وأوردت النقابات الداعية إلى الإضراب أن الاعتداءات ضد الأساتذة هي "نتيجة طبيعية وإفراز موضوعي لاستمرار الخطاب الرسمي في إهانة الأسرة التعليمية وتبخيس دورها في المجتمع، والإمعان في تكريس أزمتها الاجتماعية والمهنية والإدارية والتربوية"، رافضة منطق الإساءة لنساء ورجال التعليم تحت طائلة أي مبرر".
وانتقدت النقابات ذاتها ما وصفته بـ "تنامي الحملة الممنهجة ضد نساء ورجال التعليم والتي يتم الترويج لها لتحميلهم إفلاس المنظومة باستهداف كرامة المدرس والمس بمكانته الرمزية داخل المجتمع المغربي، واستفحال ظاهرة العنف ضد نساء ورجال التعليم معنويا وجسديا سواء داخل المؤسسات التعليمية أو خارجها وحتى عبر وسائل الإعلام بكل أنواعها".
وخرج أساتذة الفلسفة بالمغرب، عبر الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، بدعوة مثيرة للجدل طالبوا من خلالها بتوفير شرطة خاصة بالمدارس ومحيطها، وتطهير المؤسسات التعليمية ومحيطها من كل أشكال الانحراف والجريمة والمخدرات، فضلا عن توظيف أخصائيين نفسيين واجتماعيين في الوسط المدرسي، للاهتمام بالصحة النفسية للمتعلمين والمتعلمات".
ومن جهتها أفادت الجمعية المغربية لحقوق التلميذ، ضمن بيان تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، بأن تنامي حالات الاعتداءات على رجال التعليم تدل على "فشل مدرستنا فشلا ذريعا في نشر وتنمية قيم المواطنة والسلوك المدني والتسامح وثقافة حقوق الإنسان في الوسط المدرسي، فبالأحرى أن تساهم في نشر هذه القيم في محيطها".
ودعت الجمعية كافة التلاميذ إلى ضرورة احترام الأطر التربوية، فإذا كان لهم حقوق فإن عليهم واجبات كذلك"، مطالبة الآباء والأمهات وجمعياتهم بالمواكبة والتتبع المنتظم لتحصيل التلاميذ وسلوكاتهم، داعية الإدارة التربوية إلى التواصل الدوري مع الأسر من خلال تنظيم دورات تحسيسية حول القضايا التي تهم التلاميذ.
واعتبر المصدر ذاته أن "العنف الممارس من طرف التلاميذ هو رد فعل طبيعي تجاه مدرسة غير منصفة وغير موحدة لا توفر لجميع التلميذات والتلاميذ البيئة الحاضنة والجذابة وفرص النجاح والتوافق الدراسي"، محملة وزارة التعليم كامل المسؤولية في استمرار الظواهر السلبية التي تعرفها المدرسة العمومية، والتي لها علاقة غير مباشرة بالعنف، من قبيل الفشل الدراسي، والاكتظاظ، والغش..
من جهته سجل مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أن عوامل الردع القانونية أصبحت غير ذات جدوى، في حين لم يعد الأبناء يخشون ولا يتملكهم الخوف من الوالدين ولا من المربين ولا حتى من المكلفين بإنفاذ القانون، سواء الأمن أو القضاء"، مبرزا أن " منظومة التعليم تعتبر من أكثر المجالات التي أصيبت بالانهيار المعنوي والأخلاقي".
واعتبر الخضري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن ما يجري اليوم للكوادر التربوية وقطاع التعليم يؤكد استحالة تحقيق تقدم ولو قيد أنملة في مؤشر التنمية وحقوق الإنسان، وفي باقي مؤشرات النمو والتطور، لأن العنصر البشري بات في وضع يتسم بالاحتقار، والمجتمع أصبح يعيش على إيقاع أحداث تسائل فينا إنسانيتنا وأخلاقنا وآدابنا".
ولفت الناشط إلى أن "مظاهر البهرجة الإعلامية في كثير من مجالات الإلهاء التي تحفز على التهور والإدمان، شجعت على تقليص دائرة الانضباط للأخلاق وللقيم في نفوس النشء"، كما أن انقطاع حبل الطاعة والاحترام بين الأبناء والآباء، بسبب الفقر والتهميش وكذا اللامبالاة الأسرية، كلها عوامل متشابكة تفضي إلى العنف في المدرسة والشارع وباقي الفضاءات".