يقول أبو فاطمة، وهو من تجار بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن إلقاء اللوم على الأطفال الذين يمتهنون التسول، لأنه يجري استغلالهم من قبل سماسرة وشبكات منظمة، وأن الظاهرة باتت تشكل خطراً على أصحاب المركبات والمارة بعد اعتماد المتسولين أساليب لا تقتصر على الاستعطاف، بل تتجاوزه إلى التهديد".
ويضيف "انتشار هذه الشبكات يقلق الجميع. أخشى أن أجوب شوارع بغداد بسيارتي، بسبب الأطفال المتسولين وما يمكن أن يقوموا به إذا ما رفضت مساعدتهم. بعضهم يقذف السيارات بالحجارة، وبعضهم يحمل أدوات حادة مثل السكاكين والشفرات".
وتقول الباحثة الاجتماعية رؤى الجبوري، إن "التسول تحول إلى مهنة يستغلها الجميع، وهي تدر الملايين على السماسرة، بينما الأطفال المتسولون لا يحصلون في نهاية اليوم إلا على الفتات، كما أن بعضهم يدمنون المخدرات والكحول، وبات أغلبهم أطفال شوارع تديرهم شبكات منظمة".
وتوضح الجبوري لـ"العربي الجديد"، أن الأساليب المتبعة للتسول باتت كثيرة. "هناك من يطلب المساعدة بحجة أن لديهم طفلا في المستشفى بحالة خطرة، وهناك من يطبع منشورات أو يكتب على قطعة من الورق أنه نازح وبحاجة إلى مساعدة لإعالة أسرته، وهناك من تقف بالقرب من نقاط التفتيش تحمل بيدها طفلاً صغيراً، قد تكون استأجرته لغرض التسول، وهناك من يبيع العلكة أو المناديل الورقية في التقاطعات، أو يتوسل لغسل سيارتك".
وتلفت الباحثة الاجتماعية إلى خطورة المتسولين على السلم المجتمعي، خصوصا أن "أغلب المتسولين يجري استغلالهم من قبل عصابات وسماسرة لديهم علاقات تحميهم، من أصحاب نفوذ ديني أو سياسي".
وذكر المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عمار منعم، في سبتمبر/أيلول الماضي أن تصويت مجلس الوزراء على مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر ورفعه إلى مجلس النواب لتشريعه، يمثل خطوة مهمة باتجاه الحد من الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع، وأن من شأنه أن يسهم في الحد من ظاهرة التسول في الشوارع واستغلال المتسولين من قبل ضعاف النفوس.
وكشف المتحدث باسم وزارة الداخلية، سعد معن، في تصريحات صحافية، أن "هناك من يشرف على عمل المتسولين في بغداد، ويوجههم ويوفر لهم الحماية من أجهزة الأمن"، موضحا أن "أجهزة الأمن لا تستطيع منع ظاهرة التسول نهائياً نتيجة انتشار الفقر في عموم البلاد، غير أنها تحذر المتسولين باستمرار من الاقتراب من الدوائر والمؤسسات الأمنية".