أعلنت وزارة التربية العراقية اعتمادها آلية للحدّ من التدريس الخصوصي الذي عدّته ظاهرة تنتشر بشكل واسع في البلاد، مشيرة إلى أنّها تعدّ دورات تقوية خاصة بالتلاميذ لا تُعَدّ، بحسب مراقبين، كافية أمام المستوى التعليمي المتراجع في البلاد.
وفي بيان صادر في وقت متأخر من ليل أمس الجمعة، أفادت الوزارة بأنّها عمدت قبل أربعة أعوام إلى تنظيم دورات تقوية صيفية في مدارس المتميّزين في العراق ولجميع تلاميذ المدارس في مختلف المراحل، وهي "تفتح أبوابها أمام التلاميذ في بداية العطلة الصيفية وتخضع لضوابط وتعليمات الوزارة حصراً". وشرحت أنّ "الخطوة التي انتهجتها الوزارة تأتي للحدّ من ظاهرة التدريس الخصوصي بما ينعكس إيجاباً على تحسين مستوى التلاميذ وتقليل نسبة الرسوب".
أضافت وزارة التربية في بيانها نفسه أنّ في تلك الدورات "أساتذة ذوي كفاءة ويتمتعون بطريقة تدريس مميّزة" تمكّن التلاميذ من الاستيعاب، مشيرة إلى أنّها "حققت نجاحاً كبيراً وأسهمت في رفع المستوى العلمي للتلاميذ"، لا سيّما في الامتحانات الرسمية. وشدّدت على أنّ "وزير التربية حريص على ضمان مصالح التلاميذ وحقهم في الحصول على تعليم مناسب، يتوافق مع المعايير العلمية للخروج بنتائج إيجابية تعكس الصورة المضيئة من عمل المؤسسة التعليمية".
من جهتها، تقدّمت نقابة المعلمين العراقيين بمقترح لوزارة التربية بشأن الدروس الخصوصية. وقال نقيب المعلمين أمين عام، مساعد اتحاد المعلمين العرب، عباس كاظم السوداني، إنّ المقترح يقضي بالعمل على إنشاء معاهد تطوير في داخل المدارس يستفيد منها التلاميذ بعد انتهاء الدوام الرسمي، على أن يؤدّي عملية التعليم مدرّسون متقاعدون خبرتهم طويلة في المجال، وذلك بأسعار رمزية. أضاف السوداني أنّ "وزير التربية وعد بالعمل على المقترح، ونحن ننتظر التعليمات الخاصة من الوزارة إزاءه، في خلال الأيام المقبلة".
وكانت معاهد التدريس الخصوصي قد راحت تنشط في البلاد أخيراً، فيرى أولياء الأمور أنفسهم مضطرين إلى تسجيل أبنائهم بدورات تقوية فيها على الرغم من الأعباء المالية الكبيرة، وذلك بسبب "ضعف التعليم" في المدارس الحكومية.
ويقلّل أصحاب تلك المعاهد من أهمية الحلول والآليات المقترحة لإنهاء ظاهرة التدريس الخصوصي، ويرون أنّ الحلّ الوحيد يكمن في تطوير الواقع التعليمي في المدارس. ويقول باسل الحمامي، وهو صاحب معهد للتدريس الخصوصي في بغداد، إنّ "معاهدنا ساندة للمدارس، وهي تعمل وفق احتياجات التلميذ بالمواد التي يحتاج إلى دروس تقوية فيها".
يضيف الحمامي لـ"العربي الجديد" أنّ "المستوى التعليمي في المدارس صار ضعيفاً جداً، وقلّة الأبنية المدرسية أدّت إلى اعتماد نظام الدوامَين أو الدوامات الثلاثة في المدارس، في حين تضمّ القاعة الدراسية الواحدة نحو 50 تلميذاً في بعض الأحيان"، شارحاً أنّ "مثل هذه الأعداد تقلّل من قدرة المدرّس على شرح المادة بشكل صحيح، فضلاً عن أنّها تؤثّر على استيعاب التلميذ. كذلك فإنّ المدارس الحكومية تعاني كذلك من نقص في كوادر التعليم، إلى جانب أسباب أخرى أثّرت سلباً على المستوى التعليمي".
ويشدّد الحمامي على أنّ "الخلل القائم في هذا الإطار يحتاج إلى معالجات، وأنّ التلميذ في حال حصوله على مستوى تعليمي جيد في المدارس، فإنّه سوف يستغني عن الدروس الخصوصية بشكل تلقائي".
في هذا السياق، يرى أولياء أمور التلاميذ أنّ أصحاب معاهد التدريس الخصوصي استغلوا ضعف المستوى التعليمي في المدارس، ليحقّقوا أرباحاً مالية كبيرة تُلقى على كاهل العائلة العراقية. ويقول حازم الشيخلي لـ"العربي الجديد": "أُجبرت على تسجيل أبنائي الثلاثة في معاهد للتقوية، وبالتالي فأنا أتحمّل أعباء مالية باهظة جداً حتى يتمكّنوا من الحصول على مستوى تعليمي جيّد".
ويحمّل الشيخلي الحكومة ووزارة التربية "مسؤولية ذلك"، مشيراً إلى أنّهما "منحتا أصحاب المعاهد فرصة لاستغلال الظرف القائم، والمتاجرة بالتعليم". ويعيد "المستوى التعليمي في المدارس الضعيف جداً إلى أسباب كثيرة، في حين أنّ الوزارة لم توفّر أيّ حلول لذلك، الأمر الذي أجبرنا على اللجوء إلى المعاهد الخاصة لتدريس أبنائنا".