وأثار إطلاق أول قاموس لغوي للدارجة العامية بالمغرب سجالاً بين من أيّد هذه المبادرة، باعتبار أنها هي اللغة الأم التي ينطق بها المغاربة منذ ولادتهم قبل أن يتعلموا اللغة العربية الفصحى في المدارس، وبين رافض للخطوة بالنظر إلى أنها تستهدف مكانة لغة الضاد في المجتمع.
وكشف عيوش، أن هذا المشروع أخذ من القائمين والمختصين على إنشائه وإخراجه إلى الوجود زهاء أربع سنوات كاملة من العمل والمراجعة، مؤكدا في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه عمل جاد يهدف إلى صون اللغة الدارجة وتوثيقها.
وأورد عيوش أنه لا يمكن الاستهانة بما بُذل من مجهودات لإنجاز هذا القاموس الفريد من نوعه بالمغرب، باعتبار أنه احتاج لخبرة وتجربة ومعرفة العديد من الخبراء وعلماء اللسانيات، مشيرا إلى أن هذا القاموس الذي يهم المناطق الوسطى في البلاد ستتلوه قواميس أخرى للهجات التي ينطقها سكان الشمال والجنوب أيضا.
من جهته، عبر الأكاديمي الدكتور عبد اللطيف أكنوش، مؤلف كتاب عن سياسة النبي صلى الله عليه وسلم باللغة الدارجة، عن إعجابه بمبادرة إنشاء قاموس لغوي بالدارجة، وقال إنها لغة المهمّشين والمقصيين التي يتعين مأسستها ثقافيا"، مضيفا أن "اللغة الدارجة صارت لغة للكتابة أيضا".
وكان أكنوش قد أثار بدوره جدلا بشأن كتابة جزء من تاريخ الإسلام باللغة العامية، وبرّر ذلك بأن العربية الفصحى والفرنسية هي لغات "المهيمنين" سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وبأن كتابة تاريخ الإسلام كدولة باللغة الدارجة العامية تقرب هذا التاريخ من فهم فئة واسعة من المغاربة.
بالمقابل، يرى فريق آخر بأن إطلاق قاموس خاص باللهجة الدارجة يهدف إلى ترسيخ هذه اللغة العامية، وجعلها ذات أولوية في مجالات التعليم والإعلام وغيرها من القطاعات الحيوية بالبلاد، مقابل تراجع دور لغة الضاد في هذه المجالات، وتهميشها ووأدها، لتستفيد اللغة الفرنسية من هذا الصراع اللغوي.
وقال الدكتور فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الذي يضم عشرات الجمعيات التي تنافح عن مكانة العربية بالمغرب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مبادرة عيوش إطلاق معجم العامية المغربية هي محاولة جديدة لإحياء النقاش حول مشروع تدريج التعليم المغربي.
واعتبر بوعلي أن أوهام عيوش تنطلق ليس من أبعاد علمية، وإنما من أسس إيديولوجية وثقافية تسعى إلى هدم منظومة القيم المغربية، وتحاول القول بأن مشروعه مازال قائما وبدأ يصدر مخرجات ونتائج حتى لو أنها وهمية"، مبرزا أن الأمر يتعلق بانقلاب على هوية المغاربة، بغية التمكين للفرانكفونية في البلاد".