وذكر وزير الصحة في الحكومة المؤقّتة، محمد فراس الجندي، لـ "العربي الجديد" أن قائمة المفقودين تشمل 56 مفقودا بينهم عائلات كاملة فُقدت بُعيد التفجير، لافتا إلى أنه "لا توجد حصيلة نهائية حتى الآن لأن عددا من الجرحى حالتهم خطرة، والعدد الحالي نحو 100 قتيل".
وبيّن الجندي أن عشرات الجرحى بينهم مدنيون من كفريا والفوعة، توزّعوا على 10 مشافٍ في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي والجنوبي ومدينة إدلب، لافتاً إلى أنه تم تقديم كافة الإسعافات اللازمة لهم.
وأوضحت مصادر ميدانية لـ "العربي الجديد" أن الجرحى الذين كانت حالتهم حرجة انتقلوا لتلقّي العلاج في المشافي التركية بسبب عدم قدرة المشافي الموجودة شمالي سورية على إسعافهم.
كما نُقل عدد من المدنيين المصابين إلى مشفى حلب الجامعي الحكومي الموجود في الأحياء الغربية لمدينة حلب، والذي يقع تحت سيطرة النظام السوري، إذ جرى تقاسم عدد المصابين ليتم إسعاف جزء منهم في مناطق النظام، والجزء الآخر في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
وتجمع قبل الانفجار بدقائق عدد كبير من إعلاميي الثورة والنشطاء وعناصر من المعارضة المسلّحة يرافقون قوافل المدنيين من كفريا والفوعة، وبعد الانفجار تحوّل جميع هؤلاء إمّا إلى ضحايا جراء الانفجار، أو مسعفين ساهموا بنقل الأطفال والنساء المصابين إلى النقاط الطبية.
الناشط الصحافي، عبد الرحمن ناصر، كان موجوداً عند حدوث الانفجار، يقول لـ "العربي الجديد": "صحيح أن منطقتي كفريا والفوعة يخالفوننا في الرأي السياسي وسبق أن قصفوا مناطقنا في ريف إدلب المجاور لهم بآلاف الصواريخ والقذائف خلال سنوات الحرب، إلّا أننا لا نستطيع أن نقحم الأطفال والمدنيين الضحايا في هذا الصراع".
ويصف ناصر مشهد التفجير قائلاً: "كان الدخان كثيفاً في المنطقة، وكنتُ على بُعد 300 متر من موقع الانفجار"، ويضيف: "سمعت صوتاً عنيفاً من نقطة التجمّع الرئيسية وهرعت مسرعاً إلى المكان"، لافتاً إلى أن الدماء كانت قد تناثرت في الأرض مع الجثث وتكسّر زجاج الحافلات وخرجت منها جثث متفحّمة.
— Christiaan Triebert (@trbrtc) ١٥ أبريل، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ويتابع: "هرعت لإسعاف طفلٍ اعتقدت أنّه حي لكنني فوجئت بأن أحشاءه كانت ظاهرة وأنه متوفٍّ، فتركته وهرعت لأبحث عن أشخاص يصدر منهم أي صوت لأحاول إسعافهم"، مستحضراً أن عدد القتلى كان كبيراً جداً ومعظم الجثث كانت قد تفحّمت.
وأضاف أن عملية إسعافهم كانت واجباً على كل من كان موجوداً خلال الحادثة، وهو واجب الإنسان قبل كل شيء وبغض النظر عن الظروف المحيطة، لأن الإنسان لا يستطيع أن يتجرّد من مشاعره.
الأمر الأكثر وقعاً في هذه التفجيرات أن ثمانية مدنيين ينحدرون من مدينة الزبداني في ريف دمشق، كانوا في منطقة الراشدين ينتظرون ذويهم ونساءهم وأطفالهم للقدوم من مناطق النظام بموجب الاتفاق، لكن الفاجعة أنهم قُتلوا جميعاً.
ويقول ناشط آخر "لو وقع التفجير بمناطق يسيطر عليها النظام لكان أرسل إعلامييه لالتقاط صور مع الجثث، إلّا أن المعاملة بالمثل لا يُمكن أن تكون فاعلة دائماً، لأن أخلاق الثورة تتطلّب ألّا نرد القبيح بالقبيح".
صورة واحدة من بين عشرات الصور، انتشرت على مواقع التواصل للصحافي، أدهم أبو الحسام، مراسل الجزيرة، تلخّص حالة المشهد يوم أمس.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) ١٥ أبريل، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
أبو الحسام ظهر في صورةٍ وهو يحمل طفلين مصابين من الفوعة، وكانت الدماء تغطي وجهيهما جراء الانفجار، ويبدو أبو الحسام وهو يركض محاولاً إسعافهما، وللمفارقة أبو الحسام ذاته ينحدر من بلدة بنّش الملاصقة للفوعة، والتي ذاقت الويلات من الهجمات المدفعية والصاروخية التي كانت تشنّها المليشيات الطائفية على قريته.
ولأن وقوع الانفجار حصل في منطقة كانت تتحضّر لعملية تبادل، فإن فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر السوري كانت حاضرة خلال التفجير ونفذت عمليات إسعاف المصابين.
وذكر الدفاع المدني السوري، أنه تمكن من إجلاء ما يزيد عن 100 جثة وإسعاف 55 جريحا إثر الانفجار الذي وقع في حي الراشدين.
بعد وقوع الانفجار بساعات، استُؤنفت عملية تبادل المهجّرين بين النظام والمعارضة. ويقول ناشطون كانوا مواكبين للعملية إن جثث الضحايا المدنيين من كفريا والفوعة، نُقل معظمها إلى مناطق النظام في مدينة حلب.