قبل أيام أعلنت إدارة الكهرباء الوطنية في أفغانستان أن المعارك بين مسلحي حركة "طالبان" وقوات الجيش الأفغاني في مديرية خنجان بإقليم بغلان (شمال) ألحقت أضراراّ بأعمدة الكهرباء المستوردة، ما حرم العاصمة كابول وعشرة أقاليم من التيار. ثم أوضحت الإدارة نفسها في بيان ثانٍ أن ترميم الأعمدة وإعادة التيار قد يستغرق ثلاثة أيام أو أكثر، بسبب حجم الأضرار.
يقول الدكتور المحاضر في جامعة كابول، نصر الله مجاهد، لـ "العربي الجديد" إن "عملية التدريس معلقة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، لأنها تعتمد على تجهيزات وتقنيات أساسها توفر الكهرباء. كما تأثرت عملية التواصل بين الأساتذة والأكاديميين والطلاب، لأن مولدات الكهرباء لا تتواجد في كل مكان".
ويشير مجاهد إلى أن الدراسة متوقفة في أفغانستان بسبب الموجة الثانية من جائحة كورونا، ويجري بعضها عبر التواصل عن بعد، لذا تتأثر هذه العملية كثيراً بانقطاع التيار الكهربائي، خاصة أن المكتبات ومراجع الكتب باتت إلكترونية، وتتعطل بالكامل جراء انقطاع التيار.
وألحق انقطاع التيار الكهربائي أضراراً كبيرة بالقطاع الصحي، خاصة أن الموجة الثانية من جائحة كورونا في ذروتها حالياً. وباتت المستشفيات مليئة بالمصابين الذين حذرت وزارة الصحة من ارتفاع عددهم في الأيام المقبلة.
ويتحدث الدكتور وفي الله الذي يعمل في مستشفى "أطلس" الخاص لـ "العربي الجديد" قائلاً إن "انقطاع التيار الكهربائي يعطّل غالبية الخدمات، رغم أن المستشفيات تستخدم مولدات للكهرباء، لكن المشكلة الأساس أنها تزيد التكاليف عليها، لذا لا تستطيع أن توفرها لكل الأقسام، خاصة أن المجتمع الأفغاني فقير، ويعيش معظم سكانه تحت خطر العوز، ما يجعل المعاناة تشمل الجميع من مرضى وعائلات وأصحاب المستشفيات".
إلى ذلك، يتأثر التجار من انقطاع التيار. ويقول الجزار في شارع قصابي (شارع الجزارين) في سوق شهر نو وسط كابول، عبد الوهاب، لـ "العربي الجديد": "الحرب دمرت كل نواحي الحياة. ومن ويلاتها انقطاع الكهرباء التي تتعرض تجهيزاتها أسبوعياً لهجمات يشنها مسلحون في كابول، سواء عبر تفجير أعمدة أو قطع أسلاك، ما يؤثر سلباً في شكل كبير على عمل الجزارين".
يضيف: "بالطبع يحتاج الجزارون إلى كهرباء لمواصلة عملهم، فالمراوح ضرورية جداً لطرد الذباب والحشرات المختلفة التي تتجمع على اللحم إذا انقطعت الكهرباء. كما نحتاج إلى ثلاجات للحفاظ على اللحم، وحين تنقطع نتحمل خسائر كبيرة".
أما المواطنون فمعاناتهم غير عادية. يقول أحمد نبي من سكان منطقة ميكرويان لـ " العربي الجديد": "والدي مريض بالسكري وضغط الدم، ويجب أن نشغّل له المروحة في شكل دائم. وهو يشاهد التلفزيون للتسلية والترويح عن نفسه حين يمكث وحده في المنزل. وحين تنقطع الكهرباء تتخرب كل الأمور، ويتعب والدي كثيراً مثل كل أفراد الأسرة، وتتعطل أمور الحياة".
ومعاناة سكان الأقاليم الشرقية، مثل ننجرهار ولغمان، أكبر مقارنة بمعاناة سكان العاصمة. ويقول ذبيح الله أحد سكان مدينة جلال آباد، مركز إقليم ننجرهار، والذي يبيع مكسرات على عربة، لـ "العربي الجديد": "نعمل طوال اليوم، وفي عزّ الحر وتحت وطأة الشمس آملين في أن نعود مساءً إلى المنزل ونمكث فيه مطمئنين. لكن انقطاع التيار الكهربائي يمنعنا من النوم ليلاً، لأن الحر شديد والبعوض منتشر بكثافة".
ويوضح أن زوجته "تشغّل طوال النهار مروحية يدوية لأبنائنا الصغار كي يناموا قليلاً. ونحن نطالب الحكومة بأن تتخذ خطوات جدّية في معاملة المناطق، إذ لا يمكن العيش بلا كهرباء في مدينة حارة جداً مثل جلال آباد، ما يعني أنها يجب أن تمنح أولوية في توفير مصادر طاقة داخلية، ومساعدة المواطنين في الحصول على الطاقة الشمسية التي يستفيد منها الناس في كل أنحاء العالم".
ويقول محمد نور، سائق سيارة أجرة في جلال آباد لـ "العربي الجديد": "توقفت حياتي بالكامل بسبب مشكلة الكهرباء فتركت العمل في المدينة وجئت إلى كابول، حيث الطقس أفضل ولا يشهد حراً قاتلاً ورطوبة عالية.