجهزة لا تستجيب لأي شيء يحصل في المدينة. ما يلفت النظر أن الأعداد الهائلة للمشردين والمصابين بأمراض عقلية واضح. ينامون في ملابس قذرة، ويحدقون بالناس، فالشارع بات غرفة نومهم وحمامهم ومطبخهم، في حين لا يوجد أحد لمساعدتهم، ويبدو أن لا خطط لإجبارهم على الذهاب إلى ملجأ أو مستشفى، وتشخيص حالاتهم.
واللافت أن الاضطرابات في شوارع نيويورك تشكل موضوعاً مهماً في انتخابات بلدية الولاية هذا العام. وقد تعرض المرشح الديمقراطي أندرو يانغ لانتقادات شديدة بسبب قوله إن "المصابين بأمراض عقلية لديهم حقوق، لكن الناس يملكون أيضاً حق السير في الشارع بلا خوف من مهاجمتهم". وفي نهاية آب/ أغسطس الماضي، اخترق رجل مشرد مسيرة لمرشح الحزب الجمهوري كورتيس سليوا في محطة بنسلفانيا، وانهمر بالبكاء أمامه وطالبه بمعاملته كإنسان، فرد سليوا: "لست عبئاً علينا. أنت مسؤوليتنا".
وهنا يوضح عضو مجلس المدينة الجمهوري جو بوريلي أن مشكلة المشردين متنوعة، فبينهم مشردون مادياً ومصابون بأمراض عقلية ومدمنون، ويحتاج كل منهم إلى حلول مختلفة. لكن محللين يرون أن تجاهل هؤلاء الأشخاص لا يصبّ في مصلحة نيويورك، حيث الوضع "غير مريح" و"خطير" في الشوارع، علماً أن رجلاً بلا مأوى ضرب أخيراً امرأة بحزام خارج استديوهات "إن بي سي"، كما اعتدى مشرد بأنبوب معدني في تايمز سكوير على سائح، وهاجم مشرد آخر امرأة آسيوية حملت لافتة للاحتجاج على العنف. بالنسبة إلى كُثر، ما يحصل في شوارع نيويورك ومحطات المترو "ليست مجرد أعمال عنف عشوائية يرتكبها بائسون أو اضطرابات مزعجة، بل مؤشرات إلى وضع غير طبيعي، وأمور ليست على ما يرام. وواضح أن مدينة نيويورك تخذل هؤلاء الناس وتجلب الفشل لنفسها، والرسوم اليومية يدفعها الجميع".