ويحتفل الجزائريون برأس السنة الأمازيغية ليلية 13 يناير/كانون الثاني من كل عام، ويسمى بالأمازيغية بـ"ثابورث أوسقاس" أو "أمنزو يناير" أو "باب السنة".
وبالرغم من اختلاف طريقة الاحتفالات، إلا أن الجزائريين يتفقون على تخصيص ليلة رأس السنة الأمازيغية، لتحضير أشهى المأكولات أو ما يسمى بـ"إيمنسي ننياير". وحسب إفادة السيدة علجية لـ"العربي الجديد": "تجتمع العائلة مساء 12 يناير حول طبق العشاء الذي يعتبر بالنسبة لهم فأل خير لعام جديد كله خير وبركة".
كما يحتفل الكثيرون بـ"الناير"، عبر تنظيم حفلات الزواج والختان أيضا تفاؤلا بالشهر الذي يرمز أيضا في المخيال الاجتماعي الجزائري لـ"الخصوبة"، على حد تعبير السيدة علجية.
وفي منطقة "سيدي عيش" التابعة لولاية بجاية، أو كما يطلق عليها في الجزائر منطقة "القبائل الصغرى"، توارثت الأسر طقوسا جيلا بعد جيل، حيث تقوم بذبح "ديك رومي" على عتبة البيوت والمنازل، ما يعني "جلب الخير وإبعاد الشرور".
وقالت السيدة الطاوس (71 سنة)، لـ"العربي الجديد"، إن هذه العادة تسمى بالأمازيغية "أسفال"، وتتزامن مع تحضير النسوة لطبق "الكسكسي" أو"إيمنسي نيناير"، لافتة إلى أن من بين العادات والتقاليد التي توارثتها الأسر الأمازيغية أن تقدم الأم طبق العشاء لجميع أفراد أسرتها، وفي النهاية يقولون "نتشا نروا"، أي "أكلنا وشبعنا"، وهي كلمات يرددها الكثيرون في إشارة إلى الشكر لنعمة الطعام، فيما توزع العائلات طبق الكسكسي باللحم على الجيران، في لفتة للتضامن والتراحم أيضا.
وتحضر العائلات الجزائرية في هذه الاحتفالات أطباقا عديدة، وأهمها حسب السيدة "الطاوس"، طبق "أوفتيان"، وهو أكلة شعبية تشتهر في عدة مناطق جزائرية تحضر ليلة بداية السنة الأمازيغية، وهي عبارة عن حساء من القمح والفول والحمص ومجموعة من الحبوب الجافة المتوفرة، ويرمز إلى وفرة المحاصيل، فيما تحرص الأسر على طهي "الفطائر بالعسل"، لجلب الفأل الحسن والسعادة.
من جهتهم، أجمع باحثون على أن "التأريخ أو الرزنامة الأمازيغية تعتمد أساسا على التغييرات التي تعرفها الفصول والمراحل المتعددة لنمو وازدهار النباتات التي تحدد المواسم والأشغال الزراعية المرتبة بحسب مواقع الكواكب مثل الشمس والقمر".
وبحسب الكتب التاريخية، فإن البدء في عدّ السنة الأمازيغية بدأ عام 950 قبل الميلاد. فقد قال أستاذ التاريخ بجامعة قسنطينة، شرق الجزائر، عبد الغني بن طوبال، لـ"العربي الجديد"، إن التقويم الأمازيغي بدأ في اليوم الذي انتصر فيه الملك الأمازيغي "شاشناق" على الملك رمسيس الثالث، من أسرة الفراعنة بمصر، في معركة دارت رحاها في منطقة بني سنوس بالقرب من ولاية تلمسان، غرب الجزائر.
ولكن في المخيال الاجتماعي الجزائري، تتزامن السنة الأمازيغية الجديدة مع نفاد المؤونة الغذائية التي كان يُحتَفظ بها في البيوت لفصل الشتاء، والتي تسمى بـ"العولة".
كما تواترت العديد من الحكايات والأساطير، بحسب الباحث بن طوبال، إذ تشير إلى أنه لا يمكن الاستخفاف بالطبيعة، فقد ساد معتقد في هذه المناطق أن شهر يناير هو إعلان بداية التاريخ الفلاحي، وهي الفترة الفاصلة ما بين نمطين شمسيين، وهما الانقلاب الشمسي الشتوي أو الصيفي والاعتدال الربيعي أو الخريفي الموافق للشروع في جملة الطقوس المتعلقة بالأشغال الزراعية في عديد من المناطق الجزائرية.
ومن العادات الشهيرة إعداد أكلات وتوزيعها على الفقراء وتوزيع الحلويات والفواكه الجافة أملا في عام جديد كله سعادة وأفراح وبركة.