اتسعت دوائر التضامن مع عمال الترسانة البحرية في الإسكندرية، المحالين إلى المحاكمة العسكرية بتهم التظاهر والامتناع عن العمل والتحريض على الإضراب، لأبعد من الحدود المصرية والعربية، فقد وقّع برلماني إيرلندي وعشرات النقابيين من بريطانيا وإيرلندا والولايات المتحدة، على عريضة باللغة الإنجليزية تطالب السلطات المصرية بالإفراج عن العمال ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين.
وقررت المحكمة العسكرية في الإسكندرية، السبت الماضي، تأجيل القضية إلى اليوم الثلاثاء، لضبط وإحضار 11 عاملا آخرين، إلى جانب 14 عاملا محتجزين، كما أضافت تهمة جديدة للعمال وهي التحريض على الإضراب، إلى جانب تهمتي التظاهر والامتناع عن العمل التي وجهتها النيابة العسكرية للعمال.
كانت الشركة قد جرى إغلاقها من قبل قوات الشرطة العسكرية في 24 مايو/أيار الماضي، كإجراء عقابي، لأن العمال تجرؤوا وطالبوا بتحسين أوضاعهم المالية وصرف أرباحهم المتوقفة من 4 سنين، وتحسين الخدمات الصحية المقدمة لهم، وتحسين إجراءات الأمان، وإعادة تشغيل الورش المتوقفة عن العمل، وتم توجيه التهم لستة وعشرين عاملا، وتم التحقيق في الفعل مع 13 منهم يوم 25 مايو/أيار الماضي.
وجاء في العريضة التي وقّع عليها نقابيون وبرلمانيون أوربيون وأميركيين، أن المنظمات الحقوقية الدولية انتقدت مصر مرارا لاستخدامها المتزايد للمحاكمات العسكرية ضد المدنيين منذ عام 2011، ووصفت منظمة العفو الدولية هذه المحاكمات بأنها "غير عادلة"، وأشارت إلى أنها دوما تكون مرتكزة على اعترافات يتم انتزاعها عبر التعذيب.
ومنذ عام 2014، تمت إحالة نحو 160 طالبا إلى محاكمات عسكرية، وحوكم 7420 مدنيا على الأقل عسكريا، منذ أن أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قانونا وسّع من اختصاصات المحاكم العسكرية في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بحسب توثيق أخير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش.
وأشار تقرير هيومن رايتس، الصادر في أبريل/نيسان الماضي، بعد أن دقّقت المنظمة في نحو 50 تقريرا إعلاميا مصريا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، إلى أن "عدداً كبيراً من المتهمين أحيلوا إلى محاكم عسكرية، لأن الأحكام الفضفاضة في قانون السيسي تضع فعليا جميع الممتلكات العامة تحت سلطة القضاء العسكري، وليس لأنهم ارتكبوا جرائم تمس القوات المسلحة".
وشملت هذه المحاكمات العسكرية 86 طفلاً على الأقل، بالإضافة إلى طلاب وأساتذة جامعيين ونشطاء، منهم من جرى إخفاؤهم قسرا وتعذيبهم.
كما قال إيان هودسون، رئيس اتحاد عمال الأغذية في المملكة المتحدة، إن "الاتحاد يرسل تضامنه مع العمال المصريين". وقال وجوان أندي، المدير التنفيذي لحملة من أجل السلام والديمقراطية الأميركية: "نرسل تضامننا من مدينة نيويورك".
وقال مايكل ايسنشر، عضو الاتحاد الأميركي للمعلمين: "كل التضامن مع الشعب العامل في مصر وفي الشرق الأوسط. ولندافع عن حقوق العمال العالمية وحق المعارضة، التي لا يجب أن تتوقف عند الحدود المصرية".
وقال وسيم يعقوب، من اتحاد موظفي الجامعات والكليات في جامعة كامبريدج، بالمملكة المتحدة، إن هذا "اعتداء مشين على حقوق الإنسان الأساسية، ناهيك عن حقوق العمال. هذه المحاكمات غير الشرعية يجب أن تتوقف فورا".
وقال شيلا مكجريجور، عضو الاتحاد الوطني للمدرسين في المملكة المتحدة، إنه "يجب أن يكون للعمال الحق في التنظيم كحق مدني بدون ترهيب من أي سلطة، وفي الصدارة يأتي الجيش".
إلى ذلك، انضمت جهات حقوقية وقيادات عمالية ونقابية إلى قطار التضامن مع العمال بالتوقيع على عريضة أطلقها عدد من القيادات العمالية الخميس الماضي، تطالب بالإفراج عن العمال. ومن أبرز الموقعين، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، إلى جانب عدد من الشخصيات العامة، مثل المرشح الرئاسي السابق خالد علي، والشاعر سيد حجاب، والحقوقية عايدة سيف الدولة، والناشط حاتم تليمة، وإلهام عيدراوس، وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، والكاتب والباحث تامر وجيه، والحقوقي محمد الباقر.
واعتبر البيان أن محاكمة العمال، بزعم أن الشركة تحولت تبعيتها لوزارة الدفاع منذ 4 سنوات، تعد حلقة جديدة من سلسلة الانتهاكات التي يرتكبها نظام الحكم ضد العمال، في انتهاك واضح وصريح للمادة 15 من الدستور المصري، وكذلك الاتفاقية رقم 87 الصادرة عن منظمة العمل الدولية والتي تنص على حق العمال في الإضراب، وكذلك لقانون العمل المصري.