"تجربة هي الأولى من نوعها في تاريخ مقاطعة عفرين، وسورية ككل، التي تتولى فيها امرأة تنظيم المرور، وسير المركبات، وتطبيق القانون والمخالفات المرورية بحق السائقين المخالفين"، هذا ما قالته شيرين قضيب البان، رئيسة لجنة شرطة المرور النسائية في المدينة السورية.
وأوضحت البان، أن عملها الذي يعد ظاهرة فريدة وجديدة تشهدها شوارع المدينة التي تديرها "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، المعلن عنها مطلع عام 2014 من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي ومجموعة من الأحزاب والتنظيمات الكردية والعربية والسريانية في مناطق "روج آفا" (تسمية يعتمدها الأكراد للمناطق ذات الغالبية الكردية شمال وشمال شرق سورية) بعد انسحاب النظام السوري منها.
وأشارت إلى أنه "بعد دورة تدريبية استمرت 3 أشهر على يد مختصين، بدأت شرطة المرور النسائية عملها في شوارع عفرين، والتي تتبع مركز شرطة المرور المرتبط بالإدارة العامة للآسايش (الأمن الكردي)، حيث يبلغ عدد أفراد شرطة المرور في المدينة 24 عنصراً، بينهم 4 شرطيات، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الإناث خلال الأشهر القادمة".
رانيا محمد، واحدة من الشرطيات الأربع اللواتي يمثلن باكورة التجربة، تقول "في البداية واجهتنا بعض الصعوبات من حيث التقبل الاجتماعي، فكانت نظرات الاستغراب والتعجب ترتسم على وجوه بعض السائقين والمواطنين للوهلة الأولى عندما كانت شرطية (امرأة) تستوقفهم أو توجه مسار سيرهم".
وتضيف "لم يلبث الأمر طويلاً حتى بدأت الاستجابة والتفاعل الإيجابي معنا، فأغلب السائقين والمارة يقدرون جهودنا في خدمة مجتمعنا ويتعاونون معنا، ولا ننسى أن نسبة السائقات الإناث مرتفعة في المدينة، حيث تقارب 40 في المائة".
وعن ردود أفعال الشارع في عفرين حول هذه التجربة، يلفت مروان حمو (سائق حافلة) "أعمل سائقاً منذ 25 عاماً، ولم يصادف أن رأيت امرأة تقوم بتنظيم السير، حيث كان عمل شرطة المرور حكراً على الرجال". ويستدرك "إنّ مشاركة المرأة الكردية في الشأن العام ليست بالأمر الجديد، فرئاسة حكومة (المقاطعة) لدينا تتولاها امرأة، كذلك هناك المقاتلات اللواتي يحاربن في الصفوف الأمامية ضد "داعش"، لذا نقدر جهود وتضحيات شرطة المرور النسائية؛ لأنهن يظهرن الوجه الحضاري لمجتمعنا".
أما سليمان العلي، وهو سائق مركبة عمومية، فيقول "بالرغم من أنني شخصياً لا أفضل قيام المرأة بهكذا مهام قد تعتبر صعبة وشاقة من حيث ساعات الوقوف الطويلة تحت الشمس أو المطر، أو قد لا يتقبلها مجتمعنا الشرقي، لكن كلمة حق تقال فإن الشرطيات العاملات الآن في مدينة عفرين، مهنيات ويقمن بتنظيم السير بشكل جيد ومتميز، لا يقل عن شرطة المرور من الرجال".
من جهتها، تؤكد نسرين حسين "لا يختلف الأمر كثيراً عندي عندما أقوم بقيادة سيارتي الخاصة، فسواء أكان الشرطي امرأة أم رجلاً يجب تطبيق القانون وقواعد السلامة المرورية، لكن بالرغم من ذلك يبقى التعامل مع امرأة شرطية أفضل من الجانب النفسي".
يذكر أنّ مدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية، تقع في أقصى شمال غرب سورية، وهي تبعد عن حلب مسافة 60 كلم، ويبلغ عدد سكانها قرابة 700 ألف نسمة، وارتفع العدد إلى نحو مليون نسمة مع لجوء أعداد كبيرة إليها من مناطق سورية أخرى، كونها لا تتعرض عادة لقصف من قبل قوات النظام السوري.
اقرأ أيضاً: المساواة... ليست مطلباً نسائياً بل ضرورة إنسانية