جمع جورج كلوني تبرّعات مالية كبيرة لدعم هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأميركية، واصفاً المبلغ بالفاحش. في المقابل ردّ بيرني ساندرز، خصم كلينتون المرشّح للحزب الديمقراطي، أنّه يحترم نزاهة كلوني وصدقه في هذه المسألة، لكنّه لفت إلى أنّ تلك المبالغ المالية الضخمة إنّما هي لشراء الانتخابات. يُذكر أنّ جمع التبرّعات عمليّة ثابتة في الحملات الانتخابية، وساندرز يعتمد من جهته على صغار المتبرّعين.
عندما وجّه ساندرز انتقاداته إلى كلوني يوم الجمعة الماضي، أثار احتجاجات معادية للأخير في سان فرانسيسكو ولوس أنجليس، حيث كان كلوني يستضيف وزوجته اللبنانية أمل علم الدين حفل التبرّعات. يُشار إلى أنّ ثمن التذكرة تراوح ما بين 33 ألفاً و400 دولار أميركي و353 ألفاً و400 دولار. من جهته، اعترف كلوني بأنّ احتجاجات الداعمين لساندرز في محلّها، وأنّ المبلغ فاحش.
كلوني ليس أوّل الأميركيين أو الغربيين الذين يساهمون في أعمال خيرية داعمة لبلادهم أو لسياسيين يرون فيهم الشخص الأنسب للوصول إلى سدّة الحكم. والمثال الأبرز على ذلك زيارة البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم، مخيّمات اللاجئين في اليونان وإنقاذه 12 شخصاً منهم عبر اصطحابهم معه إلى إيطاليا. وهو ما دفع الصحافة الغربية إلى الكتابة أنّ إنسانيّة البابا محرجة. ويطرح السؤال: لماذا يُسجَّل غياب شبه كامل للشخصيات العربية عن ميدان العمل الإنساني أو الخيري البحت؟
من المعلوم أنّ منطقة الشرق الأوسط حالياً، في أمسّ الحاجة إلى أصحاب الضمير الحيّ، خصوصاً في سورية التي أثّرت أحداثها على مناطق الجوار، ومنها لبنان الذي يعاني في الأصل من مشاكله الخاصة، وأبرزها اليوم أزمة النفايات التي وصلت أصداؤها إلى العالم، وكذلك عجز نوابه عن انتخاب رئيس للجمهورية في ظلّ الخلافات السياسية العميقة المتجذّرة في البلد.
لو نظرنا إلى حقوق الإنسان وقضايا اللاجئين أو حقوق المرأة التي بتنا نسمع قصصاً شبه يومية عن تعنيفها وقتلها، لوجدنا مئات الأسباب التي تحثّ أبناء شعبه من المغتربين والأثرياء أو الواصلين إلى مراكز مرموقة، على مدّ يد العون ومحاولة المساهمة في حلّ واحدة من مشاكله الكثيرة أو التخفيف من وطأتها.
ولو سلّمنا بصعوبة التدخّل في الجانب السياسي وتشعبّاته نتيجة الارتباطات الخارجية، قد تكون لفتة إنسانية إلى قضيّة المرأة أو مساعدة دور أيتام أو مخيّمات لاجئين أو غيرها، أموراً يسهل التدخّل بها.
لا يخفى على أحد وصول كثيرين من أبناء الشعب اللبناني إلى مناصب مهمّة في مواقع مختلفة حول العالم وتفوّقهم. لكن للأسف لم نسمع عن هؤلاء إلا الأخبار المرتبطة بأعراسهم الرّاقية ورحلاتهم الفارهة ومشاريعهم الخاصّة أو احتلالهم مراتب عالمية بين أشهر أثرياء العالم، فيما هم قادرون على تنظيم حملات لجمع تبرّعات داعمة لوطنهم.
واللافت أنّ اللبنانيين بغالبيتهم، يتباهون بانتمائهم لوطنهم ومنهم من قد يتأسّف على ما آلت إليه الأمور فيه أو حتى عن تبدّل طبيعة شعبه الذي غابت عنه طيبته حتّى بات شعباً يعشق المظاهر. كلّها أمور قد لا تخلو من الحقيقة، بيد أنّها لا تعني بالضرورة التخلّي عن قضايا الوطن أو إلقاء اللوم على المسؤولين وحدهم.
جورج كلوني الممثّل الشهير، لم يتوان عن استثمار وقته في جمع تبرّعات لهيلاري كلينتون، إيماناً منه بقضيّة يثابر من أجلها، في وقت لم نرَ فيه لبنانياً حرّك ساكناً أو أهدر دقيقة من وقته ليلتفت إلى ما يغرق فيه لبنان.
ويبقى الأمل كلّ الأمل في أن تكون أمل علم الدين المحامية اللبنانية اللامعة التي استلمت أهمّ القضايا على الصعيد العالمي، من أوائل أولئك الداعمين لبلادهم في مسألة قد تؤمن بها وتناضل من أجلها، وأن يقف معها زوجها كلوني لجمع تبرّعات تساند قضية لبنانية، تماماً كما وقفت إلى جانبه في سان فرانسيسكو مؤيّدة لآرائه في السياسة الأميركية.