في الذكرى المئتين لإلغاء تجارة الرقيق عبر الاطلسي، يجتمع رؤساء 15 دولة من دول الكاريبي في جزيرة سانت فنسنت، لكشف النقاب عن خطة تجبر الدول التي دعمت واستفادت من الانشطة غير الانسانية لتجارة الرقيق، زمن العبودية، على دفع تعويضات للمتضررين.
وفي مقابلة مع صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، صرح السير هيلاري بيكلز، الذي يرأس فرقة العمل المكلفة بالخطة، بأن الخطة ستحدد نقاط الحوار ومعالجتها مع الدول التي ساهمت في انتعاش تجارة الرقيق سابقاً، كالمملكة المتحدة وفرنسا واسبانيا والبرتغال وهولندا والنرويج والسويد والدنمارك. ورفض الادعاءات بأن دول الكاريبي تحاول الحصول على مبالغ طائلة من دافعي الضرائب الأوروبيين.
وأصرّ السير بيكلز على أن المال لم يكن الهدف الرئيسي لهذه الخطة، وأن ما يروج له الاعلام البريطاني بتدفّق المليارات من أوروبا على دول الكاريبي ليس صحيحاً، بل هو تعويض على الذين لا يزالون يعانون الاذى من العبودية التي فُرضت عليهم من قبل تجار الرقيق الاوروبيين، وأن تجار الرقيق سلبوا القارة الافريقية شعبها وتسببوا في اضطهاد ظالم قاده الطمع والسياسة التوسعية اللذين تجلّيا في نظام استعماري جعل القارة فقيرة ومحرومة لعقود.
وأضاف: "إن النقطة الرئيسية في طلب التعويضات لا تُمثّل، في أي حال، طلب صدقة مالية لأبناء مَن أصبحوا عبيداً حينها، وانما فتح حوار بين الدول التي أصبحت غنية، نتيجة جريمة تجارة الرقيق والعبودية البشعة، لتحفيزها على قيام استثمارات كبيرة لتنمية الموارد البشرية في الدول التي تضررت جراء تلك الجريمة".
ومن بين بنود تلك الخطة:
ـ تقديم المساعدة الدبلوماسية للوساطة بين الدول الافريقية، مثل غانا وإثيوبيا، لتقديم المواطَنة للكاريبين الذين قرروا العودة إلى تلك الدول. ويذكر أن 30.000 شخص عادوا إلى أفريقيا ويعيشون أوضاعاً اقتصادية لا بأس بها، لكن عدم وجود حقوق المواطَنة لأبنائهم لا يزال يشكل صعوبات في طريقة تعايشهم واندماجهم داخل تلك البلدان.
ـ وضع استراتيجية للتنمية للمساعدة في تحسين حياة المجتمعات الفقيرة في منطقة البحر الكاريبي التي لا تزال تعاني من آثار العبودية.
ـ دعم التبادل الثقافي بين منطقة البحر الكاريبي وغرب أفريقيا لمساعدة الناس في منطقة البحر الكاريبي المنحدرين من أصل أفريقي على إعادة بناء إحساسهم بالتاريخ والهوية.
ـ بدء تشغيل محركات محو الأمية، التي توقفت منذ فترة، بهدف تحسين مستويات التعليم المتدنية بشكل كبير في معظم مناطق البحر الكاريبي.
ـ تقديم المساعدة الطبية للمناطق التي تشهد مستويات عالية من الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري من نوع "2"، وكذا الامراض التي نتجت عن العبودية، بالاضافة إلى الطلب الرئيسي الذي دعت إليه دول الكاريبي عام 2007 أمام الجمعية العامة للامم المتحدة والذي يقضي بتقديم اعتذار رسمي وقاطع لأبناء العبيد السابقين الذين جُلبوا الى دول الكاريبي والاميركيتين، والتكفير عن ذلك على شكل تعويضات.
وكان رئيس وزراء سانت كيتس ونيفيس، دينزيل إل. دوغلاس، قد قال في كلمة له أمام الجمعية لمناسبة الذكرى الـ200 لإلغاء تجارة الرقيق عبر الاطلسي آنذاك: "لا شك أن هذه الدول تقدمت على دماء وعرق ودموع أجدادنا الذين تم استرقاقهم، وإن الشيء الوحيد الصحيح واللائق للقيام به، هو معالجة ذلك وتقديم اعتذار لهم في شكل تعويضات عن الدعم القانوني والاقتصادي والاعمال الوحشية التي تمثلت في تجارة الرقيق والعبودية آنذاك".
واضاف دوغلاس: "لا يمكن لأي دولة شاركت في تجارة الرقيق والعبودية أن تزعم دعمها لحقوق الانسان دون تقديم اعتذار رسمي أولاً، والتكفير عن ذلك في شكل تعويضات. فقط في ضوء تلك الظروف، يمكن لأبناء الرقيق أن يعفوا بحق، وان يمضوا قدماً في ذلك العالم".
ولا يزال الشعب الكاريبي، من أبناء الرقيق، يعاني من شبح التراث الممزوج بالاهانة والمعاناة، الذي يقف بينهم وبين عبور الحاجز المليء بالكراهية والتعصّب والتمييز والتكبُّر العرقي والطبقي والغطرسة الفكرية والتشويه الثقافي الذي يمثّل ميراث الماضي المخيف.