اختفت العديد من الأدوية من داخل المستشفيات الحكومية في مصر، اليوم الأحد، بعد تهديد الصيادلة بخوض إضراب جزئي يوم 15 يناير/ كانون الثاني المقبل، احتجاجاً على رفع سعر الأدوية وعدم تعاون الشركات معهم في إنتاج الأدوية.
وكشف أستاذ المسالك البولية الدكتور عادل حسين، أنّ أطباء مستشفى المطرية ومستشفى الزهراء والدمرداش وحلوان العام وبنها الجامعي وأسيوط وسوهاج ومستشفى الشاطبي في الإسكندرية، رفضوا إجراء أي عمليات اليوم بسبب عدم توافر الكثير من الأدوية التي يحتاجها المريض، سواء قبل أو بعد العمليات، خاصة الأدوية المخدرة والمسكنات، وهو ما ينذر بكارثة صحية للكثير من المواطنين.
وأضاف الدكتور أن كثيراً من السيدات الحوامل وبعض المرضى من الرجال توجهوا إلى عدد من المستشفيات الاستثمارية والخاصة، التي رفعت الأسعار بطريقة كبيرة خلال الساعات الماضية، مؤكداً أن تلك المستشفيات طلبت من المرضى إحضار عدد من الأدوية من الخارج قبل إجراء أي عملية، والشراء من المستشفى بمبلغ أعلى وهو ما جعل الكثير من المرضى بين نارين، إما الوفاة من الألم أو الرضوخ لطلبات المستشفيات الخاصة.
وكشف أن اختفاء "فايو دنتال" المخدر أثناء العمليات يعد كارثة طبية كبيرة، وسوف يؤدي إلى تأجيل الكثير من العمليات، مشيراً إلى أن هناك الكثير من العمليات لا تحتاج إلى تأخير، مثل عمليات "الزائدة الدودية" وعمليات إجراء الحصاوي والولادة القيصرية، فضلاً عن أن السوق المحلية يشهد حالياً عجزا كبيرا في كل أنواع المحاليل، ومن ضمنها محاليل الجفاف، وهذا أمر خطير، كما يشهد السوق الآن انعداماً في ملينات الكبد وذلك بعد أن ارتفع سعرها 100% وعلى الرغم من ذلك إلا أنها ليست موجودة في الأسواق، مضيفاً أن البخاخات المضادة للحروق مختفية أيضا، وأدوية الغدة، وأدوية القلب، موضحاً أن اختفاء الأدوية خلال تلك الفترة أمر غير طبيعي لأن كل الأدوية المختفية مهمة وخطيرة جدًا تخص أمراضاً معينة تسبب الوفاة.
يذكر أن هناك عدداً من أنواع الأدوية مختفية في الصيدليات المصرية بسبب عدم قيام شركات الأدوية بطرحها للمطالبة برفع سعرها، خاصة بعد رفع سعر الدولار أمام الجنيه، وهو القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخراً والذي كان له آثار سلبية على الجنيه بعد "تعويمه"، من بينها أدوية لعلاج أمراض السرطان وسيولة الدم والأمراض العصبية والجلطات، والأدوية المخصصة للأطفال، وأدوية التخدير الكلي والنصفي والإفاقة في المستشفيات، مما أدى إلى إلغاء العديد من عمليات القلب للأطفال.
ومن الأدوية المختفية الخاصة بالأمراض النفسية والعصبية والاكتئاب، والالتهابات الجلدية، ومعظم المحاليل الطبي، مثل محلول "الملح" و"رينجرز" و"منتول" وحقنة "أنتي آر إتش" لحالات الولادة، و أدوية الضغط، وأدوية القلب، بالإضافة إلى الأمصال واللقاحات ومضادات الفيروسات، وكذا المراهم الخاصة بالعيون والقطرات.
وهناك تخوف لدى الكثير من المستشفيات، مع سقوط الأمطار والسيول التي تضرب عددا من المحافظات، خاصة محافظات الوجه البحري، وإصابة المواطنين بالأمراض أو لدغات الثعابين أو العقارب، والحوادث مثل الكسور والإصابات، وإحالتهم إلى تلك المستشفيات التي ليس بها أي أنواع الأدوية، الأمر الذي يؤدي إلى الوفاة.
من جهته، قال مدير المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، إنّ مصر لديها نقص حاد بألفي صنف دواء، منتقداً طريقة تعامل وزارة الصحة مع أزمة النقص الحاد في الأدوية الحيوية على مدار العشرة أشهر الماضية، مما يهدد حياة المريض بالخطر، مشيراً إلى أن حياة جميع المرضى في الوقت الراهن في يد السوق السوداء، مشدداً على ضرورة التدخل الفوري بضرورة توافر الدواء لكونه أمن قومي يحتاجه المواطن مثل "الهواء" وبدون الدواء الموت البطيء ينتظر الملايين من الشعب المصري.
من جانبها، أكدت نقابة الصيادلة أنها مستمرة في قرار الإضراب رغم الضغوط الكبير التي تجريها عليها حالياً الحكومة بإلغاء هذا القرار في الوقت الحالي لخطورته على الوضع العام في مصر.
وأكد عضو نقابة الصيادلة الدكتور حسام كمال، أنّ الحكومة تحاول عن طريق عدد من مؤيديها إفشال الإضراب في محاولة من جانبها للوقيعة بين الصيادلة والمرضى في الشارع، مؤكداً أن جميع الصيادلة يؤيدون الإضراب الجزئي في ميعاده تمهيداً للإضراب الكلي، وأن هذا الإضراب هو لمصلحة المواطن في ظل الارتفاع المستمر للأدوية، ونقص الكثير من الأدوية الهامة لكثير من المرضى، وقال إن الحكومة اعتادت على "سياسة الضرب تحت الحزام"، رافضاً الإذعان لمطالبهم ومطالب شركات الأدوية.
وأضاف المسؤول النقابي، أنّ وزارة الصحة تتعمّد تهميش الصيادلة حتى في اتخاذ قرارات إعادة تسعير الدواء مرة أخرى. كما أوضح أن الصيادلة لديهم اعتراضات أيضاً على سياسة تسعير الدواء من جديد، مشيراً إلى أن إعادة التسعير يجب ألا تشمل كل الأصناف، إذ إن بعضها ليس بحاجة لتسعير جديد.