واحات المغرب في مواجهة التهديدات وسط الإهمال وتغير المناخ

08 اغسطس 2024
واحة سكورة في جنوب شرق المغرب، 27 يناير 2020 (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحديات واحات المغرب:** تواجه واحات المغرب تهديدات كبيرة بسبب الجفاف والحرائق، مما أدى إلى تدهور بيئي واجتماعي. رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية" يشير إلى استنزاف المياه الجوفية واستغلال غير عقلاني، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً.

- **تحذيرات برلمانية ومبادرات مدنية:** برلمانيون وناشطون يطالبون الحكومة بإجراءات فورية لمكافحة الجفاف، وحركة "مغرب البيئة 2050" تحذر من تدمير واحات درعة، مع دعوات لتحقيقات وإجراءات عاجلة.

- **تدهور بيئي واقتصادي:** تغطي الواحات 15% من مساحة المغرب ويعيش فيها مليوني نسمة، لكنها شهدت تدهوراً ملحوظاً. تقرير "المعهد المغربي لتحليل السياسات" يحذر من انخفاض المياه الجوفية وإنتاج التمور، داعياً لتعاون شامل لإنقاذ الواحات.

حذّر ناشطون في مجال البيئة وبرلمانيون من التهديدات التي تواجه واحات المغرب اليوم، من جرّاء توالي سنوات الجفاف ونشوب حرائق فيها، وقد طالبوا الحكومة بالتدخل لإنقاذها. ويقول رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية (البيئية) من أجل التنمية والمناخ" مصطفى بنرامل إنّ "واحات المغرب تعيش اليوم بين مطرقة تغيّر المناخ وسندان توالي سنوات الجفاف والاستنزاف المفرط للمياه الجوفية والاستغلال غير العقلاني الذي يؤدّي إلى نشوب حرائق تلتهم الأخضر واليابس".

ويلفت بنرامل في حديثه إلى "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إلى أنّ واحات المغرب تكتسي أهمية على المستوى البيئي، بوصفها مواقع إيكولوجية ومواقع استقرار اجتماعي في الصحراء. لكنّه يرى أنّ هذه الواحات يبدو اليوم، بعد ستّ سنوات من الجفاف، أنّها لم تلقَ اهتماماً لإنقاذ المجال الصحراوي الطبيعي الذي تمثّله. ويوضح أنّ هذا المجال في حاجة إلى تدخّل من أجل حمايته من التصحّر وحماية مياهه الجوفية من الاستنزاف، سواء من خلال جلب المياه إلى الواحات بواسطة قنوات انطلاقاً من السدود القريبة، أو بواسطة المجاري المائية، أو عبر حفر ثقوب كبيرة من أجل تزويدها (الواحات) بمياه الشرب خصوصاً.

وقد بدا لافتاً أخيراً، إطلاق برلمانيين في الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى) تحذيرات بشأن التهديدات التي تتربّص بالواحات، في جنوب المغرب وفي جنوبه الشرقي، بسبب انخفاض المياه الجوفية واستمرار الحر الشديد. وقد طالب هؤلاء بإجراءات حكومية لمحاربة آثار الجفاف وإتاحة المجال أمام استمرارية واحات المغرب هذه.

في هذا الإطار، حذّر نائب برلماني عن حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" (معارضة) في سؤال شفوي وجّهه إلى وزير الفلاحة المغربي محمد صديقي، في شهر يوليو/ تموز المنصرم، من وضع صعب جداً تعيشه واحات المغرب في عدد من الأقاليم، في ظلّ غياب نظام سقي يحميها. أضاف أنّ أكبر واحات المغرب في درعة تشهد "موت آلاف الأشجار وهجرة آلاف الأسر"، منبّهاً إلى أنّه في حال عدم التدخّل سريعاً فإنّ الأوان قد يكون فات "لإنقاذ تراث إنساني".

وكانت حركة "مغرب البيئة 2050" قد دقّت، قبل أسابيع، ناقوس الخطر بشأن أوضاع واحات منطقة درعة، مشيرة إلى ما تتعرّض له من تخريب وتدمير إذ تحوّلت "حقول النخيل إلى أطلال ومقابر". وبيّنت أنّ ما يجري في تلك الواحات يمثّل جريمة إيكولوجية بكلّ المقاييس في حقّ هذا التراث الإنساني والحضاري والبيئي، ودعت إلى "فتح تحقيق بشأن ما تتعرّض له مع اتخاذ الإجراءات الاستعجالية لإنقاذ الواحات ومحاسبة كلّ من ساهم في هذا الوضع المأساوي".

من جهتها، كانت واحة تودغى في منطقة تنغير قد تعرّضت، في الرابع من يوليو/تموز المنصرم، إلى حريق هائل أتى على مساحات كبيرة من أشجار النخيل، الأمر الذي دفع ناشطين إلى إطلاق عريضة إلكترونية تحت شعار "الواحة أمانة"، وطالبوا بالتدخّل العاجل لحماية واحات المغرب من الحرائق المتكررة.

وتغطّي الواحات في المغرب 15% من إجمالي مساحة البلاد، ويُقدَّر عدد سكانها بنحو مليوني نسمة، أي ما يعادل 5% من مجموع سكان المغرب. وقد عرفت واحات المغرب تدهوراً لافتاً في العقدَين الماضيَين، ولا سيّما مع تراجع مستوى المياه الجوفية بمعدّل يتراوح بين 15 متراً مكعّباً و20 سنوياً، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج التمور بنسبة 34%، وفقاً لما جاء في تقرير أصدره "المعهد المغربي لتحليل السياسات" في الشهر الماضي.

وبينما حذّر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (حكومي)، في تقرير سابق له، من الاستغلال المفرط للموارد المائية في واحات المغرب، تشير معطيات رسمية حديثة إلى انخفاض متوسط هطول الأمطار في مناطق الجنوب الشرقي أو مناطق الواحات بنسبة تجاوزت 67% في السنوات الخمس الأخيرة. كذلك عرفت مستويات المياه الجوفية في واحات عديدة انخفاضاً بأكثر من 50 متراً في بعض المواقع، الأمر الذي أدّى إلى جفاف غير مسبوق في عدد كبير من الآبار والينابيع.

وانطلاقاً من هذه الأوضاع، يقول بنرامل لـ"العربي الجديد" إنّ "الأوان قد آن لنكون يداً واحدة في مواجهة تهديدات الواحات"، ويشمل ذلك بحسب رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" القطاعات الحكومية (مثل الوكالة الوطنية للمياه والغابات، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، وزارة التجهيز والماء، ووزارة الداخلية) والقطاع الخاص الذي يقدّم مساهمته انطلاقاً من مسؤوليته الاجتماعية والبيئية، والمجتمع المدني من خلال تدخّلاته، وكذلك السكان من خلال حثّهم على الاستقرار في الواحات والعمل من أجل تنميتها عوضاً عن هجرها وتركها للإهمال والنسيان. ويدعو بنرامل إلى رفع التحدّي وتوجيه استثمارات ودعم مالي لإنقاذ واحات المغرب وإعادة الاستقرار إلى سكان هذه المناطق.

المساهمون