حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من تراجع المكاسب الثمينة التي تحققت بشق الأنفس في القضاء على زواج الأطفال، على الرغم من انخفاض معدلات هذه الممارسة خلال العقد الماضي، إلا أن الأزمات المتعددة، بما في ذلك الصراع والصدمات المناخية والتداعيات المستمرة لجائحة كوفيد -19، تهدد باستمرار الظاهرة.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، إن العالم غارق في أزمات تحطم آمال وأحلام الأطفال الضعفاء، وخاصة الفتيات اللواتي ينبغي أن "يصبحن طالبات، لا عرائس".
"العالم غارق في أزمات تحطم آمال وأحلام الأطفال الضعفاء، وخاصة الفتيات اللواتي ينبغي أن يصبحن طالبات، لا عرائس".
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) May 3, 2023
اليونيسف تحذر من انعكاس مكاسب القضاء على زواج الأطفالhttps://t.co/G554W9CyuN
وأضافت: "إن الأزمات الصحية والاقتصادية، والنزاعات المسلحة المتصاعدة، والآثار المدمرة لتغير المناخ، تجبر العائلات على البحث عن شعور زائف بالملاذ في زواج الأطفال".
ودعت إلى "بذل كل ما في وسعنا لضمان حقوقهن في التعليم وتمكينهن في الحياة".
من جهتها، أوضحت المعدّة الأساسية للتقرير كلوديا كابا لوكالة "فرانس برس": "لقد أحرزنا بلا شكّ تقدّماً على صعيد التخلي عن ممارسة زواج الأطفال، خصوصاً في العقد الماضي، لكنّ هذا التقدم ليس كافياً".
وأضافت: "إذا استمر العالم بنفس الوتيرة، فسيستغرق الأمر 300 عام حتى تقضي آخر دولة في العالم على زواج الأطفال". ولفتت كابا إلى أنّ "هذه الزيجات تتعلّق أساساً بالفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاماً".
مخاطر الزواج المبكر
وفي تقريرها، قالت المنظمة الأممية إن الفتيات اللواتي يتزوجن في مرحلة الطفولة يواجهن عواقب فورية ومستمرة. ومن غير المرجح أن يبقين في المدرسة، كما يواجهن مخاطر متزايدة للحمل المبكر، مما يزيد بدوره من مخاطر مضاعفات صحة الأطفال والأمهات والوفيات.
ويمكن لهذه الممارسة أيضا عزل الفتيات عن العائلة والأصدقاء، واستبعادهن من المشاركة في مجتمعاتهن، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في صحتهن النفسية ورفاههن.
وتساعد النزاعات والكوارث المتعلقة بالمناخ والتأثيرات المستمرة لكوفيد-19 لا سيما ارتفاع الفقر وصدمات الدخل والتسرب من المدرسة - في زيادة دوافع زواج الأطفال بينما تجعل من الصعب على الفتيات الحصول على الرعاية الصحية، التعليم والخدمات الاجتماعية ودعم المجتمع الذي يحميهن من زواج الأطفال.
"12 مليون بنت سنوياً"
واستناداً لأرقام التقرير، فإنّ "640 مليون بنت وامرأة يعشن اليوم تزوّجن أثناء طفولتهن، أو 12 مليون بنت سنوياً". وأضاف أنّ "نسبة الشابات اللواتي تزوّجن في مرحلة الطفولة تراجعت من 21 في المائة إلى 19 في المائة منذ إصدار آخر تقديرات قبل خمس سنوات".
وحذّر التقرير من أنّ "منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى - والتي توجد فيها ثاني أكبر حصة من المجموع العالمي للعرائس الطفلات (20 في المائة) - تحتاج إلى أكثر من 200 سنة لإنهاء هذه الممارسة بحسب المعدل الحالي للتقدم".
كذلك فإنّ "منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي أخذت تتخلّف عن الركب أيضاً، وهي على مسار سيجعل معدّل زواج الأطفال فيها ثاني أعلى معدل إقليمي في العالم بحلول عام 2030"، وفقاً للتقرير.
وفي منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، فقد "توقف التقدم فيهما بعد فترات من التقدّم المستمرّ"، بحسب يونيسف.
أما منطقة جنوب آسيا فهي، بحسب التقرير، "تواصل دفع التقليص العالمي لظاهرة زواج الأطفال وهي على مسار إنهاء هذه الظاهرة بعد حوالى 55 سنة".
ولفت التقرير إلى أنّ الهند التي "حقّقت تقدّماً قياسياً في العقود الأخيرة، ما زال يوجد فيها حوالى ثلث المجموع العالمي" من زيجات الأطفال.
وأكدت مديرة "يونيسف": "لقد أثبتنا أن التقدم في إنهاء زواج الأطفال أمر ممكن. يتطلب دعما ثابتا للفتيات والأسر الضعيفة. يجب أن نركز على إبقاء الفتيات في المدرسة والتأكد من حصولهن على الفرص الاقتصادية".