لم تترك عصابات الخطف في العراق وسيلة إلا واتبعتها للإيقاع بالضحايا بدءاً من انتحال الصفة الأمنية بارتداء الملابس العسكرية، وحمل الأسلحة والهويات الحكومية المزورة، كما تقول مصادر أمنية من وزارة الداخلية، وصولاً للتنكر بالأزياء النسائية.
تلك العصابات بدأت تعتمد طريقة جديدة لخطف الأطفال في العاصمة بغداد وضواحيها، فيتنكر عناصرها بأزياء النساء للإيقاع بالضحايا، يرتدون ملابس نسائية فضفاضة ويغطون وجوههم بالنقاب لإخفاء الملامح.
وقال ضابط في وزارة الداخلية العراقية طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد" إن "عصابات الخطف في العاصمة بغداد تغير أساليبها بين آونة وأخرى للإيقاع بالضحايا، كلما انكشفت أساليبها القديمة". ويضيف الضابط "وصلتنا شكاوى من مواطنين، ومن مصادر خاصة أن عصابات تتنكر بزي النساء لخطف الأطفال. وتمكنت القوات الأمنية من القبض على أحد أفراد تلك العصابات متنكراً بزي نسائي".
واعتقلت الشرطة العراقية عنصرا في عصابة خطف متنكر بزي نسائي، كان يقف قرب إحدى المدارس الابتدائية وسط بغداد حاول الإيقاع بأحد الأطفال لخطفه. في وقت كان أفراد باقي العصابة ينتظرونه في سيارة، بحسب الشرطة العراقية.
وبات خوف الأهالي على أطفالهم يدفعهم لمنع صغارهم من الخروج لوحدهم حتى إلى المدرسة.
يقول مدحت حمزة (39 عاماً) من أهالي بغداد "صرنا نخشى على أطفالنا حتى عند ذهابهم إلى المدارس بسبب انتشار عصابات خطف الأطفال في بغداد وضواحيها، وضعف الأجهزة الأمنية حيال هذه الظاهرة الخطيرة".
ويبين حمزة لـ"العربي الجديد" أن اعتماد تلك العصابات أساليب جديدة لتوقع بضحاياها يعقد المشكلة، وآخرها التنكر بزي نسائي، وكل ذلك بسبب انتشار عشرات المليشيات المسلحة، وتغلغلها في مفاصل ومؤسسات الدولة دون أي رادع من الحكومة".
وتستهدف تلك العصابات الأطفال لأربعة أسباب رئيسية، وهي بحسب المصادر المتاجرة بالأعضاء البشرية، وابتزاز ذوي الطفل للحصول فدية، وأعمال الثأر والطائفية، أو الاغتصاب.
وبدأت عمليات خطف الفتيات الصغيرات واغتصابهن تثير حفيظة وغضب العراقيين، بعد وقوع عدد من جرائم الاغتصاب لفتيات صغيرات أخيراً جنوب البلاد.
وكشفت إحصائيات وثقها ناشطون مطلع العام الجاري أن معدل عمليات الخطف في العاصمة بغداد وصل إلى 6 حالات خطف يومياً في وسط وضواحي العاصمة، ارتكب أغلبها في وضح النهار.
وقال الناشط فرقد الحسني إن "ما لا يقل عن 6 عمليات خطف تشهدها بغداد يوميا، أغلبها في وضح النهار، وتستهدف مختلف الأعمار، وبدوافع مختلفة، وهي الظاهرة الأخطر في الآونة الأخيرة".
وتابع الحسني "عصابات خطف الأطفال تنتمي للمليشيات المسلحة المنتشرة في عموم العاصمة بكثافة، وتعمد لخطف الأطفال للمتاجرة بأعضائهم أو لابتزاز ذويهم للحصول على المال أو بدوافع طائفية".
وكانت وزارة الداخلية العراقية أصدرت أوامر مطلع عام 2015 بملاحقة عصابات الخطف، نظراً لتزايد عملياتها بعد عام 2014.
وانتشرت في البلاد عصابات الخطف والسطو المسلح بشكل لافت بعد عام 2003، لكنها تزايدت بشكل واضح بين عامي 2006 -2007 مع اندلاع الحرب الطائفية. ثم ارتفعت نسبتها بشكل غير مسبوق مطلع 2014 مع الانفلات الأمني، واتساع رقعة الحرب بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" إلى ما يقرب من نصف مساحة البلاد.