يهدد تلوث البيئة والهواء حياة الملايين من سكان أفغانستان، خصوصاً في المدن الأكثر ازدحاما كالعاصمة كابول وجلال آباد وهرات ومزار.
ويقول الأطباء والمختصون في مجال البيئة إنّ "الأمراض الناجمة عن تلوث البيئة والهواء، كالالتهاب الرئوي والربو والتهاب الكبد الوبائي تنتشر بسرعة فائقة في أوساط المواطنين". ويعود ذلك إلى غياب أيّ نوع من الاهتمام بالمشكلة التي تؤدي إلى موت آلاف الأفغان سنويا، بحسب الإحصائيات الطبية الحديثة. كما يجبر ضعف القطاع الصحي المرضى على السفر إلى الدول المجاورة كالهند وباكستان، بهدف تلقي العلاج.
وفي العاصمة كابول يؤكد الأطباء أنّ "70 في المائة من الأمراض المعدية سببها تلوث الهواء والبيئة". وتشير وزارة الصحة إلى أنّ "الآلاف من سكان كابول يلقون حتفهم سنويا بسبب التلوث، وذلك رغم بذل الحكومة الأفغانية في السنوات الأخيرة جهوداً، لا بأس بها، للقضاء على التلوث، والاهتمام بنظافة المدينة قدر الإمكان". يأتي ذلك في ظل ضعف الميزانية الخاصة بحماية البيئة في البلاد. وتؤكد وزارة الصحة أنّ "ضعف الوسائل والنقص في عدد الموظفين، يعرقلان الجهود التي تبذل للقضاء على المشكلة المستفحلة".
من جهته، يوضح المسؤول في بلدية كابول نثار أحمد حبيبي أنّ "البلدية تعمل ليلاً نهاراً، بوسائلها المحدودة، للتصدي لتلوث الهواء والبيئة. وهي تجمع على مدار الساعة أكثر من خمسمائة طن من القمامة من مختلف أنحاء العاصمة. لكنها غير قادرة على تنظيف المدينة بشكل كامل لضعف الوسائل التي تملكها".
ويطالب نثار الحكومة الأفغانية بإيلاء المزيد من العناية والاهتمام بهذا الجانب. ويشير إلى انتشار الأمراض الناجمة عن هذه المشكلة كالكوليرا والربو وأمراض العيون والسرطان وغيرها.
في مدن أخرى، كجلال آباد عاصمة إقليم ننجرهار، شرق أفغانستان، وهرات في غرب البلاد، الوضع أكثر سوءا. فالحكومة أنفقت هناك مبالغ ضخمة على مشاريع لم تقدم أيّ نتائج ملموسة في مجال حماية البيئة. ويقول نظيف الله، وهو أحد سكان جلال آباد: "البلدية فشلت تماماً، وسكان المدينة يعانون جدا من تلوث الهواء والبيئة، فقد باتت النفايات منتشرة في كلّ الشوارع".
في الآونة الأخيرة، تعهدت الحكومة الإيرانية بدعم أفغانستان في مجال حماية البيئة من التلوث. وأعلنت نائب الرئيس الإيراني معصومة ابتكار أنّ "طهران تقدم منحاً للطلاب الأفغان للدراسة في مجال البيئة في الجامعات الإيرانية. وأنّ الحكومتين تتعاونان في مجال تطهير البيئة من التلوث، لكن إحلال الأمن في أفغانستان، أول شرط لأي تقدم في هذا الشأن". كما شددت على أنّ "إيران تعتزم بناء حدائق في العاصمة كابول والمدن الأفغانية الأخرى".
ومن الأسباب الرئيسية التي تتسبب في ارتفاع نسبة تلوث الهواء في أفغانستان مصانع الطوب والحمامات التي تحرق إطارات السيارات والبلاستيك من أجل عملها. وكذلك وجود أعداد كبيرة من السيارات. فالعاصمة كابول تضم وحدها أكثر من مليون سيارة، مع ازديادها سنوياً. ويتجاوز عمر الكثير من السيارات 15 عاماً. كما تستخدم الكثير من السيارات وقوداً سيئاً لا يعتمد المعايير المطلوبة لمكافحة التلوث.
اقرأ أيضاً: "القاتل الصامت" يسرق حياة الأفغان
وبالإضافة إلى ذلك يساهم قطع الأشجار المفرط في بعض الأقاليم الأفغانية في التلوث. ففي إقليم تخار، شمال أفغانستان، يذكر مسؤول إدارة البيئة في الحكومة الإقليمية ناصر محجوب أنّ "قطع الغابات مستمر وبشكل مفرط، ليتم تحويل المساحات إلى أراض زراعية تابعة لبعض أمراء الحرب وأنصارهم". ويوضح أنّ "عشرات الهكتارات من الغابات تحولت إلى أراض زراعية، بعد ان استولى عليها أصحاب النفوذ، بينما الحكومة صامتة".
وبهذا الخصوص، يقول الخبير البيئي في تخار محمد حسيب الله، إنّ "أمراء الحرب قضوا على الغابات بشكل كامل في بعض مناطق الإقليم، كمديرية خواجه بهاؤ الدين، ودرقد. كما امتد قطع الغابات إلى الكثير من المناطق في شمال وشرق أفغانستان".
وبينما تواجه بعض الأقاليم الأفغانية هذه المشكلة، فإنّ مناطق وأقاليم أخرى كالعاصمة كابول تعاني من انتشار الأراضي الجبلية وعدم توفر الغابات أساساً.
وفي المحصلة، يشير الخبراء إلى أنّ مواجهة ظاهرة تلوث الهواء والبيئة غير ممكنة إلا بتدخل حكومي مباشر، ورفع مستوى الوعي البيئي لدى المواطن الأفغاني، بالإضافة إلى سن قوانين جديدة تضمن حماية البيئة لا سيما في ما يتعلق بقطع الغابات.
اقرأ أيضاً: تراجع معدل وفيات الأطفال في أفغانستان