من الآن فصاعداً، لن يخيّم الصمت على أنفاق لندن بعد منتصف الليل، مثلما جرت العادة منذ قرن ونصف وتقريباً. ابتداءً من 19 أغسطس/آب الجاري، سوف تتوفّر خدمة النقل على مدار الساعة خلال عطل نهاية الأسبوع. والقرار المتخذ يصبّ في مصلحة كثيرين من سكّان لندن، إلا أنّه في المقابل قد يكون مجحفاً في حقّ عمّال الأنفاق وموظّفيها.
بعد يومَين، يبدأ العمل بخطَّي "سنترال" و"فيكتوريا" بحسب القانون الجديد، الذي سعى عمدة لندن الجديد صديق خان إلى تطبيقه، على أن تتبع الخطوط الأخرى في الخريف المقبل. لكنّ الأمر لا يخلو من الاعتراض، على الرغم من الترحيب الواسع. الجهات المعترضة تحاول ببساطة حماية مصالحها. وتلك الجهات هي موظّفو الأنفاق.
وكانت الحملة قد انطلقت بدافع القلق على العاملين في المطاعم والنوادي الليلية، خصوصاً أنّ من بينهم نساء وشابات كثيرات. رأى الناشطون أنّه من المؤسف أن ينتظر العاملون بعد انتهاء دوامهم حتى الصباح واستئناف حركة وسائل النقل العام، حتى تتسنّى لهم العودة إلى منازلهم.
كذلك رفضوا أن يكون الحلّ البديل دفع تكاليف سيارة أجرة قد توازي راتب يوم عمل، بهدف تجنّب المتاعب الليلية التي قد تواجههم في شوارع مدينة الضباب أو هرباً من البرد الذي يلفّها على مدار السنة تقريباً.
في عام 1863، كانت لندن المدينة الأولى في العالم التي أنشأت خطّاً لسكك الحديد تحت الأرض، حين استخدمت عربات خشبية مضاءة بالغاز تنقلها قاطرات بخارية. لكنّها لم تكن السبّاقة إلى توفير خدمة قطارات أنفاق خلال عطل نهاية الأسبوع على مدار الساعة. وتأتي هذه الخطوة اليوم، بعد كلّ من نيويورك وبرلين. تجدر الإشارة إلى أنّ أنفاق لندن التي يعود تاريخ خدمتها للسكّان إلى أكثر من 150 عاماً، لم تفدهم في النقل فقط. فهي كانت ملجأً آمناً لهم خلال الحرب العالمية الثانية، كذلك حُفِظت فيها كنوز المتحف البريطاني الأثرية لحمايتها من التلف من جرّاء الحرب الدائرة آنذاك.
على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها موظّفوها، تستمرّ تلك الأنفاق في تقديم المزيد من الخدمات، لا سيّما فرصة منح السكّان عودة آمنة إلى منازلهم. وهذه الخدمة قد لا تقدّر بثمن بالنسبة إلى كثيرين يمضون ليلهم في لندن، إمّا في العمل أو التجوّل في شوارعها أو في مسارحها ومقاهيها ومطاعمها وغيرها من أماكنها الرائعة. وتشمل فائدتها أيضاً السيّاح وزائري المدينة. وتكمن قيمة تلك الخدمة بالتحديد، في انخفاض تكلفتها بالمقارنة مع وسائل النقل الأخرى.
من جهة أخرى، ما زال الاتحاد الوطني لعمّال سكك الحديد والملاحة والنقل يتخوّف على مصير رواتب موظّفي الصيانة الهندسية، ويخشى من أن تلجأ نقابة النقل إلى الإضراب مجدّداً، على الرغم من الاتفاق بين هيئة النقل في لندن والنقابات. يُذكر أنّ الاتفاق ينصّ على ضمان أجور جيدة للعمال في مقابل المناوبات الإضافية.
اقــرأ أيضاً
في هذا الإطار، يقول شون كولفير وهو مسؤول من مكتب إعلام هيئة النقل في لندن لـ "العربي الجديد"، إنّ "الإضرابات التي خُطط لها، ألغيت بعدما توصّلّت النقابات إلى اتفاق". ويشير إلى كلام الرئيس التنفيذي للعمليات في مترو أنفاق لندن، ستيف غريفيث، الذي عبّر عن امتنانه لرؤية أكثر من 90 في المائة من أعضاء "جمعية أركان النقل برواتب" وقد وافقوا على عرضهم حول الأجور وخدمة قطارات الأنفاق في الليل. ويوضح كولفير أنّ "الاتفاق الذي توصّلوا إليه عادل وكلفته معقولة ويؤمّن الحماية الكاملة التي تضمن توازن نمط حياة الموظف بين العمل وشؤون الحياة الأخرى"، مضيفاً أنّهم يواصلون التركيز على توظيف وتدريب سائقين بدوام جزئي بغية توفير خدمة أنفاق لندن الليلية في أقرب وقت ممكن خلال هذا الصيف.
ويتابع كولفير أنّ جمعية "قاطرة المهندسين ورجال الإطفاء" أي اتحاد التجارة البريطاني الذي يمثّل سائقي القطارات، والاتحاد الوطني لعمّال سكك الحديد والملاحة والنقل، وافقا كذلك على صفقة خدمة أنفاق الليل وأجورها. بالنسبة إليه، فإنّ توفير هذه الخدمة سوف يُحدث ما أسماه "ثورة السفر خلال الليل" ويوفّر على المسافرين مدّة تتراوح ما بين 20 و60 دقيقة، بالإضافة إلى أنّها سوف توفّر فرصاً جديدة للعمل وتعزّز الاقتصاد بنحو 360 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 465 مليون دولار أميركي).
أمّا عن أعداد العمّال، فيقول كولفير إنّهم وظّفوا 137 مشغّل قطار من العاملين الموجودين في مترو الأنفاق في بداية هذا العام، قبل انطلاق حملة المطالبة بتوفير الخدمة الليلية. وعن تعديل الشروط الخاصة بسائقي القطارات الليلية، يلفت إلى أنّها لا تختلف عن المزايا المقدّمة لسائقي القطارات والخدمات المتوفّرة لهم.
وحول توفير الأمن للمسافرين ليلاً في أنفاق لندن، يوضح كولفير أنّ "شرطة النقل البريطانية سوف توفّر أكثر من مائة ضابط في دوريات تتوزع على 144 محطّة أنفاق تعمل خلال الليل في عطل نهاية الأسبوع، على أن توفّر عناصر شرطة آخرين لتأمين المساعدة اللازمة للمسافرين وحمايتهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ الحاجة إلى توفير خدمة أنفاق الليل اتضحت مع ازدياد استخدام الحافلات خلال الليل بنسبة 173 في المائة منذ عام 2000، فيما تشير البيانات إلى أكثر من نصف مليون مستخدم لأنفاق لندن بعد الساعة العاشرة مساء يومَي الجمعة والسبت.
اقــرأ أيضاً
بعد يومَين، يبدأ العمل بخطَّي "سنترال" و"فيكتوريا" بحسب القانون الجديد، الذي سعى عمدة لندن الجديد صديق خان إلى تطبيقه، على أن تتبع الخطوط الأخرى في الخريف المقبل. لكنّ الأمر لا يخلو من الاعتراض، على الرغم من الترحيب الواسع. الجهات المعترضة تحاول ببساطة حماية مصالحها. وتلك الجهات هي موظّفو الأنفاق.
وكانت الحملة قد انطلقت بدافع القلق على العاملين في المطاعم والنوادي الليلية، خصوصاً أنّ من بينهم نساء وشابات كثيرات. رأى الناشطون أنّه من المؤسف أن ينتظر العاملون بعد انتهاء دوامهم حتى الصباح واستئناف حركة وسائل النقل العام، حتى تتسنّى لهم العودة إلى منازلهم.
كذلك رفضوا أن يكون الحلّ البديل دفع تكاليف سيارة أجرة قد توازي راتب يوم عمل، بهدف تجنّب المتاعب الليلية التي قد تواجههم في شوارع مدينة الضباب أو هرباً من البرد الذي يلفّها على مدار السنة تقريباً.
في عام 1863، كانت لندن المدينة الأولى في العالم التي أنشأت خطّاً لسكك الحديد تحت الأرض، حين استخدمت عربات خشبية مضاءة بالغاز تنقلها قاطرات بخارية. لكنّها لم تكن السبّاقة إلى توفير خدمة قطارات أنفاق خلال عطل نهاية الأسبوع على مدار الساعة. وتأتي هذه الخطوة اليوم، بعد كلّ من نيويورك وبرلين. تجدر الإشارة إلى أنّ أنفاق لندن التي يعود تاريخ خدمتها للسكّان إلى أكثر من 150 عاماً، لم تفدهم في النقل فقط. فهي كانت ملجأً آمناً لهم خلال الحرب العالمية الثانية، كذلك حُفِظت فيها كنوز المتحف البريطاني الأثرية لحمايتها من التلف من جرّاء الحرب الدائرة آنذاك.
على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها موظّفوها، تستمرّ تلك الأنفاق في تقديم المزيد من الخدمات، لا سيّما فرصة منح السكّان عودة آمنة إلى منازلهم. وهذه الخدمة قد لا تقدّر بثمن بالنسبة إلى كثيرين يمضون ليلهم في لندن، إمّا في العمل أو التجوّل في شوارعها أو في مسارحها ومقاهيها ومطاعمها وغيرها من أماكنها الرائعة. وتشمل فائدتها أيضاً السيّاح وزائري المدينة. وتكمن قيمة تلك الخدمة بالتحديد، في انخفاض تكلفتها بالمقارنة مع وسائل النقل الأخرى.
من جهة أخرى، ما زال الاتحاد الوطني لعمّال سكك الحديد والملاحة والنقل يتخوّف على مصير رواتب موظّفي الصيانة الهندسية، ويخشى من أن تلجأ نقابة النقل إلى الإضراب مجدّداً، على الرغم من الاتفاق بين هيئة النقل في لندن والنقابات. يُذكر أنّ الاتفاق ينصّ على ضمان أجور جيدة للعمال في مقابل المناوبات الإضافية.
في هذا الإطار، يقول شون كولفير وهو مسؤول من مكتب إعلام هيئة النقل في لندن لـ "العربي الجديد"، إنّ "الإضرابات التي خُطط لها، ألغيت بعدما توصّلّت النقابات إلى اتفاق". ويشير إلى كلام الرئيس التنفيذي للعمليات في مترو أنفاق لندن، ستيف غريفيث، الذي عبّر عن امتنانه لرؤية أكثر من 90 في المائة من أعضاء "جمعية أركان النقل برواتب" وقد وافقوا على عرضهم حول الأجور وخدمة قطارات الأنفاق في الليل. ويوضح كولفير أنّ "الاتفاق الذي توصّلوا إليه عادل وكلفته معقولة ويؤمّن الحماية الكاملة التي تضمن توازن نمط حياة الموظف بين العمل وشؤون الحياة الأخرى"، مضيفاً أنّهم يواصلون التركيز على توظيف وتدريب سائقين بدوام جزئي بغية توفير خدمة أنفاق لندن الليلية في أقرب وقت ممكن خلال هذا الصيف.
ويتابع كولفير أنّ جمعية "قاطرة المهندسين ورجال الإطفاء" أي اتحاد التجارة البريطاني الذي يمثّل سائقي القطارات، والاتحاد الوطني لعمّال سكك الحديد والملاحة والنقل، وافقا كذلك على صفقة خدمة أنفاق الليل وأجورها. بالنسبة إليه، فإنّ توفير هذه الخدمة سوف يُحدث ما أسماه "ثورة السفر خلال الليل" ويوفّر على المسافرين مدّة تتراوح ما بين 20 و60 دقيقة، بالإضافة إلى أنّها سوف توفّر فرصاً جديدة للعمل وتعزّز الاقتصاد بنحو 360 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 465 مليون دولار أميركي).
أمّا عن أعداد العمّال، فيقول كولفير إنّهم وظّفوا 137 مشغّل قطار من العاملين الموجودين في مترو الأنفاق في بداية هذا العام، قبل انطلاق حملة المطالبة بتوفير الخدمة الليلية. وعن تعديل الشروط الخاصة بسائقي القطارات الليلية، يلفت إلى أنّها لا تختلف عن المزايا المقدّمة لسائقي القطارات والخدمات المتوفّرة لهم.
وحول توفير الأمن للمسافرين ليلاً في أنفاق لندن، يوضح كولفير أنّ "شرطة النقل البريطانية سوف توفّر أكثر من مائة ضابط في دوريات تتوزع على 144 محطّة أنفاق تعمل خلال الليل في عطل نهاية الأسبوع، على أن توفّر عناصر شرطة آخرين لتأمين المساعدة اللازمة للمسافرين وحمايتهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ الحاجة إلى توفير خدمة أنفاق الليل اتضحت مع ازدياد استخدام الحافلات خلال الليل بنسبة 173 في المائة منذ عام 2000، فيما تشير البيانات إلى أكثر من نصف مليون مستخدم لأنفاق لندن بعد الساعة العاشرة مساء يومَي الجمعة والسبت.