الحاجة حليمة من محافظة قنا، واحدة من أكثر من 26 في المائة من المصريين الأكثر فقراً. تأمين الغذاء لأولادها بمثابة معجزة يومية تجترحها. وكيفما كان الحال همّها أن يبيت أطفالها شبعانين ولو ببعض الفتات. تقول: "لقمة الخبز التي تتبقّى من أولادي، أخزّنها حتى ينفد لدينا. عندها أبلّها بالماء وأغليها لتصلح للمضغ مجدداً. أو أضعها مع شوربة عدس أو بيصارة. أفتت البقايا المتحجرة عنها لتصبح مثل الفتة أحياناً. كما أضطر إلى إزالة العفن عن بعضها وأستخدم الأجزاء السليمة منها".
من جهتها، تعتمد الحاجة سميرة من محافظة المنوفية على المشّ (جبن متعفن) كوجبة أساسية لأولادها في معظم الأيام. فإذا ما اشتكى ابنها تأخر الغداء الذي تعلم أنه لن يأتي تضع له طبقاً من المشّ مع بعض البصل. تعتبر أنّ الدود الموجود في المشّ لا يضر: "الدود منه وفيه".
أما الحاجة سعاد، فتعيش مع بناتها الثلاث، بـ150 جنيهاً (19 دولاراً) شهرياً هي راتب زوجها التقاعدي. لكن يلزمها علاج شهري بنحو 300 جنيه. تتنازل دائماً عن حقها في الدواء لتوفر المال من أجل الخبز والجبن.
يعاني الفقراء المصريون من تناول الأطعمة الفاسدة في ظل غياب الرقابة الحقيقية وتفشي الفساد وغياب القانون. وقد سجلت حالات وفاة وتسمم في عدد من القرى في محافظات عدة على رأسها كفر الشيخ والمنوفية والجيزة. آخرها كانت وفاة أربعة عمال في حي بولاق الدكرور في الجيزة إثر تناول وجبة كبدة فاسدة.
كذلك، يقول عبد الله شعيب، من كفر الشيخ، إنّ الأسماك النافقة في نهر النيل في المحافظة بيعت على أنها أسماك حية للمواطنين بسعر 2 جنيه (0.25 دولار أميركي) مما جعل الأهالي يقبلون عليها.
ويعلق مصطفى علي من بولاق الدكرور: "اشتريت لأولادي كيلو كبدة. تسممنا من تناوله ونقلنا إلى المستشفى ولولا عناية الله لمتنا جميعاً". ويقول إبراهيم محسن من أسوان: "أعمل حارساً لإحدى العمارات في القاهرة ومعظم وجباتي أشتريها جاهزة. تناولت ذات يوم رغيف كفتة في أحد المطاعم وعانيت من القيء والإسهال. ظننت أنّها نزلة برد إلا أنّ أصحابي سارعوا بي إلى المستشفى، فتبين أنني تسممت من الكفتة الفاسدة، بل ربما تكون لحم قطط أو كلاب".
تذهب ربة المنزل أم محمود أبعد من ذلك إذ تقول: "حتى اللحوم الفاسدة والمسمومة لا نقدر على شرائها. لديّ خمسة أولاد وزوجي سائق تاكسي يعمل يوماً ولا يعمل آخر، وليس لدينا دخل ثابت. أضطر في أحيان كثيرة إلى شراء الأرخص. أطلب من الجزار العظام من أجل الشوربة. اللحم لا يدخل إلى بيتنا إلا إذا قدم لنا أحد الجيران كيلو لحم في إحدى المناسبات".
من جهتها تعمل ماجدة (اسم مستعار) عاملة منزلية. هي مطلّقة ولديها طفل مريض بمرض مزمن يتطلب علاجه معظم ما تتحصل عليه من دخل. أما عن الغذاء فتقول: "هناك دكاكين للحوم المستوردة أسعارها أقل. لكن نضطر إلى شرائها بالرغم من أنها بلا طعم. وفي كثير من الأحيان نأكل الكبدة المستوردة، ونحن وحظنا، إما أن تكون سليمة أو نذهب إلى الطبيب مباشرة".
في المقابل، تقول الطبيبة حنان قرني، مفتشة الطب البيطري في الجيزة: "اللحوم في منافذ البيع لا تصلح للأكل. عدد كبير من حملات التفتيش كشفنا فيها عن آلاف الأطنان من اللحوم الفاسدة التي تباع للمواطنين في منافذ تدعي أنها تابعة لوزارة الزراعة والقوات المسلحة".
تشير إلى أنّ المزوّرين يغيرون تواريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، ويضعون على اللحوم ملصقات باسم وزارة الزراعة والقوات المسلحة ليبيعوها للمواطنين بأرخص الأسعار.
كذلك، تقول الطبيبة البيطرية والمفتشة شيرين ع.: "ساعدت في شن حملة ضبط لحوم فاسدة على مصنع يتعامل مع سلسلة مطاعم شهيرة، فكانت مكافأتي رفع بلاغ ضدي أمام النيابة العامة للتحقيق في القضية. وكان رد فعل مدير مديرية الطب البيطري السلبية المطلقة والتواطؤ مع أصحاب المصنع. كما جرى تحويلي إلى الشؤون القانونية بتهمة التغيب عن الحضور وتزوير إمضائي في كشف حضور الموظفين. وهذه الشكوى كيدية وجميع زملائي يشهدون على نزاهتي وتفانيّ في العمل. لكن لا يمكن تفسيرها إلا أنها جاءت بدافع التواطؤ بين المدير وأصحاب المصنع".
وسط هذا الواقع، يسلّم الفقراء أمرهم إلى الله. يقول سيّد: "سأستمر في الأكل من القمامة. سيّان عندي إذا كُتب الموت لي أو نجوت منه. هناك حكمة من عيشي كذلك، لكنّني أتمنى أن يريحني الله من هذه الحياة القاسية التي لا ترحم المستضعفين".
اقرأ أيضاً: مصريون رزقُهم في حاويات القمامة
من جهتها، تعتمد الحاجة سميرة من محافظة المنوفية على المشّ (جبن متعفن) كوجبة أساسية لأولادها في معظم الأيام. فإذا ما اشتكى ابنها تأخر الغداء الذي تعلم أنه لن يأتي تضع له طبقاً من المشّ مع بعض البصل. تعتبر أنّ الدود الموجود في المشّ لا يضر: "الدود منه وفيه".
أما الحاجة سعاد، فتعيش مع بناتها الثلاث، بـ150 جنيهاً (19 دولاراً) شهرياً هي راتب زوجها التقاعدي. لكن يلزمها علاج شهري بنحو 300 جنيه. تتنازل دائماً عن حقها في الدواء لتوفر المال من أجل الخبز والجبن.
يعاني الفقراء المصريون من تناول الأطعمة الفاسدة في ظل غياب الرقابة الحقيقية وتفشي الفساد وغياب القانون. وقد سجلت حالات وفاة وتسمم في عدد من القرى في محافظات عدة على رأسها كفر الشيخ والمنوفية والجيزة. آخرها كانت وفاة أربعة عمال في حي بولاق الدكرور في الجيزة إثر تناول وجبة كبدة فاسدة.
كذلك، يقول عبد الله شعيب، من كفر الشيخ، إنّ الأسماك النافقة في نهر النيل في المحافظة بيعت على أنها أسماك حية للمواطنين بسعر 2 جنيه (0.25 دولار أميركي) مما جعل الأهالي يقبلون عليها.
ويعلق مصطفى علي من بولاق الدكرور: "اشتريت لأولادي كيلو كبدة. تسممنا من تناوله ونقلنا إلى المستشفى ولولا عناية الله لمتنا جميعاً". ويقول إبراهيم محسن من أسوان: "أعمل حارساً لإحدى العمارات في القاهرة ومعظم وجباتي أشتريها جاهزة. تناولت ذات يوم رغيف كفتة في أحد المطاعم وعانيت من القيء والإسهال. ظننت أنّها نزلة برد إلا أنّ أصحابي سارعوا بي إلى المستشفى، فتبين أنني تسممت من الكفتة الفاسدة، بل ربما تكون لحم قطط أو كلاب".
تذهب ربة المنزل أم محمود أبعد من ذلك إذ تقول: "حتى اللحوم الفاسدة والمسمومة لا نقدر على شرائها. لديّ خمسة أولاد وزوجي سائق تاكسي يعمل يوماً ولا يعمل آخر، وليس لدينا دخل ثابت. أضطر في أحيان كثيرة إلى شراء الأرخص. أطلب من الجزار العظام من أجل الشوربة. اللحم لا يدخل إلى بيتنا إلا إذا قدم لنا أحد الجيران كيلو لحم في إحدى المناسبات".
من جهتها تعمل ماجدة (اسم مستعار) عاملة منزلية. هي مطلّقة ولديها طفل مريض بمرض مزمن يتطلب علاجه معظم ما تتحصل عليه من دخل. أما عن الغذاء فتقول: "هناك دكاكين للحوم المستوردة أسعارها أقل. لكن نضطر إلى شرائها بالرغم من أنها بلا طعم. وفي كثير من الأحيان نأكل الكبدة المستوردة، ونحن وحظنا، إما أن تكون سليمة أو نذهب إلى الطبيب مباشرة".
في المقابل، تقول الطبيبة حنان قرني، مفتشة الطب البيطري في الجيزة: "اللحوم في منافذ البيع لا تصلح للأكل. عدد كبير من حملات التفتيش كشفنا فيها عن آلاف الأطنان من اللحوم الفاسدة التي تباع للمواطنين في منافذ تدعي أنها تابعة لوزارة الزراعة والقوات المسلحة".
تشير إلى أنّ المزوّرين يغيرون تواريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، ويضعون على اللحوم ملصقات باسم وزارة الزراعة والقوات المسلحة ليبيعوها للمواطنين بأرخص الأسعار.
كذلك، تقول الطبيبة البيطرية والمفتشة شيرين ع.: "ساعدت في شن حملة ضبط لحوم فاسدة على مصنع يتعامل مع سلسلة مطاعم شهيرة، فكانت مكافأتي رفع بلاغ ضدي أمام النيابة العامة للتحقيق في القضية. وكان رد فعل مدير مديرية الطب البيطري السلبية المطلقة والتواطؤ مع أصحاب المصنع. كما جرى تحويلي إلى الشؤون القانونية بتهمة التغيب عن الحضور وتزوير إمضائي في كشف حضور الموظفين. وهذه الشكوى كيدية وجميع زملائي يشهدون على نزاهتي وتفانيّ في العمل. لكن لا يمكن تفسيرها إلا أنها جاءت بدافع التواطؤ بين المدير وأصحاب المصنع".
وسط هذا الواقع، يسلّم الفقراء أمرهم إلى الله. يقول سيّد: "سأستمر في الأكل من القمامة. سيّان عندي إذا كُتب الموت لي أو نجوت منه. هناك حكمة من عيشي كذلك، لكنّني أتمنى أن يريحني الله من هذه الحياة القاسية التي لا ترحم المستضعفين".
اقرأ أيضاً: مصريون رزقُهم في حاويات القمامة