في الوقت، الذي يذهب فيه ملايين المغاربة إلى شواطئ البحر، في خضم حرارة الصيف القائظ لهذا العام، يكتفي الآلاف من أبناء الفقراء، في المدن الداخلية خصوصاً، بالسباحة في النوافير العمومية، فيما يذهب سكان البوادي والقرى النائية إلى البرك لتمضية أوقاتهم في السباحة.
وبسبب بُعْد المدن الداخلية، مثل فاس ومكناس وصفرو ومراكش وغيرها عن شواطئ البحر الأبيض المتوسط شمالا، والمحيط الأطلسي غربا، فإن الكثير من الأطفال والشباب يقبلون على النوافير العمومية داخل مدنهم، من أجل التسلية والاستمتاع بالسباحة.
ويجد أطفال وشباب يسبحون في هذه النوافير، رغم قلة عددها في المدن الداخلية في البلاد، في هذه الأماكن والفضاءات بديلا لهم عن شواطئ البحر البعيدة عن مدنهم، فمدينة فاس مثلا تبتعد عشرات الكيلومترات عن أقرب شاطئ للبحر في الرباط أو طنجة، ما يدفعهم للارتماء في النوافير تزجية للوقت، وتخفيفا لشدة الحرارة.
وليس البعد الجغرافي عن الشواطئ وحده ما يرغم أطفال الفقراء خاصة على السباحة في ظروف غير آمنة في النوافير، وإنما أيضا قلة الإمكانات المادية التي تتيح لهم ولوج المسابح الخاصة في المدن الداخلية، حيث لا يجدون ما يسددون به ثمن دخول المسبح كل يوم.
ويقول في هذا الصدد الناشط الجمعوي الشاب بمدينة فاس، مصطفى شنوف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن البعد عن البحر ليس سببا يسوغ حرمان أطفال وشباب المدن الداخلية، مثل فاس، والتي تشهد في الصيف حرارة مفرطة، من التمتع بأجواء الصيف والسباحة في ظروف عادية.
وأوضح شنوف أن العامل المادي يلعب دورا حاسما أيضا في توجه الكثير من الأطفال والمراهقين، في المدن الداخلية والمناطق النائية، نحو النوافير العمومية، مبرزا أن هناك مسابح خاصة في هذه المدن، غير أن ثمن ولوجها الذي يتراوح بين 30 و50 درهما يوميا تعجز الأسر الفقيرة عن توفيره".
وحذر الناشط ذاته من العواقب الصحية التي تنجم عن سباحة الأطفال في النوافير، أو في البرك والمجاري المائية، خاصة بالنسبة لسكان المناطق النائية والهامشية في البلاد، مبرزا أن هناك عدداً من الأمراض التي تنشأ بسبب السباحة في مثل هذه الأماكن التي يلجأ إليها الفقراء.
حوادث الغرق أيضا من بين مخلفات سباحة عدد من الشباب في السدود والمستنقعات، لا سيما في المناطق القروية، أو في ضواحي المدن، والذين لا يجدون القدرة المالية على التنقل إلى شواطئ البحر الكثيرة، ولا ولوج المسابح الخاصة المؤدى عنها، مما يفضي بهم إلى المخاطرة بأنفسهم في تلك السدود والمستنقعات.
ونبهت العديد من الفعاليات والجمعيات المحلية في المناطق، التي تتواجد فيها الوديان والسدود، والمستنقعات والبرك المائية، من تنامي حوادث الغرق وسط الأطفال والمراهقين، وحتى كبار السن، الذين يفدون إلى هذه الأماكن للسباحة والترويح عن النفس في خضم الحرارة المفرطة.