يتخرج الفلسطينيون من جامعات لبنان أو معاهده العالية، بأمل الحصول على فرصة عمل تؤمّن مستقبلهم، لكنّ الواقع مخالف للآمال. أحد هؤلاء خليل الشولي (23 عاماً) المقيم في مخيم الرشيدية في صور، جنوب لبنان. يقول إنّه تخرّج بشهادة فنية في المحاسبة والمعلوماتية، ثمّ عدّل الشهادة وانتسب إلى جامعة خاصة، حيث نال الإجازة في إدارة الأعمال قبل عامين.
كثيراً ما بحث عن عمل. كونه فلسطينياً هو العائق الأكبر أمام توظيفه في لبنان. أما الشركات التي تقبل ببعض الفلسطينيين في منطقة صور وجوارها خصوصاً فتحتاج إلى الكثير من "الواسطة" كما يقول.
تخلى عن فكرة العمل باختصاصه واتجه إلى مجالات أخرى. في البداية عمل حمّالاً في مستودع للأدوية في صيدا (جنوب لبنان). استأجر منزلاً مع صديقه بمائتي دولار أميركي، فكان هذا المبلغ بالإضافة إلى تكاليف المعيشة يقضي على ما يجنيانه. كذلك، كانا يعاملان في المستودع معاملة سيئة تحت رقابة دائمة، وأيّ مخالفة تكلفهما غرامة مالية. عندها قرر ترك العمل والعودة إلى الرشيدية ليعيش مع أهله.
هناك التحق بأحد التنظيمات الفلسطينية المسلحة في المخيم. وبالفعل انضم إلى حركة فتح فخضع لدورة عسكرية وبات يتقاضى راتباً يبلغ 400 ألف ليرة لبنانية (267 دولاراً أميركياً) شهرياً. عمل في الحراسة، ساهراً طوال الليل، ونائماً خلال النهار فلا شيء آخر يفعله.
فكر بالهجرة، لكنّه يقول: "بدلت رأيي فيها، فرفاقي الذين تمكنوا من الهجرة يرسلون إليّ صورهم ويخبرونني كيف يعيشون. منهم من يسكنون في الشارع. ومنهم من استأجر غرفاً صغيرة لا تصلح حتى لسكن الحيوانات. كذلك، فإنّ معظمهم يفكر في العودة إلى لبنان".
يتحدث عن وضع الفلسطينيين في لبنان ويتساءل: "ماذا يضر الدولة اللبنانية لو أتاحت لنا المجال في العمل؟ نحن ولدنا هنا، لكن لا لبنان يرضى بتشغيلنا، ولا الدول العربية تسمح لمن يحمل الوثيقة الفلسطينية بالعمل في أراضيها. بل إنّ بعضها لا يسمح للفلسطيني بزيارة أراضيه لا أكثر. حتى أفريقيا لا نستطيع الذهاب إلى دولها والعمل إلا إذا جاءتنا دعوة من هناك".
يتابع: "يستغرب البعض لماذا ينحرف الشباب، ولماذا يصير رهينة لأحدهم يأتمر بإمرته. ما يدفع الشباب إلى ذلك قلة فرص العمل، فمعظم الشباب الفلسطينيين ممن يعيشون في مخيمات لبنان عاطلون عن العمل، ومعظمهم خريجو معاهد عالية وجامعات. في مخيم الرشيدية العديد منهم، يسهرون طوال الليل في المقاهي، وينامون في النهار. لو أعطي لنا حق العمل في لبنان في مختلف المهن لتغير الوضع بالكامل وتمكنا من العيش بكرامتنا. العيش بكرامة لا يعني رغبتنا في التوطين، فنحن نشدد دائماً أنّ فلسطين هي وجهتنا الأكيدة والأبدية. والعمل لا يعني أن أبقى في لبنان ولا حتى التملك يعني ذلك. لكن يجب أن يتنبه الجميع أنّ الفلسطيني في لبنان محروم من أن يكون إنساناً".
عن تجربته يقول: "درست طوال هذه السنوات لأحصل على وظيفة تعينني في عيش حياة كريمة مستقرة. تعب أهلي حتى يؤمنوا لي تكاليف تعليمي، واليوم بعد حصولي على شهادتي لا أستطيع بواسطتها أن أعوضهم تعبهم. أحمل مسؤولية الإجحاف بحق الفلسطيني في الدرجة الأولى للدولة اللبنانية ثم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي قلصت خدماتها في لبنان، تحت حجج نقص التمويل. قلصت الأونروا الوظائف بشكل تلقائي يترافق مع تقليص خدماتها الطبية والتعليمية وغيرها. في السابق، كان معظم الفلسطينيين يتقدمون بطلب وظائف إلى الأونروا وكان ذلك متاحاً. أما اليوم فقد تغيرت الحال، ولم يعد بإمكان الفلسطيني حتى العمل مع الوكالة. يبدو أنّ الكل متآمر على الشعب الفلسطيني الذي لا يطلب أكثر من العيش بكرامة".
اليوم، لا يعمل الشولي أبداً، ولا يتلقى أيّ أجر. لكنّه يؤمّن مصروفه اليومي من شقيقه المسافر في الخليج منذ زمن. وليس وحده من يتلقى المال من شقيقه، بل يغطي الأخير نفقات الأهل أيضاً.
اقــرأ أيضاً
كثيراً ما بحث عن عمل. كونه فلسطينياً هو العائق الأكبر أمام توظيفه في لبنان. أما الشركات التي تقبل ببعض الفلسطينيين في منطقة صور وجوارها خصوصاً فتحتاج إلى الكثير من "الواسطة" كما يقول.
تخلى عن فكرة العمل باختصاصه واتجه إلى مجالات أخرى. في البداية عمل حمّالاً في مستودع للأدوية في صيدا (جنوب لبنان). استأجر منزلاً مع صديقه بمائتي دولار أميركي، فكان هذا المبلغ بالإضافة إلى تكاليف المعيشة يقضي على ما يجنيانه. كذلك، كانا يعاملان في المستودع معاملة سيئة تحت رقابة دائمة، وأيّ مخالفة تكلفهما غرامة مالية. عندها قرر ترك العمل والعودة إلى الرشيدية ليعيش مع أهله.
هناك التحق بأحد التنظيمات الفلسطينية المسلحة في المخيم. وبالفعل انضم إلى حركة فتح فخضع لدورة عسكرية وبات يتقاضى راتباً يبلغ 400 ألف ليرة لبنانية (267 دولاراً أميركياً) شهرياً. عمل في الحراسة، ساهراً طوال الليل، ونائماً خلال النهار فلا شيء آخر يفعله.
فكر بالهجرة، لكنّه يقول: "بدلت رأيي فيها، فرفاقي الذين تمكنوا من الهجرة يرسلون إليّ صورهم ويخبرونني كيف يعيشون. منهم من يسكنون في الشارع. ومنهم من استأجر غرفاً صغيرة لا تصلح حتى لسكن الحيوانات. كذلك، فإنّ معظمهم يفكر في العودة إلى لبنان".
يتحدث عن وضع الفلسطينيين في لبنان ويتساءل: "ماذا يضر الدولة اللبنانية لو أتاحت لنا المجال في العمل؟ نحن ولدنا هنا، لكن لا لبنان يرضى بتشغيلنا، ولا الدول العربية تسمح لمن يحمل الوثيقة الفلسطينية بالعمل في أراضيها. بل إنّ بعضها لا يسمح للفلسطيني بزيارة أراضيه لا أكثر. حتى أفريقيا لا نستطيع الذهاب إلى دولها والعمل إلا إذا جاءتنا دعوة من هناك".
يتابع: "يستغرب البعض لماذا ينحرف الشباب، ولماذا يصير رهينة لأحدهم يأتمر بإمرته. ما يدفع الشباب إلى ذلك قلة فرص العمل، فمعظم الشباب الفلسطينيين ممن يعيشون في مخيمات لبنان عاطلون عن العمل، ومعظمهم خريجو معاهد عالية وجامعات. في مخيم الرشيدية العديد منهم، يسهرون طوال الليل في المقاهي، وينامون في النهار. لو أعطي لنا حق العمل في لبنان في مختلف المهن لتغير الوضع بالكامل وتمكنا من العيش بكرامتنا. العيش بكرامة لا يعني رغبتنا في التوطين، فنحن نشدد دائماً أنّ فلسطين هي وجهتنا الأكيدة والأبدية. والعمل لا يعني أن أبقى في لبنان ولا حتى التملك يعني ذلك. لكن يجب أن يتنبه الجميع أنّ الفلسطيني في لبنان محروم من أن يكون إنساناً".
عن تجربته يقول: "درست طوال هذه السنوات لأحصل على وظيفة تعينني في عيش حياة كريمة مستقرة. تعب أهلي حتى يؤمنوا لي تكاليف تعليمي، واليوم بعد حصولي على شهادتي لا أستطيع بواسطتها أن أعوضهم تعبهم. أحمل مسؤولية الإجحاف بحق الفلسطيني في الدرجة الأولى للدولة اللبنانية ثم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي قلصت خدماتها في لبنان، تحت حجج نقص التمويل. قلصت الأونروا الوظائف بشكل تلقائي يترافق مع تقليص خدماتها الطبية والتعليمية وغيرها. في السابق، كان معظم الفلسطينيين يتقدمون بطلب وظائف إلى الأونروا وكان ذلك متاحاً. أما اليوم فقد تغيرت الحال، ولم يعد بإمكان الفلسطيني حتى العمل مع الوكالة. يبدو أنّ الكل متآمر على الشعب الفلسطيني الذي لا يطلب أكثر من العيش بكرامة".
اليوم، لا يعمل الشولي أبداً، ولا يتلقى أيّ أجر. لكنّه يؤمّن مصروفه اليومي من شقيقه المسافر في الخليج منذ زمن. وليس وحده من يتلقى المال من شقيقه، بل يغطي الأخير نفقات الأهل أيضاً.