وأطلقت النار مساء أمس الخميس على رأس شاب، تقول الشرطة إنه "على ارتباط بـالعصابات"، ليعلن لاحقا عن وفاته. وبدت عملية القتل الأخيرة، وإصابة شاب في التاسعة عشرة كان يسير مع صديقه المقتول، جزءا من سلسلة طويلة من حوادث العنف المستمرة منذ الصيف الماضي.
ووصفت الشرطة الدنماركية ما جرى بأنه "عملية اغتيال واضحة قام بها شخصان يركبان دراجة نارية في منطقة مليو باركن، بالقرب من نوربرو، أصابا القتيل برأسه فيما أصيب صديقه بجرح خفيف وهرب الصديق الثالث، الذي نطلب التحدث معه كشاهد".
الشرطة تفيد أيضا بأن الشاب القتيل (22 سنة) "كان معروفا لدينا وتحدثنا معه حول صلاته بالعصابات ولم يكن عضوا ثابتا في عصابة براذاس (المنافسة للولاء للعائلة) وكان لديه عمل". والقاتلان وفقا للشرطة تركا الدراجة واستقلا سيارة هربا من منطقة إطلاق النار قبل أن يتم إيقافهما.
وبالرغم من محاولات الشرطة الدنماركية السيطرة على الأوضاع، وفرض 3 آلاف عملية تفتيش ومصادرة 34 سلاحا ناريا مهربا وملاحقات قضائية باعتقال 64 عضو عصابة وتقديمهم إلى محاكمات، إلا أن الفترة الأخيرة أودت بحياة 4 أشخاص، ومنهم يافع من أصل ألباني لا علاقة له بحرب العصابات، وإصابة العشرات من المارة العابرين من وإلى منازلهم.
وشهد شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، مقتل شاب من أصل صومالي وآخر من أصل عربي في سياق تبادل "مسلسل الانتقام" بين عصابتي "الولاء للعائلة" و"براذاس" اللتين تحويان أغلبية أعضاء من أصول شبابية من المهاجرين واللاجئين، تقدرهم السلطات الاجتماعية والأمنية بالمئات.
وأدت حرب العصابات إلى 45 تبادل إطلاق نار، ويرى بعض السكان أنها أحالت حياة قاطني مناطق الضواحي "إلى خوف ورعب غير محتمل"، بحسب ما ذكر حسين الذي يقطن في نوبرو منذ عقود.
وتزرع حوادث إطلاق النار الخوف في نفوس الأهالي على أبنائهم الذين يكونون في الخارج. وتصف أم زاهر، 52 سنة ومهاجرة من لبنان، مشاعرها لـ"العربي الجديد" بقولها "كلما سمعت صوت الرصاص حدّثني قلبي بأن يكون ابني (15 سنة) قد أصيب برصاص طائش".
وتعقيبا على تزايد حرب العصابات قالت مديرة في الشرطة، آنا توناس، بأن ما تشهده كوبنهاغن "صراع عصابات خطير، نحن منتشرون ليلا ونهارا في المناطق (الضواحي) ولن نهدأ حتى ننهي هذا الصراع بملاحقة قانونية للعصابات ووضعهم خارج اللعبة".
ويبدو كلام توناس موجها للمجتمعات المحلية في الضواحي التي باتت ترفع صوتها عاليا مطالبة الشرطة والأمن بالتواجد المكثف في مناطقهم وبطرد العصابات من ضاحيتهم. ويأخذ ممثلو أكثر من ألفي مواطن في منطقة ميليو باركن، التي تعتبر ملاذا لعصابة براذاس المنافسة للولاء للعائلة، مبادرة يقولون عنها "لاستعادة منطقتنا من سيطرة العصابة. فاليوم الجمعة سنتحرك لإيصال رسالتنا"، بحسب ما يقول ممثل السكان سورن دالغوورد.
وكانت بعض الشوارع في ضواحي العاصمة الدنماركية شهدت تحركات مجتمعية معارضة لانتشار حرب العصابات وتوسعها، فيما لم تؤد تلك التحركات إلى نتائج. ويذكر الناشط ستين أندرسن لـ "العربي الجديد" بأنه "من الضروري أن يتغلب الناس على خوفهم ويرفعوا صوتهم الرافض لتشويه سمعة ومكانة الضواحي". فيما يرى دالغوورد من ناحيته بأن "أكثر من ألفي قاطن في المنطقة (ميليو باركن الفاصلة بين نوربرو وأوستربرو) يعتبرون أنفسهم رهائن حرب العصابات مع تزايد إطلاق النار، ومسؤولية الوقوف بوجههم هي مسؤولية جماعية".
فيما يرى المهاجر العربي عبد الرضا في حديثه لـ"العربي الجديد" بأنه "بات هؤلاء من الجرأة باستخدام الاستفزاز والعدوانية تجاه السكان العرب وغير العرب لإسكاتهم يتطلب قيام السلطات برميهم خارج الدنمارك ليتربى الآخرون، هؤلاء لا يمكن القبول بإحالة حياتنا بتصرفاتهم إلى جحيم وتشويه كل المهاجرين".
يذكر أن الشرطة الدنماركية تنشر عناصر الشرطة وتقوم بمراقبة طائرات درون وهيلوكبتر فوق الضواحي، لكن ذلك لم يمنع من استمرار إطلاق النار بين العصابتين، الولاء للعائلة وبراذاس. ويذهب الساسة نحو إدخال تشريع تعديلات قانونية تتيح للمدعي العام طلب حظر العصابتين "ولو أدى الأمر إلى تعديل نص دستوري يكفل حق المواطنين بالتجمع وتشكيل جمعيات" بناء على مقترحات يتفق عليها يمين ويسار الوسط، فيما يذهب اليمين المتشدد في حزب الشعب لاستغلال هذه الحرب للتحريض على كل المهاجرين والتحشيد لحصد أصوات الناخبين في انتخابات محلية بعد 10 أيام في الدنمارك.