لا تزال قضيّة انعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تشغل بال الغالبية العظمى في بريطانيا، نظراً لتأثيراتها المتعددة على جميع طبقات المجتمع البريطاني متنوّع الإثنيات. لذلك نشر موقع "إكسبرس"، وبعد مضي نحو شهرين على ذلك القرار المصيري، تقريراً عن مهاجرين صوّتوا على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
واللافت في التقرير، هو أنّ هؤلاء الرّافضين هم من مهاجري آسيا ومنطقة الشرق الأوسط، الذين رأوا أنّ المهاجر الأوروبي بات يشكّل تهديداً لهم، كما قلّص من فرص العمل. جاءت آراء العديد من المهاجرين الآسيويين سلبية من مهاجري أوروبا الشرقية، وقالوا إنّهم "يعتمدون على المساعدات الحكومية ولا يدفعون الضرائب". أمّا مسلمو بريطانيا، فتفيد بيانات حكومية بأنّ 70 بالمائة منهم صوّتوا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
بدوره، قال عادل، لبناني بريطاني (42 عاماً) صاحب مطعم، لـ"العربي الجديد"، إنّه صوّت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، لأن البلد لم يعد يستوعب المزيد من الأيدي العاملة التي تتوجّه في غالبيتها إلى السكن في العاصمة لندن، كما أنّ نسبة الجريمة ارتفعت منذ بدء قدوم الأوروبيين، وبتنا كلّ يوم نسمع عن جريمة اغتصاب أو سرقة أو قتل.
من جهتها، قالت تينا، سورية بريطانية، إنّها صوّتت على الخروج لأنّ بريطانيا دولة قويّة اقتصادياً وقادرة على أن تكون أفضل من دون الانضمام إلى دول أوروبية فقيرة في معظمها، وأنها كانت ذات يوم مهاجرة، تقول إنّ ظروف بلادها مختلفة، وما كان أهلها ليغادروا لولا ديكتاتورية النظام الذي كانوا يعيشون في ظلّه والظروف الصعبة التي عانوا منها، بينما الأوروبيون يأتون لأسباب اقتصادية بحتة.
وعلى الرّغم من أنّ كل فئة من المهاجرين أعلنت، كما شهدنا على وسائل الإعلام المختلفة، أنّها تخدم البلاد وتدفع الضرائب، بيّنت نتائج التصويت على الاستفتاء الأوروبي، أنّ أهل البلاد الأصليين يرفضون الوجود الأوروبي في بلادهم، كونهم أعطوا الفرصة للتعبير عن موقفهم واتّخاذ القرار بشأن مصير بلادهم، بيد أنّهم في المقابل لم يمنحوا لهم الفرصة ذاتها للتصويت على بقاء أو خروج مهاجري آسيا والشرق الأوسط من أرضهم.
والمسألة لا تحتاج إلى الكثير من التفكير للتعرّف على مواقف العديد منهم، ومجرّد نظرة سريعة على تعليقاتهم على تقارير مشابهة أو على وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت الوسيلة التي يعبّر فيها الناس عن آرائهم بجرأة أكثر من أي جهة أخرى، تبيّن أنّ عدداً لا يستهان به منهم، يرفض أي وجود أجنبي، ويرون أنّه لا يجلب سوى المشاكل للبلاد، إن أتوا من آسيا أو من أوروبا، مسيحيين كانوا أو مسلمين، جميعهم سيّان.
وقد يكون ذلك الموقف طبيعياً، حين نرى المهاجر ذاته الذي اختبر تجربة الاغتراب والتواجد في مجتمعات مختلفة نتيجة ظروف أجبرته على الرّحيل عن بلاده، يعادي ويرفض وجود أو قدوم مهاجر آخر، كونه آتياً من وجهة مختلفة أو ينحدر من عرق آخر.