متحدثة الخارجية الأميركية هالة غريط لـ"العربي الجديد": هذا ما تتوقعه واشنطن من "كوب 27"
بالتزامن مع مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) المنعقد في مدينة شرم الشيخ شرقي مصر، أجرى "العربي الجديد" مقابلة مع المتحدثة الإقليمية الجديدة باسم وزارة الخارجية الأميركية هالة غريط تناولت فيها توقعات واشنطن في ما يخصّ هذا المؤتمر والعمل من أجل مستقبل آمن ونظيف وميثاق غلاسكو للمناخ (الصادر عن مؤتمر كوب 26 الذي عُقد في عام 2021) وتعهّدات الدول.
ورأت غريط أنّ ثمّة تقصيراً في العمل من أجل المناخ وأنّه يتوجّب على الدول التعاون لجهة الحدّ من الانبعاثات المسبّبة للاحترار، بما في ذلك من خلال الجهود الجديدة البارزة الرامية إلى تعزيز التمويل المتعلق بالمناخ. كذلك أشارت غريط إلى عمل الولايات المتحدة الأميركية مع شركائها لتوفير الإنذار المبكر والمعلومات المناخية حتى يصير الناس أكثر مرونة، ولمساعدة الدول والمجتمعات في جعل بنيتها التحتية وأنظمتها المائية والصحية والغذائية "مقاومة للمناخ". أضافت غريط أنّ الولايات المتحدة الأميركية تعمل جاهدة من أجل تكثيف دعمها للدول النامية للاستجابة إلى تغيّر المناخ وتنفيذ اتفاق باريس بشأن المناخ (2015).
وفي ما يأتي نصّ المقابلة كاملاً:
ما الذي تتوقّعه الولايات المتحدة الأميركية من مؤتمر المناخ "كوب 27" وما الذي سوف تطلبه؟
نأمل أن يخرج هذا المؤتمر بمثل ما خرجت مؤتمرات المناخ السابقة، وتنفيذ التعهدات والالتزامات التي يُعلَن عنها من قبل كلّ الشركاء حول العالم، لأنّ هذه الأزمة لا تعترف بأيّ حدود سياسية أو جغرافية، بالتالي على الجميع أن يعمل الآن لأنّ الوقت ليس في صالحنا. نحن نرى الآن تأثيرات التغيّر المناخي بشكل واضح جداً، من خلال الفيضانات والسيول والحرائق والتصحر والجفاف وندرة المياه وغيرها من الكوارث في كلّ أنحاء العالم. هذه هي النقطة الأبرز عندما نناقش العمل المناخي على مستوى العالم، أن يكون ثمّة تعاون حقيقي والتزام جدي لتنفيذ كلّ التعهدات.
ونأمل أن يُصار إلى الوفاء بالالتزامات الحالية، وتعزيز الالتزامات غير القوية بما يكفي، بالإضافة إلى الدخول في التزامات وجهود جديدة في حال عدم وجودها. على الرغم من التقدّم الذي أحرزناه، فنحن جميعاً نعلم أنّ ثمّة الكثير ممّا يتوجّب علينا فعله. فنحن لا نقوم بما يكفي في ما يتعلق بالحدّ من تغيّر المناخ أو التكيّف مع المناخ. وعلى الرغم من التقدّم الكبير في ما يتعلق بالحدّ من تغيّر المناخ، فإنّنا متأخّرون في القيام بجهودنا المطلوبة. ولن يُقاس النجاح فقط هذا العام في "كوب 27"، وإنّما بعد ذلك. وفي النهاية، (يُقاس) في تحقيقنا للأجيال المقبلة كوكباً آمناً ومستقراً ونظيفاً.
هل من المتوقّع أن يُسجَّل تغيير مقارنة بمؤتمر غلاسكو؟ وهل ثمّة التزام بمخرجاته؟
نحن ننظر إلى مؤتمر "كوب 27" بنهج "التنفيذ الإضافي". لن تتطلّب معالجة أزمة المناخ تنفيذ الالتزامات والأهداف التي سبق أن تعهدتها الدول فحسب، بل سوف تتطلب أيضاً تعزيز تلك الالتزامات والأهداف غير الكافية لتجنّب أسوأ آثار تغيّر المناخ. أنهينا مؤتمر غلاسكو (كوب 26) بعد أن حافظنا على هدف الحدّ من الاحترار عند 1.5 درجة مئوية واتّخذنا خطوات رئيسية لتعزيز العمل الدولي، سواء لناحية الحدّ من الانبعاثات أو تعزيز المرونة في مواجهة تأثيرات المناخ، بما في ذلك من خلال الجهود الجديدة البارزة الرامية إلى تعبئة التمويل المتعلق بالمناخ. وينبغي أن نبني الآن على تلك النتائج. وفي ما يتعلق بتخفيض الانبعاثات، ثمّة ضرورة ملحّة ليبذل العالم كلّ ما في وسعه للحفاظ على حدّ 1.5 درجة مئوية. لقد دعا مؤتمر "كوب 26" الدول التي لم توائم أهدافها لعام 2030 مع هدف اتفاق باريس بشأن المناخ (2015) بشأن درجة الحرارة، إلى إعادة النظر في هذه الأهداف وتعزيزها هذا العام. ويجب أن تعمل الدول الآن على تنفيذ التزاماتها الحالية بسرعة وتقديم التزامات إضافية لازمة للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية، لا سيّما تلك التي لم توائم أهدافها لعام 2030 مع أهداف اتفاق باريس.
كيف تقدّم الولايات المتحدة الأميركية مثالاً للدول بخصوص ملفات تغيّر المناخ والاحتباس الحراري والاهتمام ببيئة أفضل؟
حقّق الرئيس جو بايدن والكونغرس تقدّماً تاريخياً في العمل المناخي، من خلال تمرير قانون خفض التضخّم في الولايات المتحدة الأميركية. ويستهدف قانون خفض التضخم المصالح الخاصة التي عوّقت هذا التقدّم ويحرص على تنمية اقتصاد الطاقة النظيفة. هذا هو التشريع الأكثر نضالاً في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بشأن معالجة أزمة المناخ وتحسين أمن الطاقة في البلاد. ويؤكد هذا القانون مع قانون البنية التحتية المدعوم من الحزبَين (الجمهوري والديمقراطي) والإجراءات الفيدرالية الأخرى، سياسة المناخ على المدى الطويل في البلاد لسنوات مقبلة.
وسوف يساعد قانون خفض التضخم كذلك في وضع البلاد على المسار الصحيح لتحقيق أهداف الرئيس بايدن الجريئة المتمثلة في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في موعد أقصاه عام 2050 والوصول إلى منتصف الطريق في خلال هذا العقد (تخفيض انبعاثات الكربون بنسبة 40 في المائة بحلول عام 2030). ويتمثل هدفنا في الاستمرار في رفع مستوى الطموح العالمي للمناخ مع تأكيد دعمنا للبلدان الضعيفة. فنحن بينما نعمل على الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، نساعد كذلك البلدان والمجتمعات المعرّضة للخطر على التكيّف مع تأثيرات تغير المناخ وإدارتها. نحن نركّز على تطبيق خطة الطوارئ الرئاسية للتكيّف والقدرة على الصمود، ونحن حريصون خصوصاً على دعم الجهود المبذولة لضمان وصول الجميع في العالم إلى الإنذار المبكر، وهو نداء وجّهه الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريس).
إنّ خطة الطوارئ الرئاسية للتكيّف والقدرة على الصمود التي أُطلقت في مؤتمر "كوب 26" سوف تساعد أكثر من نصف مليار شخص في الدول النامية على التكيّف وإدارة مناخ متغيّر في خلال هذا العقد. وتركّز الخطة الرئاسية كثيراً على أفريقيا، ونحن نعمل مع الشركاء لتوفير الإنذار المبكر والمعلومات المناخية حتى يصير الناس أكثر مرونة، ونساعد الدول والمجتمعات على جعل بنيتها التحتية وأنظمتها المائية والصحية والغذائية "مقاومة للمناخ" والوصول إلى التمويل العام والخاص.
وقد تعهّد الرئيس بايدن بمضاعفة التمويل المناخي أربع مرّات من الحدّ الأقصى الذي بلغته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وتقديم 11 مليار دولار أميركي من التمويل سنوياً بحلول عام 2024 لدعم جهود الدول الرامية إلى إزالة الكربون من اقتصاداتها وتعزيز ممارسات استخدام الأراضي الصديقة للمناخ وتعزيز التكيّف والمرونة. وسوف يحقّق طلب الرئيس الخاص بالموازنة للعام المالي 2023 هذا الهدف بفعالية قبل عام من الموعد المحدّد.
كذلك تشارك الولايات المتحدة الأميركية في مجموعة واسعة من الأنشطة المصممة لتعبئة التمويل المناخي على نطاق واسع ومواءمة التدفقات المالية الأوسع مع أهداف اتفاق باريس، بما في ذلك من خلال الجهود المعزّزة التي تبذلها الكيانات المالية العامة والخاصة وبنوك التنمية متعدّدة الأطراف.
ماذا قدّمت الولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال ما بين مؤتمرَي غلاسكو وشرم الشيخ؟
في العام الماضي، دعمت الولايات المتحدة الأميركية التزاماتها المناخية التي قطعتها في مؤتمر "كوب 26" بطرق مهمّة. أوّلاً، عبر معالجة أزمة المناخ في الداخل، من خلال أكبر تشريع مناخي في تاريخها في عام 2022. ويتضمّن القانون (إلى جانب ما ذُكر آنفاً) إجراءات طموحة لتسريع نشر المركبات الخالية من الانبعاثات، ودعم إزالة الكربون من المباني والصناعة، ومعالجة انبعاثات الميثان الذي يُعَدّ أحد غازات الدفيئة الفاعلة.
كذلك وقّع الرئيس بايدن على وثيقة تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال المتعلقة بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2022. ويدعو تعديل كيغالي إلى خفض استهلاك وإنتاج مركبات الكربون الهيدروفلورية، وهي من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري. وتنفيذ التعديل في كلّ أنحاء العالم سوف يمنع ما يصل إلى نصف درجة مئوية من الاحترار بحلول نهاية القرن.
وثانياً، عبر مساعدة بلدان العالم. فقد واصل الرئيس بايدن العمل مع الكونغرس الأميركي حول خطة الطوارئ الرئاسية للتكيّف والقدرة على الصمود التي أُعلن عنها في مؤتمر "كوب 26". وفي سبتمبر/ أيلول 2022، أصدر البيت الأبيض خطة العمل المتعلقة بالخطة والتي توضح بالتفصيل الأولويات وملامح الجهود التي تبذلها 19 وكالة فيدرالية.
وفي مؤتمر "كوب 26"، أطلقت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي التعهّد العالمي بشأن الميثان لخفض مستويات عام 2020 من انبعاثات الميثان بشرية المنشأ بنسبة 30 في المائة على أقلّ تقدير بحلول عام 2030. وتقود الولايات المتحدة الأميركية كذلك الجهود لتقليل انبعاثات الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة الذي يُعَدّ أقوى من ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 80 مرّة.