ينتظر آلاف المدنيين المحاصرين في الأحياء الشرقية الشمالية للعاصمة السورية، مصيرا مجهولا، بعد اقتراب النظام من قطع شريان الحياة الرئيسي عن المنطقة؛ بعزله بساتين برزة عن أحياء القابون وجوبر وتشرين ومنطقة حرستا الغربية، والتي تعد منفذ الدمشقيين إلى الغوطة الشرقية، حيث معقل المعارضة السورية المسلحة الأخير في محافظة ريف دمشق.
وتقول مصادر لـ"العربي الجديد"، إن "آلاف المدنيين في شرق دمشق، يعانون من الحصار منذ أربعة أعوام. وكانت المنطقة تعيش هدنة هشّة يخرقها النظام السوري بين الحين والآخر، باستثناء حي جوبر الذي كان خارج الهدنة، وكانت منطقة شرق دمشق والغوطة الشرقية تعتمد على المواد الغذائيّة التي يسمح النظام بدخولها إلى حي برزة وبرزة البلد".
وتعتمد المعارضة السورية في إدخال المواد الغذائية على استخدام أنفاق قامت بحفرها انطلاقا من حي القابون وصولا إلى منطقة برزة، وتسبب قصف النظام في تدمير بعضها واكتشاف بعضها الآخر بعد وصوله إليها، إثر تصعيد مفاجئ بدأ بدعم روسي مكّن النظام من السيطرة على كامل منطقة وادي بردى في ريف دمشق، نهاية فبراير/شباط الماضي.
ومع اكتشاف النظام تلك الأنفاق وسيطرته على برزة بالكامل، فإن ذلك قطع شريانا رئيسيا للحياة في شرق دمشق، وبات الآلاف مهددين بمصير مجهول.
وحكى الناشط عدنان الدمشقي، من "المكتب الإعلامي لحي برزة"، لـ"العربي الجديد"، عن تمكّن النظام من فصل منطقة بساتين برزة عن حي برزة البلد، حيث يحاصر 41 ألف نسمة منذ 66 يوما، ويمنع دخول المواد الغذائية إليهم.
ويأتي إغلاق الطرق إلى برزة البلد لأسباب، منها أن معظم المدنيين في برزة هم من النازحين من أحياء شرق دمشق، والذين تمكنوا من الوصول إليها قبل حملة التصعيد الأخيرة، ولا يسمح النظام بخروجهم إلى بقية أحياء دمشق.
وقال الناشط محمد أبو يمان، لـ"العربي الجديد": "يوجد في حي جوبر قرابة 300 عائلة محاصرة، و500 عائلة في منطقة جوابرة بين جوبر والغوطة، والآلاف في القابون وتشرين، والواقع أنه لا توجد إحصائية دقيقة بأعدادهم".
وأضاف أبو يمان، "نعاني من حصار منذ مدة، والمنطقة مهددة بمصير مجهول في حال سيطر النظام والمليشيات الطائفية على منطقة البساتين الفاصلة بين برزة والقابون، ولا يقتصر ذلك على الأحياء الشرقية وإنما الغوطة أيضا".
وفرض النظام هدنة على حي القابون وحي برزة وحي تشرين في عام 2013، بعد تصعيد عسكري أجبر معظم سكان المنطقة على النزوح تاركين خلفهم كل ما يملكونه. واليوم بعد شهرين من التصعيد المتواصل، يقول أحد السّكان، ويُدعى أبو محمد القابوني: "لا توجد في المنطقة محال تجارية لبيع الغذاء أو الخضار أو الخبز، كلها أغلقت. لا يوجد أي طعام للمدنيين المحاصرين. عندما تسأل عن ثمن كيلو الطماطم، يرد أهالي المنطقة: لا يوجد طماطم أصلا كي نشتريها".
وكانت الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة تستفيد من بساتين برزة ومنطقة بساتين حرستا القريبة في تأمين بعض احتياجاتها الغذائية من الخضار والفواكه التي تزرع في تلك البساتين، فضلا عن وجود آبار لمياه الشرب، ويسعى النظام إلى حرمان الأحياء الشرقية منها لتضييق الحصار.
ويستخدم النظام سياسة فرض الحصار والتجويع ثم التصعيد العسكري، متبعاً سياسة الأرض المحروقة لفرض اتفاق على المعارضة السورية ينتهي بتهجير أهالي المناطق المعارضة.