نظّم عدد من الشبان اليوم اعتصاماً اعتراضاً على نقل "المستشفى الميداني العسكري المصري" إلى حرش بيروت، في العاصمة اللبنانية، ولاحقاً تدخل عدد من شبان المنطقة من المؤيدين لنقل المستشفى، ما أدى إلى حصول تضارب بالأيدي والعصي، وأصيب عدد من الأشخاص برضوض طفيفة. وتدخلت القوى الأمنية وعملت على تفريق المتشابكين، وطلبت من الجميع مغادرة المكان تحت طائلة توقيف من لا ينفذ أوامرها.
وحمّل رئيس "حركة الشعب" نجاح واكيم "تيار المستقبل كامل المسؤولية عن الاعتداء"، مؤكداً أن "الحركة سوف تقيم دعوى جزائية على قيادة تيار المستقبل وعلى من يظهره التحقيق فاعلاً أو متواطئاً بهذا الاعتداء".
وأوضح فيديو نشرته الحركة، والتي دعت للاعتصام، اعتداء عدد من الشبان على الناشطين المشاركين، وهو ما استدعى نقل عدد منهم إلى المستشفيات للمعالجة.
ولم يكد اللبنانيون يهنأون بافتتاح حرش العاصمة بيروت أمامهم ليومين في الأسبوع، بعد 13 عاماً من إغلاقه، حتى فاجأهم ارتفاع أساسات باطونية لمبنى "المستشفى الميداني العسكري المصري"، والذي استقر الأمر على إنشائه في قطعة أرض غير مشجرة تابعة عقارياً للحرش.
وتابع أهالي منطقة قصقص في بيروت ارتفاع الأساسات الباطونية في الموقف التابع لحرش بيروت خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك، وعلموا أن هذه الأساسات هي للمستشفى الميداني الذي افتتحته السلطات المصرية عام 2006 في بيروت، ويستمر العمل فيه حتى اليوم.
وأثار استخدام أراضٍ تابعة للحرش اعتراض عدد من الجمعيات البيئية المتابعة لملف الحرش، والذي تعرض لقضم مستمر من مساحته خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). وتشير إحصاءات مبادرة "دليل لبنان الأخضر" إلى تقلّص مساحة الحرش من نحو 800 ألف متر مربع عام 1967 إلى نحو 330 ألف متر مربع حالياً. وتنقسم هذه المساحة إلى جزء مشجر وآخر أصغر مفروش بالحصى، يستخدم كموقف للسيارات ولإقامة النشاطات الترفيهية، لا سيما "كرمس العيد" في عيدي الفطر والأضحى.
ويؤكد الناشط البيئي رجا نجيم، لـ"العربي الجديد"، أن أعمال بناء المستشفى توقفت حالياً "نتيجة الضغوطات التي مارستها الجمعيات البيئية لمنع إنشاء أي مبنى على أرض الحرش الذي تهدده المشاريع العمرانية بشكل دائم". ويأتي رفض الجمعيات في سياق مسار طويل من مقاومة إزالة المساحة الخضراء في الحرج تحت عناوين إنمائية.
وبحسب قرار بلدية بيروت الصادر في مارس/ آذار 2016 "وافق المجلس على تخصيص 2000 متر مربع لإقامة المركز الطبي العسكري المصري". ويؤكد مصدر في البلدية لـ"العربي الجديد" أن "قرار إقامة المستشفى المصري في الجزء غير المشجر من أراضي الحرج أتى نتيجة أولوية المشروع على الصعيدين السياسي والإنمائي للمنطقة المحيطة بالحرج"، معتبراً أن "الحرص الشديد على العلاقات المصرية اللبنانية انعكس على المشروع من خلال التنسيق الواسع بين وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، ومحافظ بيروت القاضي زياد شبيب، مع السفير المصري في لبنان لاختيار الأرض الأنسب لإقامة المستشفى".
وأوضح المصدر البلدي أن هذا التنسيق "تجاوز دور البلدية في كثير من الأحيان، لكن أهمية المشروع في تقديم المساعدات الطبية والحرص على العلاقات الثنائية، دفعا لتسهيل إقامته في الأرض التي اختارتها السفارة المصرية من بين غيرها من الخيارات التي كانت متاحة أمامها". وحرص على ذكر عبارة "بناءً على طلب السفير المصري في نص القرار البلدي".
يشرح حمد أن اختيار الأرض "بدأ بعدما طلبت إدارة جامعة بيروت العربية نقل المستشفى من مبنى الهندسة فيها إلى مكان آخر نتيجة ضيق المساحة، فعرضنا على السفارة المصرية تخصيص طابق ثم مبنى كامل (ثلاث طبقات) في منطقة صبرا لإنشاء هذا المستشفى الحيوي، لكن الرفض الأمني للمشروع دفعهم للبحث عن أرض بديلة، فاختاروا مدرسة شكيب أرسلان في منطقة فردان".
وبعدها بأشهر عديدة فوجئ المجلس البلدي بعدم افتتاح المستشفى في فردان وعلم أن السفارة قررت نقل المشروع إلى أرض الحرج، فعرضت البلدية عليهم قطعة أرض أخرى في منطقة بشارة الخوري، فرفضوها أيضاً. عندها وافق المجلس البلدي على منح الأرض في الحرج لإقامة المشروع "لأنه بصراحة كان سينفذ حتى دون موافقة المجلس البلدي بسبب التنسيق عالي المستوى بين المحافظ والسفارة ووزير الداخلية"، بحسب المصدر البلدي.
وحاول "العربي الجديد" التواصل مع محافظ بيروت لسؤاله عن موضوع المستشفى، لكنه لم يرد.
وأكد رئيس البلدية السابق أن "الاتفاق كان على إنشاء مبنى مؤقت يراعي الشروط البيئية، وفي موقع آخر غير ذلك الذي أقيمت عليه الأساسات الباطونية الآن". وهو ما تظهره الخريطة المرفقة بالقرار البلدي اللذين حصل عليهما "العربي الجديد".