نشرت مليشيات راديكالية مسلحة سلسلة كبيرة من اليافطات والملصقات على شوارع مختلفة من العاصمة العراقية بغداد، تتضمن حسبهم تعليمات وتحذيرات غالبيتها تتعلق بالحريات الشخصية، اعتبرها السكان بمثابة قوانين تفرضها تلك المليشيات التي تزداد تغولاً في الشارع، وسط ضعف واضح لقوات الأمن النظامية.
وتضمنت تلك المنشورات تحذيرات عدة للأهالي من خروج النساء متزينات، ومن مصافحة الرجال للنساء، ومن خروج المرأة لوحدها من غير محرم، ومن الغناء حتى داخل البيوت. وشملت المنشورات أو اليافطات مناطق مسيحية وأخرى مختلطة داخل بغداد.
وتأتي المنشورات بعد أشهر قليلة من خطوة مماثلة للمليشيات في جنوب العراق، أثارت موجة سخط واسعة في الشارع العراقي.
أحمد ماجد (29 عاماً) من أهالي بغداد، قال: "فوجئنا بانتشار عشرات اللافتات المعلقة على جدران المنازل والبنايات والساحات العامة والشوارع الرئيسية تفرض قوانين جيدة للمليشيات المسلحة تحذر فيها الأهالي من مخالفتها".
وأضاف ماجد لـ"العربي الجديد": "تضمنت القوانين الجديدة منع أي امرأة من الخروج لوحدها، ومنع مظاهر التزين للنساء والفتيات، ومنع مصافحة النساء، وكذا إقامة الحفلات الغنائية داخل المنازل وغير ذلك".
وأعرب عن تخوفه من هذه القوانين الجديدة موضحاً "القلق بدأ ينتابنا كمواطنين بشكل كبير، فمن يخالف قوانين تلك المليشيات فمصيره الموت المحتوم بلا شك أمام عجز الأجهزة الأمنية الحكومية عن الاعتراض عليها".
من جانبهن، عبرت النساء والفتيات في العاصمة بغداد عن قلقهن البالغ من هذه القوانين الجديدة خلال خروجهن للعمل، أو المعاهد والجامعات، خشية اعتداء المليشيات عليهن إذا خالفن تلك القوانين.
وقالت الناشطة عبير الموسوي، إنّ "هذه القوانين خطيرة للغاية وقد تسبب مشاكل اجتماعية، فالمليشيات فرضت منع خروج أي امرأة أو بنت لوحدها دون محرم، وهذا يعني تضييق الحريات العامة، وبالتالي لن تستطيع المرأة الذهاب إلى العمل أو الجامعة لوحدها وفقاً للقوانين الجديدة".
وتابعت الموسوي"لا يمكن أن تستمر الدولة في هذا الصمت المستغرب أمام سطوة المليشيات التي بدأت تفرض قوانينها وفقاً لأيديولوجية دينية تتبعها لتضييق الحريات الشخصية، حتى أنها حرمت الغناء داخل المنازل في حفلات الأعراس والمناسبات مثلاً وهذه كارثة حقيقية".
تنتشر في العاصمة العراقية عشرات المليشيات المسلحة تابعة لمختلف الجهات الدينية يقود أغلبها رجال دين مدعومون مباشرة من إيران، وبعضهم مدعومون من سياسيين كبار في أحزاب وكتل سياسية حاكمة في البلاد.
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، اعترف خلال مؤتمر صحافي سابق في مايو/ أيار الماضي، بوجود أكثر من 100 مليشيا مسلحة فقط في العاصمة بغداد، يمتلك عناصرها هويات خاصة توعد حينها بإغلاق مقراتها لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
فيما اعتبر حقوقيون أن البلاد دخلت في حالة تشبه فرض القوانين العرفية، لكن المشكلة أن من يفرض هذه القوانين ميلشيات مسلحة خارجة على القانون.
وأبرز الحقوقي سالم الزبيدي، أنّ "القوانين التي تريد المليشيات المسلحة فرضها على المجتمع البغدادي كارثية ولا تستند إلى مسوغ قانوني أو شرعي، كونها خارجة على القانون في الأصل وعلى رئيس الوزراء، حيدر العبادي، التدخل شخصياً لوقف هذه المهزلة".
وبيّن الزبيدي" أصبحت المليشيات اليوم دولة داخل دولة والمشكلة أن سلطتها هي الأعلى ولا أحد يستطيع الاعتراض".