يُطلق عليهم اسم "نازحو عام 1967"، وهم فلسطينيون كانوا قد أقاموا على أرض فلسطين قبل هذا العام. لكن النكسة دفعتهم إلى الخروج والهرب إلى عدد من الدول العربية. مكث بعضهم فيها سنوات طويلة، فيما عاد آخرون إلى أوطانهم بعد الغربة لكن من دون هوية.
بعدها، صار عدد كبير منهم يعاني من التهميش، علماً أنهم لا يستطيعون التعلّم أو العمل في الوظائف الحكومية أو السفر إلى الخارج أو حتى التوجه إلى الضفة الغربية. يعيشون في "سجن غزة"، كما يصفونه. وحتى لو فك الحصار، فسيظلّون مسجونين حتى يحصلوا على الهوية الفلسطينية الخضراء.
من أكثر متضرري الحرمان من الهوية وفاء أبو حجاج التي تعمل صحافية. كانت هي وعائلتها يحملون وثيقة سفر مؤقتة تُمنح للحاصلين على إقامات داخل الدول العربية، والذين لا يحملون هوية. سافرت مع عائلتها إلى غزة بعد الحصول على تصريح زيارة مدته ستة أشهر. والدها الذي تقاعد في السعودية لم يستطيع الدخول بعد الانسحاب الإسرائيلي وتسليم المعابر، ما اضطره للانتظار حتى عام 2008.
في وقت لاحق، عانت العائلة بسبب عدم تمكن والدها من العلاج في الخارج، وإجراء عملية. تقول إنه "في غزة الإمكانات قليلة، عدا عن كونه لا يتمتع بتأمين صحي بسبب عدم حمله الهوية". أيضاً، حرمت من الحصول على فرصة عمل ومتابعة دراستها في الخارج، فيما منعت والدتها من زيارة أمها التي توفيت في الأردن. توضح لـ "العربي الجديد": "سعيت إلى التواصل مع الشؤون المدنية، وكتبت رسالة إلى الرئاسة الفلسطينية من دون أي نتيجة".
تتساءل وفاء: "كيف أعيش في بلدي الذي لا يعترف بي، علماً أنه في الضفة الغربية، تصدر طلبات لمّ الشمل؟ لكن ربما، بسبب وجود حكومة حماس، نحن غير معترف بنا". تحلم أن تحمل الهوية فلسطينية كباقي زميلاتها في العمل، وتتمكن من الحصول على حقوقها في العلاج والدراسة والعمل.
وتتشابه قصة عائلة مقداد مع عائلة وفاء. هذه العائلة التي عاشت أعواماً طويلة في ليبيا قبل أن تعود إلى غزة هرباً من الأحداث الليبية عام 2011، لا تحمل الهوية الفلسطينية أيضاً. كان الجد الأكبر مؤمن مقداد قد هاجر إلى ليبيا بعد مشاركة الجيوش العربية في الحرب. واستقر في ليبيا بعدما رفض العيش في ظل الاحتلال.
وتعاني سهير مقداد (65 عاماً) من مرضي السكري والضغط. لا تحصل على مساعدة من الحكومة أو وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). شهرياً، تقدم جمعيّة خيرية الأدوية اللازمة لها، لأن العيادات الحكومية ترفض علاجها كونها لا تتمتع بصفة المواطنة. تقول لـ "العربي الجديد": "لم أعد أخاف بعد ما كبرت. وأؤمن بقدري، لكن أخاف على أحفادي الصغار وأبنائي. إذا مرض أحدهم فلن يستطيع الحصول على العلاج إلا في مستشفى خاص".
إلى ذلك، يرفض عدد كبير من المدارس الحكومية والتابعة للوكالة، استقبال تلاميذ من دون هوية، وإن كان هناك استثناءات بسبب عدم تمكن بعض العائلات من دفع رسوم المدارس الخاصة، على غرار أحمد مقداد (35 عاماً). فقد وافقت الوكالة على تسجيل ابنتيه في مدارسها.
يقول لـ "العربي الجديد": "بعدما استقررنا في غزة، لاحظت أن عدداً كبيراً من الذين تتشابه معاناتهم مع معاناتنا يسجلون أبناءهم في مدارس خاصة، التي تصل كلفتها إلى 800 دولار في السنة. ولأنني لا أستطيع تأمين المبلغ، تقدمت بطلب لإدارة الوكالة لتسجيل ابنتيّ، فوافقت بعد التأكد من وضعي الاقتصادي.
وكانت معاناة هذه العائلات قد بدأت في الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، حين اندلعت الحرب بين الاحتلال والجيوش العربية، ما أدى إلى نزوح 300 ألف شخص من قطاع غزة والضفة الغربية، وفق إحصائيات فلسطينية. وألغت السلطات الإسرائيلية أسماء هؤلاء من السجل المدني الفلسطيني، وما زال عشرات الآلاف في الخارج لا يحملون إلا إقامة. فيما حصل بعض الذين عادوا على هوية بعد سنوات من الانتظار.
وتجدر الإشارة إلى أن عراقيل عدة تقف في وجه هذه العائلات. في عام 2000، جمّدت دولة الاحتلال اجراء التعديلات على السجلات التي في حوزتها. ومنذ ذلك الوقت، لا تعترف بالتغييرات التي تجريها السلطة الفلسطينية. واليوم، تسمح السلطة بتسجيل الولادات والوفيات فقط واستبدال البطاقات البالية. ونتيجة لذلك، فإن السلطة في الضفة الغربية أو حركة "حماس" في قطاع غزة عاجزة عن إصدار بطاقات هوية للسكان، وتصديق طلبات لمّ الشمل.
إقرأ أيضاً: الحياة في علبة سردين
بعدها، صار عدد كبير منهم يعاني من التهميش، علماً أنهم لا يستطيعون التعلّم أو العمل في الوظائف الحكومية أو السفر إلى الخارج أو حتى التوجه إلى الضفة الغربية. يعيشون في "سجن غزة"، كما يصفونه. وحتى لو فك الحصار، فسيظلّون مسجونين حتى يحصلوا على الهوية الفلسطينية الخضراء.
من أكثر متضرري الحرمان من الهوية وفاء أبو حجاج التي تعمل صحافية. كانت هي وعائلتها يحملون وثيقة سفر مؤقتة تُمنح للحاصلين على إقامات داخل الدول العربية، والذين لا يحملون هوية. سافرت مع عائلتها إلى غزة بعد الحصول على تصريح زيارة مدته ستة أشهر. والدها الذي تقاعد في السعودية لم يستطيع الدخول بعد الانسحاب الإسرائيلي وتسليم المعابر، ما اضطره للانتظار حتى عام 2008.
في وقت لاحق، عانت العائلة بسبب عدم تمكن والدها من العلاج في الخارج، وإجراء عملية. تقول إنه "في غزة الإمكانات قليلة، عدا عن كونه لا يتمتع بتأمين صحي بسبب عدم حمله الهوية". أيضاً، حرمت من الحصول على فرصة عمل ومتابعة دراستها في الخارج، فيما منعت والدتها من زيارة أمها التي توفيت في الأردن. توضح لـ "العربي الجديد": "سعيت إلى التواصل مع الشؤون المدنية، وكتبت رسالة إلى الرئاسة الفلسطينية من دون أي نتيجة".
تتساءل وفاء: "كيف أعيش في بلدي الذي لا يعترف بي، علماً أنه في الضفة الغربية، تصدر طلبات لمّ الشمل؟ لكن ربما، بسبب وجود حكومة حماس، نحن غير معترف بنا". تحلم أن تحمل الهوية فلسطينية كباقي زميلاتها في العمل، وتتمكن من الحصول على حقوقها في العلاج والدراسة والعمل.
وتتشابه قصة عائلة مقداد مع عائلة وفاء. هذه العائلة التي عاشت أعواماً طويلة في ليبيا قبل أن تعود إلى غزة هرباً من الأحداث الليبية عام 2011، لا تحمل الهوية الفلسطينية أيضاً. كان الجد الأكبر مؤمن مقداد قد هاجر إلى ليبيا بعد مشاركة الجيوش العربية في الحرب. واستقر في ليبيا بعدما رفض العيش في ظل الاحتلال.
وتعاني سهير مقداد (65 عاماً) من مرضي السكري والضغط. لا تحصل على مساعدة من الحكومة أو وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). شهرياً، تقدم جمعيّة خيرية الأدوية اللازمة لها، لأن العيادات الحكومية ترفض علاجها كونها لا تتمتع بصفة المواطنة. تقول لـ "العربي الجديد": "لم أعد أخاف بعد ما كبرت. وأؤمن بقدري، لكن أخاف على أحفادي الصغار وأبنائي. إذا مرض أحدهم فلن يستطيع الحصول على العلاج إلا في مستشفى خاص".
إلى ذلك، يرفض عدد كبير من المدارس الحكومية والتابعة للوكالة، استقبال تلاميذ من دون هوية، وإن كان هناك استثناءات بسبب عدم تمكن بعض العائلات من دفع رسوم المدارس الخاصة، على غرار أحمد مقداد (35 عاماً). فقد وافقت الوكالة على تسجيل ابنتيه في مدارسها.
يقول لـ "العربي الجديد": "بعدما استقررنا في غزة، لاحظت أن عدداً كبيراً من الذين تتشابه معاناتهم مع معاناتنا يسجلون أبناءهم في مدارس خاصة، التي تصل كلفتها إلى 800 دولار في السنة. ولأنني لا أستطيع تأمين المبلغ، تقدمت بطلب لإدارة الوكالة لتسجيل ابنتيّ، فوافقت بعد التأكد من وضعي الاقتصادي.
وكانت معاناة هذه العائلات قد بدأت في الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، حين اندلعت الحرب بين الاحتلال والجيوش العربية، ما أدى إلى نزوح 300 ألف شخص من قطاع غزة والضفة الغربية، وفق إحصائيات فلسطينية. وألغت السلطات الإسرائيلية أسماء هؤلاء من السجل المدني الفلسطيني، وما زال عشرات الآلاف في الخارج لا يحملون إلا إقامة. فيما حصل بعض الذين عادوا على هوية بعد سنوات من الانتظار.
وتجدر الإشارة إلى أن عراقيل عدة تقف في وجه هذه العائلات. في عام 2000، جمّدت دولة الاحتلال اجراء التعديلات على السجلات التي في حوزتها. ومنذ ذلك الوقت، لا تعترف بالتغييرات التي تجريها السلطة الفلسطينية. واليوم، تسمح السلطة بتسجيل الولادات والوفيات فقط واستبدال البطاقات البالية. ونتيجة لذلك، فإن السلطة في الضفة الغربية أو حركة "حماس" في قطاع غزة عاجزة عن إصدار بطاقات هوية للسكان، وتصديق طلبات لمّ الشمل.
إقرأ أيضاً: الحياة في علبة سردين