لا يعرفون عن أفغانستان إلّا ما سمعوه عنها. مع ذلك، تستعد عائلة كلزار خان للعودة إلى مسقط رأسها وترك باكستان.
وُلد حنيف خيل وأشقاؤه السبعة في باكستان وعاشوا حياتهم فيها. في منتصف القرن الماضي، ترك والدهم كلزار خان أفغانستان وانتقل إلى باكستان. ورغم مضي نصف قرن على وجودهم في هذه البلاد، إلّا أنهم يعانون ممّا يعانيه جميع اللاجئين الأفغان، ويستعدّون حالياً للعودة إلى أفغانستان.
مذ كان صغيراً، يعمل حنيف خيل وشقيقاه عجب خان وقيوم خان في حفر الآبار. أمضى هؤلاء أعمارهم في هذه المهنة. لكن الآن، وبعدما قرّرت باكستان إجلاء الأفغان، يفكّرون في الاستمرار في مهنتهم هذه في أفغانستان، وإن كان نقلُ المعدّات إلى أفغانستان مستحيلاً بعد توتر العلاقات بين الجارتين. ويشير إلى أنّنا سنترك باكستان قريباً، رغم عدم رغبتنا في ذلك. والمؤسف، على حد قوله، يتمثل في كيفية تعامل باكستان وأجهزتها الأمنية الذي يصفه بـ"الأسوأ"، ويطالب الحكومة الباكستانية بإعادة النظر بأسلوبها هذا.
وهو غاضبٌ أيضاً من الحكومة الأفغانية ورئيسها أشرف غني. ويقول: "لن نلوم الحكومة الباكستانية، إذ إن الرئيس الأفغاني هو الذي طلب منها ترحيل جميع الأفغان في أقرب فرصة".
من جهته، يأسف الأخ الأكبر قيوم خان حيال وضع اللاجئين في باكستان، خصوصاً في الأيام الأخيرة، إذ يُعتقلون ويبقون هناك لفترات طويلة من دون أي مبرر. ويحزن أكثر بسبب لامبالاة الحكومة الأفغانية حيال اللاجئين. يقول إنّنا لا نريد العودة إلى أفغانستان وترك كل ما بنيناه خلال السنوات الماضية. حصل والدي على الجنسية الباكستانية في عام 1949، أي بعد استقلال باكستان بعامين. لكن لا ندري لماذا عطلت الحكومة الباكستانية بطاقات هويتنا، ولماذا لا تعتبرنا باكستانيين؟
ترغب هذه الأسرة في البقاء في باكستان لأسباب عدة، أهمّها وضعها المعيشي. فقد استطاعت جمع المال على مدى السنوات التي عاشتها في باكستان وبنت منزلاً. كما أن أطفال هذه العائلة، والذين تجاوز عددهم الثلاثين، يتعلّمون في مدارس جيدة في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام آباد. مع ذلك، تستعد للمغادرة بعدما فشلت محاولاتها في الحصول على الجنسية الباكستانية. إلا أن كلزار خان، الذي تجاوز الثمانين، هو الوحيد الذي يحب العودة، ليعيش آخر أيام حياته في مسقط رأسه في إقليم لوجر المجاور للعاصمة الأفغانية كابول، رغبة منه في استقرار أسرته والتخلص من معاناة اللجوء. يؤكّد أنه سعيد جداً لأنه وعائلته عائدون إلى بلادهم، لافتاً إلى أنها فرصة جميلة بعدما عاشوا عقوداً طويلة في باكستان، من دون أن يتقبلهم الشعب الباكستاني.
يفكّر ربّ الأسرة في مستقبل أولاده، ويسعى فقط إلى التخلّص من معاناة اللجوء. لكن أبناءه لا يريدون ذلك. في النهاية، يشير حنيف خيل إلى أنه في حال استمرّت الحكومة الباكستانية في معاملة الأفغان بطريقة سيئة، فلا خيار غير الرحيل.