ترسُم صحيفة "لاكَرْوا" الفرنسية، في عدد الثلاثاء 15 أبريل/نيسان صورة قاتمة عن ظروف العبادة لدى الفلسطينيين، من مسيحيين ومسلمين، في الأراضي المقدسة. وتذهب إلى أنّه منذ 2009 تعرض أكثر من ثلاثين موقعاً دينياً للاعتداء. وتذهب أيضاً إلى أن المتهمين الرئيسيين ينحدرون من الأوساط اليهودية المتطرفة. وأن السلطات الإسرائيلية تتساهل معهم، مما يجعل مسألة توقف هذه الاعتداءات ليس قريباً في المدى المنظور.
وتقدم الصحيفة مثالا على الالتحام المسيحي الإسلامي في أرض فلسطين من خلال كون الاعتداءات تشملهما معاً، وسط تأكيد من غلاة اليهود المتطرفين أنه لا فرق بين المسيحيين والمسلمين. إنهم جميعا "أغيار".
في الأول من شهر أبريل/نيسان الجاري تعرض دير رافات، وهو دَير كاثوليكي، مُكرَّس لـ"مريم، ملكة فلسطين"، بالقرب من بيت شيمش، غرب القدس، لاعتداء من قبل مخرّبين، وعلى جدرانه تُرِكَت كتابات مشينة: "المسيح قرد، ومريم بقرة"، باللغة العبرية، وثقبت في الاعتداء إطارات ثلاث سيارات. بعدها بيومين جاء دورُ قرية الجش المارونية بالقرب من صفد، حيث ثُقِبت إطارات سيارات وتُرِكت شعارات: "وحدهم غير اليهود مَن يَجِب ترحيلُهُم من بلدنا".
لكن الشرطة الإسرائيلية تتحدث، بحذر، عن عدم معرفتها اليقينية بالمسؤولين عن هذه الأعمال، وترى أن الصراعات بين المسيحيين أنفسهم ليست بعيدة، أحياناً: "إن كثيراً من التحقيقات مفتوحة ولكننا لم نتوصل إلى روابط في ما بينها. اعتُقِل الكثيرون وتم التحقيق معهم ثم أطلق سراحهم. اليمين الإسرائيلي المتطرف مُتَّهَم هو الآخر، لكننا علمنا أيضاً في الماضي أن توتراتٍ حدثت بين الجماعات المسيحية في المدينة القديمة من القدس". ويرى الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكي روززنفيلد، أنه لا يمكن الحديث عن "ظاهرة معادية للمسيحية"، بل عن "حوادث دقيقة".
ولكن مع ذلك فإن الأعمال المعادية للمسيحيين تضاعفت، خصوصاً خلال الأشهر الأخيرة. في شهر أغسطس الماضي ألقيت قنبلة حارقة على الدير الكاثوليكي قي بيت جمال بالقرب من بيت شيمش حيث تتنسك راهبات بيت لحم. وهنا أيضاً وجدت شعارات مكتوب عليها: "الموت للأغيار" و"الانتقام". وهذه الشعارات نفسها كُتِبت في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2012 على جدران كنيسة معمدانية وعلى مدخل دَيْر فرنسسكاني في جبل صهيون، ومرتين على دير وادي الصليب. ووصل الأمر أيضاً إلى إحراق باب دير اللطرون، على بعد 20 كيلومتراً من القدس.
ويحرص المهاجمون في كل مرة على ترك توقيعهم: "جباية الثمن"، وهو شعار المستوطنين المتشددين، الذين تتلخص سياستهم في الاعتداء على كل من يقف في وجه مُصادرة الأراضي الفلسطينية. ابتداءً من الفلسطينيين، ضحايا "الحملات العقابية"، والذين تتعرض أشجارهم من الزيتون ومزروعاتهم للقلع أو الحرق في حين تتعرض آبارُهُم ومساجِدُهُم للتخريب. ويعترف أحد هؤلاء اليهود المتطرفين السابقين في كِتابٍ له بأن هذه الطائفة "تستلهم تعاليم حاخاماتٍ يكرهون العرب ويعلمونهم طرد هؤلاء عن طريق حربِ دياناتٍ من أجل التعجيل بقدوم الزمن الميسياني/الخلاصي وتأمين سيطرة الشعب اليهودي على أرض إسرائيل".
وعلى الرغم من التصريحات الرسمية الإسرائيلية المُدينة لهذه الأفعال "المخالفة، جوهرياً، للعقل اليهودي"، على حد قول الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس، فإن التخريب مُتواصِلٌ، ويبدو أنه "يتمتع" بسياسة "الإفلات من العقاب"، بل وأيضاً من بعض التسامح من السلطات الإسرائيلية. ويرى غادي غفرياهو، رئيس ائتلاف المنظمات المناهضة لجرائم الكراهية والعنصرية في إسرائيل، وهو ائتلاف يضم 42 منظمة علمانية ودينية أن "هؤلاء المتطرفين اليهود يريدون تشييد جدار بين مختلف الطوائف الدينية والتسبب في حرب. وبالنسبة لهم لا فرق بين المسيحيين أو المسلمين".