يحاول الاحتلال الإسرائيلي أن يتملص من تصرفات المستوطنين، وسيطرتهم وسرقتهم لأراضي الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين، غير أنه يحمي تحركاتهم وترعاهم حكومة الاحتلال بتصريحاتها وقراراتها في التوسع الاستيطاني على حساب أراضي الفلسطينيين.
وشهدت الضفة الغربية المحتلة، في الآونة الأخيرة، تحركاً توسعياً جديداً ينفذه المستوطنون الإسرائيليون في الأراضي الفلسطينية، إذ عملوا على تجريف أراضي إحدى القرى الفلسطينية بعد منتصف الليل، وسيّجوها وضمّوها للمستوطنات.
وفي قرية مادما جنوبي مدينة نابلس إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، يحتدم الصراع بين الفلسطينيين أصحاب الأرض، مع قطعان المستوطنين الذين يسكنون مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي قرى جنوب نابلس، حول منطقة تسمى "القعدات" إلى الجنوب الشرقي من قرية مادما، وفيها بئر مياه يستخدمه أهالي القرية لري المزروعات، وتوفير مياه الشرب للمواشي.
وقال عضو المجلس القروي، علي فرج، لـ"العربي الجديد": "في الآونة الأخيرة لحظنا تحركا متزايدا للمستوطنين في محيط منطقة القعدات، وعقب ذلك فوجئنا بأنهم يزرعون أراضي أهالي القرية، ويعملون بها، على اعتبار أنها أصبحت مصادرة، علما أن الأراضي لمزارعين من قرية مادما، ومنهم من يذهب إليها باستمرار".
"بئر الشعرة"، وهي بئر مياه داخلها نبعة مياه وافرة على مدار العام، كان يستخدمها الأهالي منذ سنوات طويلة، وكانت تمد القرية بالمياه باستمرار، إلا أن المستوطنين قبل أعوام قليلة، اقتحموا البئر ووضعوا فيها الأوساخ ولوثوا مياهها، وتعاون أهالي القرية عقب ذلك مع مؤسسة أجنبية، على وضع سياج حول البئر، ووضع بوابة عليها لضمان عدم تلويثها مرة أخرى، لكن المستوطنين خلعوا الأبواب ولوثوها من جديد"، وفق توضيح فرج لـ"العربي الجديد".
وأضاف "من جديد عاد المستوطنون ليحاولوا سرقة البئر وما حولها من أرض، إذ تقدر مساحة الأرض المحيطة بها والتي يسيطر عليها المستوطنون حاليا بـ100 دونم، علما أن مساحات كبيرة من الأراضي التابعة للفلسطينيين في المنطقة، معرضة لسيطرة المستوطنين، في حال لم يُمنعوا من تنفيذ مخططهم الاستيطاني".
وتدّعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنها تحاول أن توقف المستوطنين وتمنعهم من الوصول إلى هذه المنطقة كونها نقطة احتكاك. وقبل نحو أسبوع خرج أهالي القرية إلى أراضيهم، وأزالوا المزروعات التي زرعها المستوطنون، إلا أن جنود الاحتلال اعتدوا على أحد الشبان وضربوه ضربا مبرحا ثم اعتقلوه، وكذلك أصيب شاب آخر برصاص الجنود، وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع على الموجودين ولاحقوهم إلى أطراف القرية.
"هذا يدلل على أن تحركات المستوطنين لا تجري إلا تحت حماية جنود الاحتلال، ورعايتهم لعربدة المستوطنين وسرقتهم للأرض"، وفق ما يقوله فرج، مشيرا إلى أن "اتصالات أجراها الارتباط الإسرائيلي مع المجلس القروي لإقناعه بطلب تصريح من الاحتلال قبل الذهاب للأرض كي لا تحدث مناوشات مع المستوطنين والجنود، علما أن أصحاب الأراضي كانوا يصلون إلى أراضيهم قبل فترة ليست بعيدة من دون تنسيق ولا تصريح مع الاحتلال".
ويحاول الاحتلال الإسرائيلي بهذه التصرفات أن يتوسع في استيطانه، وأن يسرق قدر ما استطاع من أراضي الفلسطينيين، عن طريق سيطرة المستوطنين، أو من خلال وضع اليد على أراض لأسباب أمنية، تتحول بعد ذلك لصالح المستوطنات، ما يشير إلى أن الاحتلال ماضٍ في التوسع والاستيطان، ضاربا بعرض الحائط كل القرارات الدولية التي تتحدث عن وقف الاستيطان في الضفة.