وشارك في مراسم التشييع وصلاة الجنازة، كل من الرئيس الباكستاني ممنون حسين وقائد الجيش الجنرال راحيل شريف، وضباط الجيش وجنرالاته، وعدد من الوزراء والمسؤولين في الحكومات الإقليمية وتجار وزعماء القبائل.
وقال الرئيس الباكستاني، ممنون حسين، خلال مراسم التأبين: "لقد فقدنا اليوم أباً حنونا خدم الشعب والإنسانية، داعيا الله تعالى أن يجعل الجنة مثواه"، كما أعرب عن حزنه وأساه الشديدين ازء رحيل رجل من طينة إيدهي.
وكان عبد الستار إيدهي يعاني منذ فترة طويلة من مرض الكلى، ورفض العلاج خارج البلاد بمصاريف الحكومة، إلى أن تدهورت حاله فغادر الدنيا ليدفن في القبر الذي هيأه لنفسه قبل 25 عاماً في مقبرة خاصة بمؤسسته في كراتشي.
وأعرب رؤساء الأحزاب السياسية والدينية ونشطاء المجتمع المدني عن حزنهم الشديد إزاء وفاة "خادم الإنسانية"، حيث أكد زعيم حركة الإنصاف عمران خان أن إيدهي رجل يقتدى به، وسيبقى مفخرة الشعب الباكستاني على مدى الأزمان.
يملك عبد الستار إيدهي مؤسسة إيدهي الخيرية، وقد رأى النور في قرية بنتو بمدينة كجرات الهندية وانتقل مع أسرته إلى مدينة كراتشي بعد انفصال باكستان عن الهند عام 1947. امتهن في البداية تجارة الأقمشة كبائع متجول بعد أن ترك الدراسة بسبب الظروف المعيشية، إلا أنه اضطر إلى ترك العمل بعد إصابة والدته بمرض الشلل والسكري وغيرهما من الأمراض.
في عام 1951م أطلق إيدهي خدماته الإنسانية والإغاثية بصورة بسيطة جداً، من خلال إنشاء مستوصف صغير قرب منزله في مدينة كراتشي يعالج فيه المرضى، كما اشترى لاحقاً سيارة إسعاف ينقل فيها المرضى إلى المستشفيات.
وبعد سنوات، تمكن إيدهي بمساعدة بعض زملائه من إنشاء مؤسسة خيرية سماها "إيدهي ترست"، كان الهدف منها توفير الإسعاف العاجل والخدمات الطبية لفقراء المجتمع الباكستاني، ولكن بمرورالأيام وبفضل قيادة قوية ومتكاملة لعبدالستار إيدهي، وثقة الشعب الباكستاني، توسعت رقعة خدماته لتشمل إقامة العشرات من دور الأيتام ودور تأهيل متعاطي المخدرات وغيرها من الخدمات الإنسانية.
ومن أبرزما قدمه إيدهي للشعب الباكستاني، شبكة سيارات الإسعاف، التي وصل عددها إلى نحو ألف سيارة. وتعد مؤسسته الأكبر في العالم، حيث تملك مروحيات عدة للإسعاف، تستخدمها أثناء الكوارث والأزمات التي تشهدها باكستان بين حين وآخر، كالزلزال المدمر عام 2005، والفيضانات الجارفة التي تعرضت لها مناطق واسعة خلال العقد الماضي.
تدير مؤسسة إيدهي نحو ثلاثمائة وثلاثين مركزاً للطوارئ، منتشرة في كل ربوع البلاد، ويعمل فيها نحو ألفي موظف، بينهم 500 امرأة. وامتدت خدمات المؤسسة للعناية بكل أطياف المجتمع الباكستاني، ولم تترك باباً من أبواب الخير إلا طرقته، فبعد أن قررت الحكومة الباكستانية القضاء على ظاهرة التسول، قرر إيدهي إنشاء دور تأهيل للمتسولين يصار من خلالها إلى رعاية المتسولين، كما تقيم المؤسسة عشرات من الموائد المجانية في كافة أرجاء البلاد للفقراء والعاطلين من العمل.
ويتوقع أن تدير بلقيس إيدهي، زوجة عبد الستار إيدهي، المؤسسة من بعد وفاته، وبلقيس كرست حياتها لخدمة الفقراء على غرار شريك حياتها بعد أن تزوجا في عام 1965. لعبت المرأة دورا حيويا في تطوير أعمال إيدهي الإنسانية والإغاثية التي تجاوزت الحدود الباكستانية، حيث كان لها حضور قوي في لبنان إبان العدوان الإسرائيلي عام 2006، كما وصلت خدمات إيدهي إلى أفغانستان وبنغلاديش.
بلقيس، الملقبة في باكستان بـ"باجي" أي الشقيقة الكبرى، كانت تقوم برعاية آلاف الأطفال غير المرغوبين من قبل ذويهم بسبب الإعاقات الجسدية أو الذهنية.
وبعد حياة كرسها لخدمة الإنسانية، توفي إيدهي في مدينة كراتشي تاركا وراءه مشاريع إنسانية ضخمة، وأسرة همها الوحيد وشغلها الشاغل خدمة الفقراء والمعوزين واليتامى.