ليس هرباً من الزواج أو كرهاً له، لكنّها الظروف الأمنية الصعبة، والاقتصادية الأصعب تدفع الشباب العراقي بعيداً عن فكرة تكوين أسرة. وهو ما يهدد المجتمع ككلّ، وينذر بعواقب قد تكون كارثية
يعيش الشباب العراقي حالة من الضياع تحت وطأة الفوضى الأمنية التي تجتاح البلاد والركود الاقتصادي الذي ألقى بثقله على المجتمع بشكل عام وعليهم بشكل خاص. باتت الهجرة أقصى حلمهم بعيداً عن الزواج وتكوين الأسرة وما في ذلك من أعباء حياة إضافية.
البطالة والخوف من المستقبل المجهول يدفعان الشباب بعيداً عن مؤسسة الزواج، ويوجدان حالة عراقية طارئة تهدد الأجيال، حتى بات البعض يسميها "فوبيا الزواج"، أو "رهاب الزواج". وهو ما يدفع الخبراء إلى التحذير وتسهيل الأوضاع أمام الشباب.
سامح ياسين (37 عاماً) تخرّج من كلية العلوم. حاله كحال عشرات الآلاف من الشباب العراقيين، لم يظفر بوظيفة تمكّنه من تأمين معيشته ومستقبله، فلم يتزوج بعد. يقول: "كيف سأتمكن من تكوين أسرة وأنا لا أملك مصدراً للرزق سوى العمل أحياناً بأجر يومي في أعمال البناء. لهذا أفكر جدياً بالهجرة لعلّي أبني مستقبلي في الخارج من الصفر".
يضيف ياسين لـ"العربي الجديد": "الزواج يتطلب مصاريف كبيرة في ظل ارتفاع تكاليفه بشكل غير معقول، خصوصاً أنّ الأوضاع الاقتصادية والأمنيّة متدهورة. كلّ هذا يجعلني كشاب في حالة من الضياع.. فكيف أجرّ تلك الويلات على غيري".
اليوم، ينصبّ كلّ تفكير وجهد الشباب العراقيين على قضية تأمين الوظيفة والتدهور الأمني، فهما العقبتان الرئيستان في طريقهم، ما يدفهم دفعاً باتجاه محاولة الهجرة.
يقول محمود جاسم (33 عاماً) إنّ "الشاب العراقي يعيش حالة من الفوضى النفسية والمستقبل المجهول. وأصبح الزواج أمراً مخيفاً بالنسبة له فهو غير قادر على تحمل مسؤولية نفسه وحده. فكيف يفكر بالزواج وتأسيس أسرة!؟".
يتحدث جاسم لـ"العربي الجديد" عن معاناته الشخصية: "بلغت من العمر 33 عاماً ولست أفكر بالزواج بقدر ما أفكر ببناء مستقبلي الذي يضيع أمام عينيّ ولا أقدر على شيء. لا أملك وظيفة ولا أيّ نوع من العمل. فكيف أستطيع تحمل أعباء الزواج في هذا الظرف الاقتصادي والأمني العصيب الذي نعيشه".
يعتبر العراق من البلدان التي تعاني من ارتفاع تكاليف الزواج في ظل البطالة المستشرية بين الشباب ما يجعل أحدهم يقضي شبابه بالبحث عن عمل أو وظيفة إلى أن يجد نفسه كهلاً، ولم يتمكن من تأمين ذلك "المستقبل" الموعود.
مؤمن العبيدي (38 عاماً) يقول: "لم أتزوج بعد، فهذا الأمر لم يكن هدفي الأول. تخرجت من الجامعة لأصبح عاطلاً من العمل كحال غيري. لا أريد أن يعيش أطفالي في فقر وعوز". يتابع: "لا توجد أي تسهيلات حكومية أو قروض تعين الشاب على الزواج، كما أنّ البلاد تمرّ بظروف أمنية خطيرة، حيث الخطف والحروب والتصفيات الطائفية. ولأني أسعى للهجرة لا أريد الزواج ولو كبرت في السن".
من جهته، يقول الباحث في علم النفس الاجتماعي كامل الزبيدي إنّ "فوبيا الزواج أصبحت مرضاً لا يقل خطورة عن الأمراض الوبائية والمعدية في البلاد. كما أنّ لها تأثيرات سلبية كبيرة على المجتمع ككلّ ومستقبل البلاد بشكل عام".
يفسر: "ارتفع سن الزواج لدى الشباب العراقيين بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وارتفاع سقف الطلبات في ظل البطالة المستشرية بينهم فضلاً عن الظروف الأمنية المتدهورة في البلاد". يتابع: "نفسياً، وأمام هذا الواقع، دخل الشباب في حالة من اليأس أمام عجزهم عن بناء مستقبلهم وتوفير متطلبات بناء الأسرة. وبذلك، بات الزواج يمثل حالة خوف يهربون منها بالهجرة، أو نسيان الأمر والتغاضي عنه. وهنا بالذات، تتفاقم المشكلة كلّما كبر الشاب في السن".
أخيراً، زاد نزوح وتشرد نحو أربعة ملايين عراقي عن ديارهم بسبب المعارك المستمرة منذ عامين، من عزوف الشباب عن الزواج، بسبب ظروفهم المعيشية القاسية. فهم بالكاد يوفرون لقمة العيش.
سمير علي (30 عاماً) نازح من محافظة صلاح الدين، يجتهد في توفير لقمة العيش لوالديه وأشقائه وشقيقاته. يعيش معهم في خيمة في إحدى ضواحي العاصمة بغداد، ولا يفكر بالزواج مطلقاً. همّه الأول الخروج مما يعيشونه من قسوة النزوح.
يوضح لـ"العربي الجديد": "الزواج بات قضية ثانوية تماماً بالنسبة لي، فهل أرتبط بإنسانة لأجلبها معي إلى الخيمة ونحن بالكاد نوفر لقمة العيش من عملي في البناء!؟ إنهٌ حقاً أمرٌ مخيف بالنسبة لي".
بدورها، تشير الباحثة الاجتماعية سمية السامرائي إلى أنّ "الشباب العراقيين تعرضوا لصدمة كبيرة منذ الحصار الاقتصادي في حربي إيران والكويت وحصار التسعينيات، ثم احتلال العراق عام 2003. هم عايشوا المأساة منذ صغرهم حصاراً وقصفاً وحروباً متواصلة فاقت قدرتهم على التحمل".
تقول السامرائي لـ"العربي الجديد": "أصبح التفكير بالزواج ثانوياً بالنسبة لهؤلاء الشباب. وهو ما ينعكس بالذات على ارتفاع نسبة العنوسة لدى الفتيات في المجتمع العراقي. وبذلك باتت المشكلة مشكلتين: ارتفاع سن الزواج، وارتفاع نسبة (العنوسة)".
يتزايد عزوف الشباب عن الزواج وعنوسة الفتيات بالترافق مع ارتفاع معدلات البطالة التي تبلغ 28 في المائة بحسب المصادر الرسمية.
يوضح الباحث في التنمية البشرية فرقد الحسيني أنّ "الملاحظ أنه كلما ارتفعت معدلات البطالة زاد عزوف الشباب عن الزواج. وهذا الأمر سبب ارتفاعاً في معدل العنوسة لدى الفتيات. وبالإضافة إلى كلّ ذلك تزداد معدلات الطلاق أيضاً".
يلفت إلى أنّ "فوبيا الزواج قد تتحول إلى ظاهرة لدى الشباب وهي في طريقها إلى ذلك. وبالتالي سنخسر جيلاً كاملاً من الشباب والشابات. وهذا ما يتطلب وقفة جادة من المنظمات الاجتماعية خصوصاً. أما الحكومة العراقية فلا يُنتظر منها شيء، فهي من أسباب وصولنا إلى ما نحن فيه".
يكشف مختصون أنّ العراق يشهد تراجعاً في معدل الولادات نتيجة العزوف عن الزواج، بالترافق مع ارتفاع كبير في معدل الوفيات نتيجة الحروب الدائرة في البلاد.
يلفت الطبيب مصلح الدليمي إلى أنّ معدل الولادات في البلاد يشهد تراجعاً في العامين الأخيرين بمقدار نصف ما كان عليه خلال الجيل الماضي تقريباً بسبب عزوف الشباب عن الزواج. بينما ارتفع معدل سن الزواج في العراق إلى نحو 35 عاماً.
وكانت وزارة التخطيط العراقية كشفت في تقرير صدر في ديسمبر/ كانون الأول 2014 أنّ البلاد تشهد تراجعاً في سلم التنمية البشرية العالمي من المرتبة 76 عام 1990، إلى المرتبة 120 عام 2013. وذكر التقرير أنّ نسبة المتزوجات ما دون سن 18 عاماً بلغت 23.4 في المائة، فيما بلغت معدلات خصوبة المتزوجات المراهقات 59 ولادة لكل امرأة بعمر 15- 19 عاماً.
لكن بعض المراقبين يعتبرون أنّ هذه النسب بدأت تشهد تراجعاً واضحاً منذ بداية عام 2014 مع بدء الأزمة الأمنية والاقتصادية في البلاد، خصوصاً خلال النصف الأخير من عام 2014 وصولاً إلى مطلع 2016. وتفيد تقارير وإحصاءات أعدها خبراء أنّ نسبة الشباب بين الذكور في العراق تبلغ 68 في المائة، يعاني نصفهم تقريباً من البطالة.
واتسعت ظاهرة الهجرة للشباب غير المتزوجين خلال عام 2015 بشكل لافت، ليتجاوز عدد المهاجرين الشباب إلى أوروبا يومياً 100 مهاجر، أي نحو 3 آلاف شاب عراقي يغادرون البلاد كل شهر هرباً من الخطف والموت، وبحثاً عن فرصة عمل.
في المقابل، تذكر أبحاث أخرى أنّ غلاء المهور وأزمة السكن في ظلّ البطالة التي يعاني منها الشباب، سببان رئيسيان في عزوف الشباب عن الزواج بشكل متزايد.
من جهتها، تلجأ بعض المنظمات الخيرية المدنية لإقامة حفلات زواج جماعي للحد من ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج عبر توفير مبالغ مالية لهم وتكاليف غرف النوم.
وتبين رئيسة منظمة "تكافل" ربى الصميدعي أنّ "المنظمات الخيرية في العراق تقيم بين آونة وأخرى حفلات زواج جماعي ضمن إمكانياتها المحدودة، حيث يتبرع بعض الميسورين بتكاليف الزواج لعدد من الشباب. مع أنّ من واجب الدولة أن تتبنى مثل هذا المشروع بدلاً من منظمات المجتمع المدني".
تشير الصميدعي إلى أنّ "حفلات الزواج الجماعي لن تقضي على المشكلة أبداً في ظلّ وجود جيش من العاطلين من العمل خصوصاً من الشباب في العراق. فلا بدّ من معالجة ملف البطالة أولاً حتى يتمكن الشاب من فتح منزل وتأسيس أسرة".
اقرأ أيضاً: هجرة الأثرياء كارثة على العراق
يعيش الشباب العراقي حالة من الضياع تحت وطأة الفوضى الأمنية التي تجتاح البلاد والركود الاقتصادي الذي ألقى بثقله على المجتمع بشكل عام وعليهم بشكل خاص. باتت الهجرة أقصى حلمهم بعيداً عن الزواج وتكوين الأسرة وما في ذلك من أعباء حياة إضافية.
البطالة والخوف من المستقبل المجهول يدفعان الشباب بعيداً عن مؤسسة الزواج، ويوجدان حالة عراقية طارئة تهدد الأجيال، حتى بات البعض يسميها "فوبيا الزواج"، أو "رهاب الزواج". وهو ما يدفع الخبراء إلى التحذير وتسهيل الأوضاع أمام الشباب.
سامح ياسين (37 عاماً) تخرّج من كلية العلوم. حاله كحال عشرات الآلاف من الشباب العراقيين، لم يظفر بوظيفة تمكّنه من تأمين معيشته ومستقبله، فلم يتزوج بعد. يقول: "كيف سأتمكن من تكوين أسرة وأنا لا أملك مصدراً للرزق سوى العمل أحياناً بأجر يومي في أعمال البناء. لهذا أفكر جدياً بالهجرة لعلّي أبني مستقبلي في الخارج من الصفر".
يضيف ياسين لـ"العربي الجديد": "الزواج يتطلب مصاريف كبيرة في ظل ارتفاع تكاليفه بشكل غير معقول، خصوصاً أنّ الأوضاع الاقتصادية والأمنيّة متدهورة. كلّ هذا يجعلني كشاب في حالة من الضياع.. فكيف أجرّ تلك الويلات على غيري".
اليوم، ينصبّ كلّ تفكير وجهد الشباب العراقيين على قضية تأمين الوظيفة والتدهور الأمني، فهما العقبتان الرئيستان في طريقهم، ما يدفهم دفعاً باتجاه محاولة الهجرة.
يقول محمود جاسم (33 عاماً) إنّ "الشاب العراقي يعيش حالة من الفوضى النفسية والمستقبل المجهول. وأصبح الزواج أمراً مخيفاً بالنسبة له فهو غير قادر على تحمل مسؤولية نفسه وحده. فكيف يفكر بالزواج وتأسيس أسرة!؟".
يتحدث جاسم لـ"العربي الجديد" عن معاناته الشخصية: "بلغت من العمر 33 عاماً ولست أفكر بالزواج بقدر ما أفكر ببناء مستقبلي الذي يضيع أمام عينيّ ولا أقدر على شيء. لا أملك وظيفة ولا أيّ نوع من العمل. فكيف أستطيع تحمل أعباء الزواج في هذا الظرف الاقتصادي والأمني العصيب الذي نعيشه".
يعتبر العراق من البلدان التي تعاني من ارتفاع تكاليف الزواج في ظل البطالة المستشرية بين الشباب ما يجعل أحدهم يقضي شبابه بالبحث عن عمل أو وظيفة إلى أن يجد نفسه كهلاً، ولم يتمكن من تأمين ذلك "المستقبل" الموعود.
مؤمن العبيدي (38 عاماً) يقول: "لم أتزوج بعد، فهذا الأمر لم يكن هدفي الأول. تخرجت من الجامعة لأصبح عاطلاً من العمل كحال غيري. لا أريد أن يعيش أطفالي في فقر وعوز". يتابع: "لا توجد أي تسهيلات حكومية أو قروض تعين الشاب على الزواج، كما أنّ البلاد تمرّ بظروف أمنية خطيرة، حيث الخطف والحروب والتصفيات الطائفية. ولأني أسعى للهجرة لا أريد الزواج ولو كبرت في السن".
من جهته، يقول الباحث في علم النفس الاجتماعي كامل الزبيدي إنّ "فوبيا الزواج أصبحت مرضاً لا يقل خطورة عن الأمراض الوبائية والمعدية في البلاد. كما أنّ لها تأثيرات سلبية كبيرة على المجتمع ككلّ ومستقبل البلاد بشكل عام".
يفسر: "ارتفع سن الزواج لدى الشباب العراقيين بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وارتفاع سقف الطلبات في ظل البطالة المستشرية بينهم فضلاً عن الظروف الأمنية المتدهورة في البلاد". يتابع: "نفسياً، وأمام هذا الواقع، دخل الشباب في حالة من اليأس أمام عجزهم عن بناء مستقبلهم وتوفير متطلبات بناء الأسرة. وبذلك، بات الزواج يمثل حالة خوف يهربون منها بالهجرة، أو نسيان الأمر والتغاضي عنه. وهنا بالذات، تتفاقم المشكلة كلّما كبر الشاب في السن".
أخيراً، زاد نزوح وتشرد نحو أربعة ملايين عراقي عن ديارهم بسبب المعارك المستمرة منذ عامين، من عزوف الشباب عن الزواج، بسبب ظروفهم المعيشية القاسية. فهم بالكاد يوفرون لقمة العيش.
سمير علي (30 عاماً) نازح من محافظة صلاح الدين، يجتهد في توفير لقمة العيش لوالديه وأشقائه وشقيقاته. يعيش معهم في خيمة في إحدى ضواحي العاصمة بغداد، ولا يفكر بالزواج مطلقاً. همّه الأول الخروج مما يعيشونه من قسوة النزوح.
يوضح لـ"العربي الجديد": "الزواج بات قضية ثانوية تماماً بالنسبة لي، فهل أرتبط بإنسانة لأجلبها معي إلى الخيمة ونحن بالكاد نوفر لقمة العيش من عملي في البناء!؟ إنهٌ حقاً أمرٌ مخيف بالنسبة لي".
بدورها، تشير الباحثة الاجتماعية سمية السامرائي إلى أنّ "الشباب العراقيين تعرضوا لصدمة كبيرة منذ الحصار الاقتصادي في حربي إيران والكويت وحصار التسعينيات، ثم احتلال العراق عام 2003. هم عايشوا المأساة منذ صغرهم حصاراً وقصفاً وحروباً متواصلة فاقت قدرتهم على التحمل".
تقول السامرائي لـ"العربي الجديد": "أصبح التفكير بالزواج ثانوياً بالنسبة لهؤلاء الشباب. وهو ما ينعكس بالذات على ارتفاع نسبة العنوسة لدى الفتيات في المجتمع العراقي. وبذلك باتت المشكلة مشكلتين: ارتفاع سن الزواج، وارتفاع نسبة (العنوسة)".
يتزايد عزوف الشباب عن الزواج وعنوسة الفتيات بالترافق مع ارتفاع معدلات البطالة التي تبلغ 28 في المائة بحسب المصادر الرسمية.
يوضح الباحث في التنمية البشرية فرقد الحسيني أنّ "الملاحظ أنه كلما ارتفعت معدلات البطالة زاد عزوف الشباب عن الزواج. وهذا الأمر سبب ارتفاعاً في معدل العنوسة لدى الفتيات. وبالإضافة إلى كلّ ذلك تزداد معدلات الطلاق أيضاً".
يلفت إلى أنّ "فوبيا الزواج قد تتحول إلى ظاهرة لدى الشباب وهي في طريقها إلى ذلك. وبالتالي سنخسر جيلاً كاملاً من الشباب والشابات. وهذا ما يتطلب وقفة جادة من المنظمات الاجتماعية خصوصاً. أما الحكومة العراقية فلا يُنتظر منها شيء، فهي من أسباب وصولنا إلى ما نحن فيه".
يكشف مختصون أنّ العراق يشهد تراجعاً في معدل الولادات نتيجة العزوف عن الزواج، بالترافق مع ارتفاع كبير في معدل الوفيات نتيجة الحروب الدائرة في البلاد.
يلفت الطبيب مصلح الدليمي إلى أنّ معدل الولادات في البلاد يشهد تراجعاً في العامين الأخيرين بمقدار نصف ما كان عليه خلال الجيل الماضي تقريباً بسبب عزوف الشباب عن الزواج. بينما ارتفع معدل سن الزواج في العراق إلى نحو 35 عاماً.
وكانت وزارة التخطيط العراقية كشفت في تقرير صدر في ديسمبر/ كانون الأول 2014 أنّ البلاد تشهد تراجعاً في سلم التنمية البشرية العالمي من المرتبة 76 عام 1990، إلى المرتبة 120 عام 2013. وذكر التقرير أنّ نسبة المتزوجات ما دون سن 18 عاماً بلغت 23.4 في المائة، فيما بلغت معدلات خصوبة المتزوجات المراهقات 59 ولادة لكل امرأة بعمر 15- 19 عاماً.
لكن بعض المراقبين يعتبرون أنّ هذه النسب بدأت تشهد تراجعاً واضحاً منذ بداية عام 2014 مع بدء الأزمة الأمنية والاقتصادية في البلاد، خصوصاً خلال النصف الأخير من عام 2014 وصولاً إلى مطلع 2016. وتفيد تقارير وإحصاءات أعدها خبراء أنّ نسبة الشباب بين الذكور في العراق تبلغ 68 في المائة، يعاني نصفهم تقريباً من البطالة.
واتسعت ظاهرة الهجرة للشباب غير المتزوجين خلال عام 2015 بشكل لافت، ليتجاوز عدد المهاجرين الشباب إلى أوروبا يومياً 100 مهاجر، أي نحو 3 آلاف شاب عراقي يغادرون البلاد كل شهر هرباً من الخطف والموت، وبحثاً عن فرصة عمل.
في المقابل، تذكر أبحاث أخرى أنّ غلاء المهور وأزمة السكن في ظلّ البطالة التي يعاني منها الشباب، سببان رئيسيان في عزوف الشباب عن الزواج بشكل متزايد.
من جهتها، تلجأ بعض المنظمات الخيرية المدنية لإقامة حفلات زواج جماعي للحد من ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج عبر توفير مبالغ مالية لهم وتكاليف غرف النوم.
وتبين رئيسة منظمة "تكافل" ربى الصميدعي أنّ "المنظمات الخيرية في العراق تقيم بين آونة وأخرى حفلات زواج جماعي ضمن إمكانياتها المحدودة، حيث يتبرع بعض الميسورين بتكاليف الزواج لعدد من الشباب. مع أنّ من واجب الدولة أن تتبنى مثل هذا المشروع بدلاً من منظمات المجتمع المدني".
تشير الصميدعي إلى أنّ "حفلات الزواج الجماعي لن تقضي على المشكلة أبداً في ظلّ وجود جيش من العاطلين من العمل خصوصاً من الشباب في العراق. فلا بدّ من معالجة ملف البطالة أولاً حتى يتمكن الشاب من فتح منزل وتأسيس أسرة".
اقرأ أيضاً: هجرة الأثرياء كارثة على العراق