تقع قرية الجبعة الفلسطينية على بعد 15 كيلومتراً من مدينة بيت لحم في جنوب الضفة الغربية المحتلة، وهي على الحدود مع ما يسمى "بالخط الأخضر" الذي يفصل الضفة عن الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
تكاد القرية أن تكون منسية، فالحياة بسيطة فيها وتفتقر لكافة مقومات العيش، كما أنها مهملة من مؤسسات السلطة الفلسطينية الرسمية، بينما يكسر الاحتلال أضلاعها الحيوية، ويضيق الخناق عليها، في الوقت الذي ينهش فيه الاستيطان معظم أراضيها بصمت وببطء، حد أنها باتت محاصرة من كافة الجوانب.
لقرية الجبعة مدخل وحيد، محفوف بالمخاطر بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المدخل الرئيسي الذي يربطها مع قرى مدينة الخليل عام 2000، الأمر الذي يجبر أهالي القرية إلى عبور الشارع الاستيطاني المؤدي إلى مفترق مستوطنات "غوش عتسيون" جنوبي بيت لحم، والذي يطلق عليه الفلسطينيون مفترق "الموت".
ويقول ذياب مشاعلة، رئيس المجلس القروي لـ"العربي الجديد"، إنّ الذهاب إلى مفترق "غوش عتسيون" مشترط بأن يملك ابن القرية سيارة خاصة، لأن من يمشي هناك سيراً على الأقدام قد يتعرض لإطلاق النار، والموت بذرائع وحجج واهية.
وحتى الطريق الوحيد المتبقي لأهالي القرية فهو مشترك مع المستوطنين الذي يسيرون باتجاه "الخط الأخضر" وفق مشاعلة، محفوف بالمخاطر، كون المستوطنين يشنون هجمات على مركبات أهالي القرية، ويرشقونها بالحجارة، والزجاجات الحارقة، تحت حماية جيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي التي لا تحرك ساكناً، بذريعة أنها ستحقق بعمليات الاعتداء تلك.
الجبعة المنسية، بحاجة إلى كافة أشكال الدعم وتعزيز الصمود في وجه شبح الاستيطان، وبالرغم من مراسلات مشاعلة إلى المؤسسات الرسمية الفلسطينية بضرورة دعم مشاريع البنية التحتية، إلا أن القرية مهملة وغير مدعومة في ظل تسارع الاستيطان.
ومنذ خمس سنوات، والقرية صيفاً تبقى بدون مياه، عدا أن بعض المنازل بلا خطوط وعدادات، وشبكة المياه تعاني من تسريب بنسبة 50 في المائة، في الوقت الذي تطالب فيه المؤسسات الرسمية الفلسطينية من المجلس القروي بضرورة الالتزام ودفع مستحقات المياه وإلا سيتم قطعها عن القرية.
مشاريع البنية التحتية الضرورية تكاد شبه معدومة، في الوقت الذي يبحث فيه أهالي القرية عن قوت يومهم بالعمل داخل "الخط الأخضر" وما تبقى فيها يشاهدون منازل المستوطنين وهي تطل عليهم شيئاً فشيئاً.
تبلغ مساحة قرية الجبعة 13 ألف دونم، ويسمح الاحتلال للأهالي بالبناء على 700 دونم منها فقط، بينما يسمح لهم بالزراعة على أطراف القرية بمساحة 2000 دونم شريطة عدم البناء هناك، فيما يصادر بشكل نهائي أكثر من 1000 دونم لصالح المستوطنات ولأغراض عسكرية.
يشير مشاعلة إلى أن ثمة أراضي في القرية مزروعة بأشجار الزيتون منذ أكثر من 60 عاماً، يسمح الاحتلال الإسرائيلي لأهالي القرية بجني محصوله وفق نظام التنسيق الأمني، لكن بعد شهر من الموسم، ويكون القطار قد فات، فالمحصول يُسرق من قطعان المستوطنين، وأهالي القرية لا يجدون شيئاً بعلم ودراية من جيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، لكن لا تدخلات لمنع ذلك على مدار السنوات الماضية.
القرية مطوقة بالمستوطنات من الجهة الشرقية، وعلى المدخل الشرقي مباشرة ثمة مستوطنة "جبعوت"، والجهة الجنوبية الشرقية "مستوطنة بيت عايم"، بينما يقام ما يسمى بمعبر "هالة" الحدودي مع الخط الأخضر الذي صادر في الآونة الأخيرة أكثر من 70 دونماً من أراضي القرية لصالح توسعته وإقامة معسكر لجيش الاحتلال.