وظلت كلمة حرامي أو حرامية طيلة الفترة الماضية التي أعقبت الاحتلال واحدة من بين أكثر عشر كلمات تداولاً بين الشعب العراقي، بحسب مراكز دراسات بحثية. غير أنها لم تكن تطلق على اللصوص الذين يسرقون المنازل والمتاجر بل على السياسيين وأعضاء الأحزاب التي جاءت مع الدبابة الأميركية وساعدت في احتلال العراق ثم نهب أغلب ثروات شعبه.
وبحسب إعلان الحرامي على صفحته الرسمية "أمداك"، وهي لفظه عامية عراقية تعني الزجر والشتم قال فيها: "السلام عليكم شباب إني اشتغل حرامي والشغل مو عيب اشتغلت هالشغله من الماكو والعوز ومحتاج عامل وياي والأجور حسب الرزق والتساهيل".
وعن مواصفات مساعد حرامي يقول: "العمر 12-30، ناعم ضعيف سهل الحركة سريع، ذكي شاطر، صاحب أخلاق ومو يومين ويطفر".
أما مواصفات وظيفة مساعدة الحرامي فيحددها كالآتي: "محتاج بنيه تكون أمينة، أخلي الفلوس يمها، تكون ذكيه بالحساب ومتواجده شْوَكت (في أي وقت) ماحتاجها".
وأنهى الحرامي الإعلان بتوقيعه، كتب اسمه باللغة الإنكليزية (أحمد حسين). وبعد نشره الإعلان بأيام قليلة، نشر الحرامي صوراً لسرقات قال إنها لمساعده ومساعدته الجديدين ببغداد، ومن ضمنها أجهزة كهربائية، ومصوغات ذهبية، وأجهزة إلكترونية مختلفة.
الحرامي الذي يضع قناعاً على وجهه في صورته التعريفية، ردّ على عدد من مهاجميه في أحد التعليقات بقوله "أنا أشرف من السياسيين ومدعي الدين. على الأقل أنا لا أسرق الفقراء وهم يسرقونهم ثم يذبحوهم... نعم أنا حرامي".
ويبدي الكثير من الشباب إعجابهم بصفحة الحرامي على فيسبوك، ووصل عددهم إلى 17 ألفاً، في الوقت الذي مثل فيه ظاهرة حية ودليلاً على انعدام الأمن والقانون والنظام، وواقع قوات الأمن العراقية ومدى الانفلات الأمني.
ويقول الضابط المتقاعد في الجيش العراقي، عمار المهداوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، يُقال إنه لا توجد جريمة كاملة، وإن المجرم يترك وراءه دليلاً ولو صغيراً يكشف هويته ويرشد الشرطة إلى طريقه.
ورأى أن إعلان هذا اللّص عن نفسه عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، دليل على انعدام وجود أي قانون، وأن اللص أو القاتل بإمكانه فعل ما يشاء وفي الوقت الذي يشاء من دون أن يحاسبه أحد. وهذا واحد من أوجه الجريمة والسرقة المنتشرة في العراق، والتي يتم أغلبها على يد بعض المتورطين في السرقة من رجال الأمن، والتي تتستر عليها الشرطة والجيش المكلف بحماية بغداد.
وأضاف المهداوي أن السرقة في العراق أصبحت منظّمة يقودها بعض رجال الأمن، وأن السارق العادي لم يعد يبالي بأية عقوبة؛ لأنه لا يوجد من يحاسب أو يعاقب، فالفوضى تعم البلاد، وإن قدمت شكوى ضد اللص ووصل هذا اللص إلى مراكز الشرطة، فذلك يعني أن الإفراج قريب بعد دفع رشاوى إلى عناصر الشرطة، بسبب الفساد المالي والأخلاقي.
من جهته، قال سلمان العزاوي (45 عاماً) صاحب محل لبيع المواد الغذائية، إن اللص في العراق محمي من قبل عشيرته، أو بعض المنتفعين من عمله من السياسيين، خصوصاً إذا كان هذا اللص يعمل في أحد أجهزة الدولة الأمنية، أو تابعاً لها، ولا يمكن لأي مواطن يتعرض للسرقة أن يقدم شكوى ضد السارق، خوفاً من أن ينعكس الأمر على الشخص المسروق وملاحقته وإيذائه بدلاً من اللّص السارق.
وذكر العزاوي قصة بيت جيرانه الذي تعرض للسرقة، وقال: "بعد مشاهدة جاري للحرامي في بيته، أطلق عليه النار وأصابه برصاصةٍ في ساقه، ما أدى إلى إصابتها بكسور. فتوجهت عشيرة الحرامي إلى بيت جاري المسروق، مطالبينه بدفع دية عمّا اقترفه بحق ابنهم الحرامي، وبعد مداولات في فصل عشائري أقامته عشيرة الحرامي مع جيراني، قام الأخير بدفع مبلغ مالي لـ(الحرامي) يزيد على قيمة أثاث بيته".
وحصد منشور الحرامي خلال أقل من 24 ساعة 6578 إعجاباً و12964 تعليقاً، و1652 مشاركة، وجاءت أغلب التعليقات ساخرة، بينما كانت بعض التعليقات تضع اللوم على ما آلت إليه البلاد من فوضى، فيما أبدى بعضهم استعداده للتفاوض مع الحرامي والعمل معه بعد انتهاء شهر رمضان المبارك.
اقرأ أيضاً: العراق.. "المكبسل" شباب غارق في الأزمات