هجّرت الحروب المتواصلة في جنوب أفغانستان، المزيد من الأسر، وعطلت أعمال الرعاية الصحية على اختلافها، خصوصاً في إقليمي هلمند وأورزجان. وبعد أن أغلقت المستشفيات أبوابها في القرى والمناطق البعيدة، عطلت الحرب أعمال أكبر مستشفى في مدينة ترينكوت مركز إقليم أروزجان.
وتشير الإحصائية الأخيرة الصادرة عن إدارة اللاجئين، والتي نُشرت يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى أن ما يقرب من نصف مليون شخص هُجروا بسبب الحروب الدامية والمواجهات المتواصلة بين الجيش الأفغاني وطالبان في الأيام الأخيرة، وتحديدا في إقليمي نيمروز وهلمند في الجنوب وإقليمي قندوز وبغلان في الشمال، وإقليم ننجرهار في الشرق.
ويعيش المهجّرون، بحسب زعماء قبائل ونشطاء من المجتمع المدني، ظروفاً سيئة للغاية في مختلف مناطق البلاد، ولم يتلقوا العون حتى الساعة، لا من الحكومة التي تدّعي أنها مشغولة بالحالة الأمنية السيئة، ولا من المجتمع الدولي، ولا نشطاء المجتمع المدني.
ويقول الزعيم القبلي ميرويس خان لـ"العربي الجديد"، إن عشرات الأسر نزحت، خلال الأيام الثلاثة الماضية، من منطقة بتشير أجام المحاذية للحدود الباكستانية في شرق البلاد، بعد هجوم مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قبل ثلاثة أيام، لجأ بعضهم إلى مدينة جلال آباد، لكنهم لم يتلقوا أي نوع من الدعم والمساندة حتى الآن.
ويتابع "ليس التهجير وحده ما حلّ بهم، بل الحرمان من الرعاية الصحية بسبب الحروب والمواجهات، لا سيما في إقليمي هلمند وأورزجان، والتي طاولت في الأيام الأخيرة مراكز إقليمي لشكر كاه وتيرنكوت.
من جهته، يشير الزعيم القبلي في إقليم هلمند، نواب أتشكزاي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الرعاية الصحية لم تكن مثالية في المناطق البعيدة، ولكن ما كان موجودا انهار بسبب الحروب الأخيرة. العيادات الخاصة أُغلقت، والأطباء هُجروا كما هو حال غيرهم".
ويضيف أن "الحرب دمرت منازلنا، وحرمتنا من كل ما نحتاج إليه، حتى في مركز الإقليم لشكر كاه يصعب عليّ توفير العلاج لأخي الجريح. إننا فقراء والعلاج غال".
الأسوأ من كل ذلك إغلاق المسلحين الطرقات الرئيسية ما يضاعف معاناة اللاجئين من جهة، ويعرقل عملية نقل الجرحى والمرضى من جهة ثانية. إضافة إلى المخاطر الأمنية التي يتعرض لها المواطن الأفغاني على امتداد الطرق في أماكن الحرب، على رأسها الألغام التي يزرعها أطراف الصراع على الطرق، والتي تخلّف قتلى وجرحى من المدنيين.
وكان سكان ترينكوت، مركز إقليم أورزجان، يتوقعون أن تتحسن حالتهم بسبب المستشفى الكبير الذي كانت الحكومة تعتزم إنشاءه في المدينة، ولكن الحروب والمواجهات الأخيرة بين الحكومة وطالبان تسببت في تأجيل المشروع، ووقف العمل عليه.