معاناة كبيرة وأيام عصيبة تمر بها عائلات جزائرية تعيش في المناطق الجبلية بالقرى والمداشر عقب التساقط الكثيف للثلوج، حيث تُقطع الطرق والمسالك المؤدية إلى المدينة، ويمنع عن السكان التزود بالمؤونة، خاصة الخبز وغاز البوتان.
إنها تفاصيل رحلة شاقة وصعبة، يعيشها السكان في تلك المناطق الوعرة، تجعلهم يحسون بالعزلة الحقيقية والعجز التام عن توفير الحاجيات الضرورية.
السعيد أمقران (39 عاماً) أحد سكان قرية بوزقن بأعالي جبال ولاية تيزي وزو( 110 كيلومترات شرق العاصمة الجزائرية)، يقول "علي أن أقطع أزيد من 25 كيلومتراً للوصول إلى المدينة لشراء قارورة غاز، ومع هذه الثلوج فإن الأمر أشبه بالمستحيل".
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن "المنطقة مسالكها وعرة، وأغلب البيوت بنيت على قمة الجبل، ما يجعل محاولة خروج سكانها من منازلهم في عز البرد القارس الذي يميز شتاء الجزائر ضرباً من ضروب الخيال".
وشهدت مناطق جبلية عدة، في ولايتي تيزي وزو وبجاية أيضاً، أو كما يسميها السكان بمنطقة "القبائل الكبرى" في وسط الجزائر، أزمة التموين بالمواد الغذائية والغاز منذ أسبوعين، بسبب كثافة الثلوج، علاوة عن هبوب رياح قوية تسببت في انقطاع الكهرباء والاتصالات، ما عزل بعض العائلات في القرى الممتدة على جبال جرجرة عن العالم.
ولا يزال سكان قرى المناطق النائية في الجبال، وسط الجزائر، يأملون بوصول مساعدات من السلطات المحلية للولاية، وكذلك تدخل الجيش لفك عزلتهم، وإنقاذهم حسب تصريحاتهم لـ "العربي الجديد".
ولأن الطبيعة الجبلية تكتسي ولاية تيزي وزو، بنسبة تتجاوز 80 في المائة من أراضيها، أغلبها جبال ومسالك وعرة، علوها يزيد عن 500 متر، فهذا يزيد من تعقيد أوضاع سكان هذه المناطق النائية.
وأدت التساقطات الثلجية في مختلف مناطق الجزائر، إلى عزل العديد من القرى النائية، وإغلاق الطرق التي تربط العاصمة الجزائرية في كل من ولايات بومرداس وبرج وبوعريريج والبويرة وسطيف وباتنة وخنشلة وأم البواقي، إذ يعيش سكانها في عزلة تامة خلال الأيام الأخيرة.
من ناحية ثانية، تسببت التقلبات الجوية التي تشهدها الجزائر في توقيف الدراسة، فأغلقت العديد من المؤسسات التربوية في المناطق المتضررة، علاوة على سقوط عدد من القتلى بسبب البرد وحوادث السير و56 جريحا خلال اليومين الأخيرين.
بدورها، سخرت السلطات المحلية في الولاية، كاسحات الثلوج من أجل فك العزلة، وفتح المسالك والطرقات المغلقة عن تلك المناطق، كما تدخلت وحدات الدفاع المدني لإنقاذ العشرات من الأسر التي غرقت مساكنها الهشة، وجرى إنقاذ السائقين العالقين في سياراتهم بسبب تراكم الثلوج، خاصة في المناطق الجبلية.
كما استدعى سوء الأحوال الجوية تدخل فرق للجيش بالجرافات لفتح الطرقات أمام حركة السير وتقديم المساعدة للمواطنين، ونقل المرضى في الحالات العاجلة نحو المستشفيات، وتموين الأسر في القرى في أعالي الجبال بالخبز والحليب وقارورات غاز البوتان والمواد الغذائية.
فرحة الجزائريين بـ"الحلة البيضاء" التي تكتسيها جبال جرجرة الشامخة لا تكتمل، بل تعيد إلى الأذهان الأزمة التي تدخل عشرات العائلات في عزلة تامة بسبب قطع الطرقات، وتجدد معاناتهم إلى أن تتبدد العاصفة.
اقرأ أيضاً: ثلوج التعب اليومي