بعد الهزيمة العربية عام 1967، وبالتحديد عام 1968 روّجت الصحافة لحدث ظهور العذراء فوق كنيسة مصرية. يروي الكاتب السوري صادق جلال العظم، في كتابه "نقد الفكر الديني" عن هذا الحدث والموجة العاطفية الكبيرة التي رافقته في مصر وعدد من الدول العربية، خصوصاً مع الربط ما بين الظهور وشدّ أزر الأمة بعد هزيمتها أمام الصهاينة. ليصل العظم إلى خلاصة مهمة، تصرف النظر قليلاً عن حقيقة الظهور أو عدمه، في قوله: "هل يفترض في العذراء أن تنزل بنفسها من السماء ليدرك العرب أنّ تحرير القدس وجميع الأراضي المحتلة معها ضرورة قومية وحيوية قصوى؟ أم أنّنا نسينا أنّ موضوع التحرير هو تحصيل حاصل ولا يحتاج إلى دعم سماوي أو تفسير إعجازي أو تذكير مريمي"؟
الكتاب يعود تاريخ طبعته الأولى إلى عام 1969، أي إلى 46 عاماً خلت. صحيح أنّ فلسطين لم تتحرّر بعسكر وباتفاقات وبمعجزات سماوية، لكنّ الصحيح أيضاً أنّنا ورغم كلّ هذه السنوات لم نتغير بشيء. فالعالم الغيبي ما زال نفسه يسكننا. وما زلنا ننتظر حدوث المعجزات.
يومياً، تدور في العالم العربي حركة تفسير أحلام تفوق الوصف. وتنشغل منظومات إعلامية باستضافة بصّارين وبصّارات ومتنبئين ومتنبئات. كلّ هؤلاء أدواتهم غيبية تسيطر على عقول جمهور جاهز منذ الأزل لممارساتهم. فذهنية القبول قائمة دائماً حتى في صفوف المتعلمين وخريجي الجامعات.. وفي أحيان كثيرة بين حاملي الشهادات العليا.
وسط هذا الجو الغيبي الغرائبي، لا غرابة أبداً في الأحاديث عن "نهاية الزمان" و"زمن الظهور" و"العلامات". كما من الحتمي أن يدّعي أحدهم في لبنان، وقد سبقه كثيرون من قبل في عدة دول، أنّه "المهدي المنتظر"، فتفرد له شاشات التلفزيون المحكوم بالدعاية وزيادة عدد المشاهدين، مساحة على مدى أيام. كما تفرد مساحة لناقديه الذين يشبهونه في كلّ شيء ويجادلونه بالبراهين نفسها التي يتحدث بها.. هو غيب في غيب.
في هذا الجو اللاعلمي، يكثر الدعاء، وتكثر الرؤى. ومن ذلك صفحة على موقع "فيسبوك" بعنوان "الرؤى المبشرة بسقوط النظام ...". والصفحة كما يشير اسمها، تضمّ مجموعة من الأحلام- الرؤى وتفسيراتها المتناسبة مع اتجاه محدد، وهو إسقاط النظام الذي كثرت الطرق لإسقاطه ولم يسقط. فكأنّ المناضلين من أجل إسقاطه ينتظرون مثل هذه الرؤى التي وصل عددها إلى اثنتين وسبعين منذ إطلاق الصفحة أواخر عام 2011، كي يحددوا خططهم على أساسها.
وفي مثل هذا الجو اللاعلمي أيضاً، لا عجب أن تضم الصفحة آلاف المتابعين والمتفاعلين الذين لا يكلّون عن قول "آمين" مع كلّ "رؤيا" جديدة.
إقرأ أيضاً: تنبؤات 2015
الكتاب يعود تاريخ طبعته الأولى إلى عام 1969، أي إلى 46 عاماً خلت. صحيح أنّ فلسطين لم تتحرّر بعسكر وباتفاقات وبمعجزات سماوية، لكنّ الصحيح أيضاً أنّنا ورغم كلّ هذه السنوات لم نتغير بشيء. فالعالم الغيبي ما زال نفسه يسكننا. وما زلنا ننتظر حدوث المعجزات.
يومياً، تدور في العالم العربي حركة تفسير أحلام تفوق الوصف. وتنشغل منظومات إعلامية باستضافة بصّارين وبصّارات ومتنبئين ومتنبئات. كلّ هؤلاء أدواتهم غيبية تسيطر على عقول جمهور جاهز منذ الأزل لممارساتهم. فذهنية القبول قائمة دائماً حتى في صفوف المتعلمين وخريجي الجامعات.. وفي أحيان كثيرة بين حاملي الشهادات العليا.
وسط هذا الجو الغيبي الغرائبي، لا غرابة أبداً في الأحاديث عن "نهاية الزمان" و"زمن الظهور" و"العلامات". كما من الحتمي أن يدّعي أحدهم في لبنان، وقد سبقه كثيرون من قبل في عدة دول، أنّه "المهدي المنتظر"، فتفرد له شاشات التلفزيون المحكوم بالدعاية وزيادة عدد المشاهدين، مساحة على مدى أيام. كما تفرد مساحة لناقديه الذين يشبهونه في كلّ شيء ويجادلونه بالبراهين نفسها التي يتحدث بها.. هو غيب في غيب.
في هذا الجو اللاعلمي، يكثر الدعاء، وتكثر الرؤى. ومن ذلك صفحة على موقع "فيسبوك" بعنوان "الرؤى المبشرة بسقوط النظام ...". والصفحة كما يشير اسمها، تضمّ مجموعة من الأحلام- الرؤى وتفسيراتها المتناسبة مع اتجاه محدد، وهو إسقاط النظام الذي كثرت الطرق لإسقاطه ولم يسقط. فكأنّ المناضلين من أجل إسقاطه ينتظرون مثل هذه الرؤى التي وصل عددها إلى اثنتين وسبعين منذ إطلاق الصفحة أواخر عام 2011، كي يحددوا خططهم على أساسها.
وفي مثل هذا الجو اللاعلمي أيضاً، لا عجب أن تضم الصفحة آلاف المتابعين والمتفاعلين الذين لا يكلّون عن قول "آمين" مع كلّ "رؤيا" جديدة.
إقرأ أيضاً: تنبؤات 2015