بفارغ الصبر، ينتظر مواطنون جزائريون ما تجود به القمامة من بقايا معدنية وقوارير بلاستيكية وغيرها مما يدخل في خانة الخردة. هو مصدر رزقهم اليومي يشدّون إليه كلّما أفرغت شاحنات النفايات حمولاتها.
البطالة والفقر يدفعان العشرات إلى العمل وسط ركام النفايات، والبحث بين أكياسها عما يمكن بيعه ولو بثمن بخس. لكنّ البعض يعمل في إطار مجموعات تمتهن جمع الخردة. يقول عمي علي (62 عاماً) لـ"العربي الجديد" بينما يبحث في أكوام النفايات: "هنا تربيت وترعرعت. هذا مصدر رزقي". هرب من ويلات الإرهاب في مدينة عين الدفلى (310 كيلومترات غرب العاصمة الجزائرية) قبل سنوات، فوجد نفسه مطالباً بالعمل وتأمين لقمة عيش أولاده.
المنطقة التي تجمع فيها المواد المعدنية والبلاستيكية والخشبية المجموعة، لتفرز وتكدّس في أبنية شبه مكتملة في شرق العاصمة تعرف باسم وادي السمار. أما العاملون في فرزها هنا فشباب وصغار جميعهم يجدون ضالتهم في هذه المهنة. ضاقت على الكبار منهم خصوصاً، سبل الحصول على وظيفة. وبعضهم خريجون جامعيون حتى، كحال جلال (27 عاماً) وهو خريج كلية اللغات والآداب. بالنسبة إليه، فإنّ الأهم هو الحصول على بضاعة يمكن جمعها وإعادة بيعها، ولو بأثمان بخسة. هذا المال هو "ما يؤمّن لقمة العيش ويحفظ ماء الوجه" كما يقول.
يقول جلال لـ"العربي الجديد" إنّه يطمح في تأسيس شركته الصغيرة، لكن بعد جمع المال الوفير من أي عمل يؤديه بعرق جبينه. وإلاّ فسيختار وجهة أخرى هي الهجرة إلى أوروبا. هذه الهجرة هي "حلم الكثيرين هنا خصوصاً الخريجين الذين أقفلت في وجوههم أبواب الحصول على عمل".
يقول عبد الودود (32 عاماً) إنّ "الآلاف مروا من هنا، في مجمع تدوير النحاس والحديد والبلاستيك في وادي السمار". يتحاشى الحديث إلى "العربي الجديد" في البداية ويتذرع بفخر بـ"أسرار المهنة". ثم يتراجع عن ذلك ويقول: "هنا كل شيء يباع، لكن لا نثق بالأغراب. كلّ من يعمل هنا يعرف خبايا المهنة وأسرارها. ويتعارف العمال أيضاً، بل يتحولون إلى عائلة. سنوات الكدح تكسر كلّ الحواجز".
اقــرأ أيضاً
البطالة والفقر يدفعان العشرات إلى العمل وسط ركام النفايات، والبحث بين أكياسها عما يمكن بيعه ولو بثمن بخس. لكنّ البعض يعمل في إطار مجموعات تمتهن جمع الخردة. يقول عمي علي (62 عاماً) لـ"العربي الجديد" بينما يبحث في أكوام النفايات: "هنا تربيت وترعرعت. هذا مصدر رزقي". هرب من ويلات الإرهاب في مدينة عين الدفلى (310 كيلومترات غرب العاصمة الجزائرية) قبل سنوات، فوجد نفسه مطالباً بالعمل وتأمين لقمة عيش أولاده.
المنطقة التي تجمع فيها المواد المعدنية والبلاستيكية والخشبية المجموعة، لتفرز وتكدّس في أبنية شبه مكتملة في شرق العاصمة تعرف باسم وادي السمار. أما العاملون في فرزها هنا فشباب وصغار جميعهم يجدون ضالتهم في هذه المهنة. ضاقت على الكبار منهم خصوصاً، سبل الحصول على وظيفة. وبعضهم خريجون جامعيون حتى، كحال جلال (27 عاماً) وهو خريج كلية اللغات والآداب. بالنسبة إليه، فإنّ الأهم هو الحصول على بضاعة يمكن جمعها وإعادة بيعها، ولو بأثمان بخسة. هذا المال هو "ما يؤمّن لقمة العيش ويحفظ ماء الوجه" كما يقول.
يقول جلال لـ"العربي الجديد" إنّه يطمح في تأسيس شركته الصغيرة، لكن بعد جمع المال الوفير من أي عمل يؤديه بعرق جبينه. وإلاّ فسيختار وجهة أخرى هي الهجرة إلى أوروبا. هذه الهجرة هي "حلم الكثيرين هنا خصوصاً الخريجين الذين أقفلت في وجوههم أبواب الحصول على عمل".
يقول عبد الودود (32 عاماً) إنّ "الآلاف مروا من هنا، في مجمع تدوير النحاس والحديد والبلاستيك في وادي السمار". يتحاشى الحديث إلى "العربي الجديد" في البداية ويتذرع بفخر بـ"أسرار المهنة". ثم يتراجع عن ذلك ويقول: "هنا كل شيء يباع، لكن لا نثق بالأغراب. كلّ من يعمل هنا يعرف خبايا المهنة وأسرارها. ويتعارف العمال أيضاً، بل يتحولون إلى عائلة. سنوات الكدح تكسر كلّ الحواجز".
عبد الودود وصل إلى المكان في السادسة عشرة. يومها، ترك مقاعد المدرسة وبدأ العمل مع أحد جيرانه في جمع الخردة. يشير إلى كتفيه ويقول: "قصم ظهري هذا العمل. كنت أقبض دنانير معدودة عن كل 10 كيلوغرامات أجمعها، ثم تحولت العملية إلى كسب وفير. كوّنت مجموعة من أربعة أطفال لا يتجاوز عمر الواحد منهم 14 عاماً، جمعيهم فشلوا في إتمام الدراسة، ووجدوا رزقهم معي هنا في جمع الخردة".
عاماً بعد عام، تحولت مساحات شاغرة في وادي السمار إلى إمبراطورية خردة وإعادة تدوير. عبد الودود وغيره العشرات يتنقلون كلّ مساء على متن شاحنات ليجمعوا ما تيسر من بقايا بلاستيك وحديد وألومنيوم. عملية ليست سهلة، فالعمال ما هم إلا شباب وأطفال يحملون ما يجمعونه في أكياس ويقدمونه إلى أصحاب الشاحنات الذين يدفعون لهم أجرتهم. أما عبد الودود والسائقون الآخرون فيوصلون البضائع إلى حظيرة التفريغ ويفرزونها من أجل استغلالها في بيعها إلى المصانع المرخصة. في المكان نفسه، مستودعات بعيدة عن الأعين. هي أماكن مغطاة مخصصة لصهر الحديد والألومنيوم والبلاستيك.
جمع الخردة، خصوصاً المعادن، نشاط توسع مع الزمن. كثيرون تمكنوا من تكوين ثروة من هذه التجارة. إبراهيم الذي يعمل في هذا المكان منذ أكثر من 14 عاماً يحصل على دخل شهري يتجاوز 700 دولار أميركي. وهو ما يبقيه في هذا القطاع، حتى تحول وادي السمار إلى بيته الثاني.
زميله عبد الله يرى كل شيء هنا "ثميناً". هو مقتنع بأنّ الرزق موجود في كلّ كيلوغرام يجمعونه من الألومنيوم أو البلاستيك أو الإطارات. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ العمل موجود، "ومن يريد أن يحصل على رزقه يأتي إلى هنا. لكن.. كلّ شخص وشطارته في الكسب".
لا مكان هنا للبطالة، أو انتظار الأجرة في نهاية كلّ شهر. قانون واحد يحكم إمبراطورية الخردة، هو "المنافسة بين من يجمع أكثر، وبين من يبيع الأفضل". في المكان حظائر جمع خردة كبرى تعمل ليلاً ونهاراً في إعادة التدوير بعيداً عن أعين الرقابة، خصوصاً أنّ بعض عمالها صغار ومن يحق لهم العمل ليسوا مسجلين في التأمين الاجتماعي والصحي.
لكن، على الرغم مما يلاقيه عمال الخردة، فهي مهنة من لا مهنة له. كثيرون دخلوا إليها مكرهين، وبمرور الوقت باتت نشاطهم الحياتي الأول الذي لا غنى عنه.
اقــرأ أيضاً
عاماً بعد عام، تحولت مساحات شاغرة في وادي السمار إلى إمبراطورية خردة وإعادة تدوير. عبد الودود وغيره العشرات يتنقلون كلّ مساء على متن شاحنات ليجمعوا ما تيسر من بقايا بلاستيك وحديد وألومنيوم. عملية ليست سهلة، فالعمال ما هم إلا شباب وأطفال يحملون ما يجمعونه في أكياس ويقدمونه إلى أصحاب الشاحنات الذين يدفعون لهم أجرتهم. أما عبد الودود والسائقون الآخرون فيوصلون البضائع إلى حظيرة التفريغ ويفرزونها من أجل استغلالها في بيعها إلى المصانع المرخصة. في المكان نفسه، مستودعات بعيدة عن الأعين. هي أماكن مغطاة مخصصة لصهر الحديد والألومنيوم والبلاستيك.
جمع الخردة، خصوصاً المعادن، نشاط توسع مع الزمن. كثيرون تمكنوا من تكوين ثروة من هذه التجارة. إبراهيم الذي يعمل في هذا المكان منذ أكثر من 14 عاماً يحصل على دخل شهري يتجاوز 700 دولار أميركي. وهو ما يبقيه في هذا القطاع، حتى تحول وادي السمار إلى بيته الثاني.
زميله عبد الله يرى كل شيء هنا "ثميناً". هو مقتنع بأنّ الرزق موجود في كلّ كيلوغرام يجمعونه من الألومنيوم أو البلاستيك أو الإطارات. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ العمل موجود، "ومن يريد أن يحصل على رزقه يأتي إلى هنا. لكن.. كلّ شخص وشطارته في الكسب".
لا مكان هنا للبطالة، أو انتظار الأجرة في نهاية كلّ شهر. قانون واحد يحكم إمبراطورية الخردة، هو "المنافسة بين من يجمع أكثر، وبين من يبيع الأفضل". في المكان حظائر جمع خردة كبرى تعمل ليلاً ونهاراً في إعادة التدوير بعيداً عن أعين الرقابة، خصوصاً أنّ بعض عمالها صغار ومن يحق لهم العمل ليسوا مسجلين في التأمين الاجتماعي والصحي.
لكن، على الرغم مما يلاقيه عمال الخردة، فهي مهنة من لا مهنة له. كثيرون دخلوا إليها مكرهين، وبمرور الوقت باتت نشاطهم الحياتي الأول الذي لا غنى عنه.