يكفي النظر إلى ورش تصليح السيّارات لمعرفة ما تشهده طرقات تونس يومياً. وتعدّ نسبة حوادث السير في البلاد مرتفعة، وتؤدي إلى خسائر في الأرواح وخسائر مادية. ويقدر عدد الحوادث بنحو 10 آلاف في العام، أي بمعدّل 27 حادثاً يومياً، بحسب المرصد الوطني للسلامة المروريّة.
وبحسب آخر دراسة صادرة عن الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات، تؤدي حوادث السير إلى سقوط ما بين 4 و5 قتلى يومياً، عدا عن إصابة آخرين. في المقابل، تتكبّد الدولة خسائر مادية كبيرة سنوياً. وسجّل العام الماضي ارتفاعاً في حوادث الطرقات، ما أدى إلى وفاة أكثر من 1500 شخص، وإصابة 12 ألفاً آخرين، في مقابل 1200 قتيل في عام 2015. وبحسب إحصائيّات المرصد الوطني لسلامة المرور، فقد سجلت حوادث المرور النسبة الأعلى في العاصمة تونس، بنسبة 21.9 في المائة، تليها ولاية بن عروس بنسبة 7 في المائة، ثم صفاقس بنسبة 6.8 في المائة، فيما سجلت مناطق الجنوب التونسي النسبة الأقل.
يقول مراد الجويني، من "المرصد الوطني لسلامة المرور"، لـ"العربي الجديد"، إنّ حصيلة قتلى حوادث المرور بلغت 9 آلاف شخص ما بين عامي 2011 و2016، وقد سجّل 7155 حادثاً مرورياً خلال العام الماضي.
أما "الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات"، فسجلت ألفاً و114 حادثاً في وسائل النقل العام في عام 2016، ما أدى إلى سقوط ألفين و387 جريحاً و212 قتيلاً. وكثيراً ما تستمر معاناة الجرحى، وتكاد لا تخلو غالبية المستشفيات التونسيّة من مصابين نتيجة حوادث مرورية.
كذلك، تسجّل تونس خسائر مادية تقدّر قيمتها بنحو 350 مليون دولار سنوياً، بحسب "الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات". يقول رئيس الجمعية، عفيف الفريقي، لـ"العربي الجديد": "نحو 50 في المائة من ضحايا حوادث الطرقات هم من الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 21 و35 عاماً". يضيف أن الجمعية عملت كثيراً على توعية المواطنين حول خطورة حوادث السير على حياة المواطنين، بسبب قلة المسؤولية أثناء القيادة وغيرها من الأسباب، لافتاً إلى أن السرعة وشرب الكحول هما سببان رئيسيان لارتفاع نسبة حوادث السير. ويشير إلى ضرورة إنشاء هيئة عليا للسلامة على الطرقات، تكون مستقلة عن كل الوزارات، وتتمتع بالصلاحيات لإعداد استراتيجية وطنية للسلامة المرورية.
وفي ما يتعلّق بالعوامل التي تؤدّي إلى حوادث السير، بيّنت وزارة الداخليّة أنّ عدم الانتباه إلى المارة تصدّر المخالفات الأخرى التي تؤدي إلى وقوع حوادث بنسبة 25.5 في المائة، ثم حلّت السرعة بنسبة 14.6 في المائة، وعدم الانتباه إلى السيارات الأخرى بنسبة 12.8 في المائة. من جهة أخرى، يؤدّي تجاوز السائق سيارات أخرى إلى الاصطدام أحياناً بتلك التي تسير في الاتجاه المعاكس. هذه المخالفة سجلت نسبة حوادث عالية في عام 2013، بلغت 25.11 في المائة، إضافة إلى تجاوز إشارة المرور الحمراء، واستخدام الهاتف أثناء القيادة وغيرها.
وتعمد الجمعيات الناشطة في مجال السلامة المرورية والوقاية من حوادث الطرقات إلى توعية المواطنين حول السلامة المرورية، بهدف الحد من ارتفاع نسبة الحوادث في البلاد. يقول رئيس الجمعية الوطنية للسلامة المرورية، فاضل الرواشد، إنّ الجمعية اعتادت تنظيم نحو 400 حملة توعية حول السلامة المرورية سنوياً، إلّا أن عدد هذه الحملات تقلص إلى نحو 50 خلال السنوات الأخيرة. ويعزو السبب إلى المشاكل التي تعانيها الجمعيّات الناشطة في مجال السلامة المرورية على مستوى التمويل، وقد أصبحت تعتمد على مبادرات فردية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرسومة. كذلك، يلفت إلى تراجع الدعم الذي اعتادت الوزارات والصندوق الوطني لحوادث الطرقات تقديمه.
من جهته، يؤكّد وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، محمد صالح العرفاوي، على ضرورة وضع استراتيجية واضحة بمشاركة جميع المعنيين، وإيجاد حلول ملائمة للحدّ من حوادث المرور القاتلة. ويشير إلى أنه سنوياً، يسجّل نحو 11 ألف حادث مرور، ثلاثة في المائة منها فقط بسبب البنية التحتيّة. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، صدر أمرٌ يتعلّق بضبط القواعد الفنية لتجهيز وتهيئة العربات، وتضمّن فصلاً جديداً ينصّ على ضرورة استعمال حزام الأمان داخل وخارج مناطق العمران من قبل السائق والجالس في المقعد الأمامي والمقاعد الخلفية، على أن يغرّم المخالف بـ20 دولاراً. وقد اختيرت تونس لتحتضن المؤتمر العالمي الثالث عشر للمنظّمة الدولية للوقاية من حوادث الطرقات، والذي يعقد في مايو/ أيار من عام 2017.