قبل نحو عام، أجبر الجيش المصري 120 عائلة على ترك قريتها السكادرة، التابعة لمركز الشيخ زويد، في محافظة شمال سيناء، بعد هجوم تعرضت له قواته هناك على يد أفراد من تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش". هجوم دفع الجيش إلى اتخاذ قرار بتهجير أهالي القرية من خلال سلسلة تدابير تمثلت في قطع المياه والكهرباء عنها، ثمّ استهدافها بقذائف مدفعية. غادر عدد من الأهالي القرية، ثم أصدر الجيش قراراً فرض على الجميع مغادرتها فوراً، من دون أخذ أيّ شيء من متعلقاتهم أو أثاث منازلهم، في حين لم يجرِ صرف أيّ تعويضات مالية أو عينية لهم، على الرغم من مرور عام كامل على معاناتهم.
يقول هاني محمد، أحد سكان القرية المهجرة لـ "العربي الجديد" إنّ 120 عائلة كانت تقطن في قرية السكادرة، تعيش اليوم في منازل بالإيجار في مدينة السادات في محافظة المنوفية (شمال العاصمة القاهرة في جنوب دلتا النيل) علماً أنّها لا تستطيع تأمين بدلات الإيجار. ولم تحصل على أيّ تعويضات مالية منذ تهجيرها، وسط إهمال لقضيتها من قبل الجهات الحكومية في شمال سيناء، التي تقول إنّها تعمل على صرف التعويضات بالترتيب في المناطق المهجّرة؛ في رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، من دون أيّ مراعاة لمعاناة العائلات المهجرة التي فقدت منازلها ومصدر رزقها في السكادرة.
وكان غالبية سكان القرية يعتاشون من مهنتي الصيد والزراعة. أما اليوم، فباتوا بلا عمل، ولا يستطيعون توفير قوتهم، بحسب محمد، الذي يضيف أنّ أساس الأزمة كان تحميل سكان القرية مسؤولية هجوم لداعش استهدف قوة للجيش المصري، فكأنّ أهل القرية هم من فعل ذلك، في حين تمكن أفراد التنظيم من تنفيذ هجومهم والانسحاب. وكانت النتيجة تهجير الأهالي من أرضهم.
يوضح أنّه جرى رفع كثير من الطلبات والرسائل والمناشدات إلى الجهات الحكومية لإنصافهم وإعطائهم جزءاً من حقوقهم ليتمكنوا من الاستمرار في الحياة، إلاّ أنّ كلّ هذه المناشدات لم تجدِ نفعاً، ما دفع سكان القرية إلى البحث عن وسائل أخرى للمطالبة بحقوقهم، لافتاً إلى أنّ هجمات "داعش" في السكادرة لم تنتهِ برحيل السكان. فخلال تدمير الجيش للمنطقة، هاجم التنظيم قواته مجدداً، وكذلك بعد الانتهاء من تهجير المنطقة وتدميرها، ما يعني أنّ خطة تهجير السكان لم توقف هجمات التنظيم، وبالتالي لا علاقة للسكان بهذه الهجمات. يضيف أنّ ذلك يستدعي مراجعة للقرار العسكري، وإنصاف السكان، والبحث عن مساكن بديلة لهم في مدينة الشيخ زويد، مشيراً إلى أنّ الجيش دمر أكثر من 120 منزلاً ومساحات واسعة من المزارع، بالإضافة إلى مدرستين، ووحدة صحية، ومسجدين، ومركزاً للشباب.
ويشكو مهجرو قرية السكادرة من ضعف الإجراءات الحكومية في إعطائهم التعويضات، التي تمثل جزءاً يسيراً من حقوقهم التي فقدوها نتيجة العمليات العسكرية لقوات الجيش، وهجمات تنظيم "داعش". ففي شمال سيناء، فقد آلاف المواطنين منازلهم ومزارعهم ومحالهم التجارية، نتيجة عمليات التهجير القسري التي تعرضوا لها في رفح التي دمرت بالكامل، وأطراف الشيخ زويد، خصوصاً المناطق الجنوبية والشرقية، بالإضافة إلى أطراف العريش حيث أنشئ حرم مطار العريش وكذلك الميناء. وهناك المتضررون من العمليات العسكرية في بئر العبد، غربي محافظة شمال سيناء.
إلى ذلك، يقول مصدر حكومي في مجلس مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد" إنّ قضية سكان قرية السكادرة موجودة على طاولة العمل في المجلس، لكنّها تحتاج إلى موافقة حكومية عليا لصرف أموال التعويضات التي تقدّر بملايين الجنيهات. وبسبب عدم وجود النازحين في نطاق مدينة الشيخ زويد أو المحافظة بشكل عام منذ تركهم لها، فإنّ الضغط على الجهات المعنية أضعف من جانب المتضررين الذين يحق لهم المطالبة بتعويضات، خصوصاً أولئك الذين ما زالوا يقطنون في مناطق متفرقة من المحافظة وليس خارجها.
يضيف أنّ القرار العام يقضي بصرف تعويضات لكلّ مواطن تضرر بشكل مباشر من عمليات الجيش المصري خلال مواجهة الجماعات المسلحة في نطاق محافظة شمال سيناء. بالتالي، فإنّ لسكان قرية السكادرة الحق في المطالبة، وفي نفس الوقت، الانتظار ريثما يحين موعد صرف تعويضاتهم التي قد تتأخر أشهراً طويلة نتيجة الضغط الحاصل على صندوق التعويضات في المحافظة، في ظل كثرة المتضررين من العمليات العسكرية المستمرة منذ عام 2013، والتي طاولت مناطق واسعة، بما يشمل تعويضات منازل ومزارع، بخلاف تعويضات الخسائر البشرية.