شككت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بمزاعم السلطات العسكرية الإسرائيلية بأنها تعتمد على منظمات حقوق الإنسان كمصدر مهم للمعلومات في تحقيقاتها الجنائية، في الجرائم الخطيرة المحتملة التي ارتُكبت في حرب غزة عام 2014. وأشارت إلى منعها موظفي حقوق الإنسان الذين يوثقون تلك الانتهاكات من دخول قطاع غزة أو الخروج منه.
ووثقت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الاثنين ويضم 36 صفحة بعنوان "غير راغبة أو غير قادرة: القيود الإسرائيلية على دخول الحقوقيين إلى غزة وخروجهم منها"، منع إسرائيل المنهجي لموظفي حقوق الإنسان من دخول غزة أو الخروج منها، حتى عندما لا تكون لدى سلطاتها الأمنية شبهات أمنية مرتبطة بهم كأفراد.
وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن مصر تفرض هي الأخرى قيودا صارمة على التنقل عبر حدودها مع غزة، لافتة إلى أن على مكتب المدعية العام لـ "المحكمة الجنائية الدولية" أخذ هذه القيود بعين الاعتبار في سياق فحصها التمهيدي للوضع في فلسطين.
قالت مديرة برنامج المناصرة الخاص بإسرائيل وفلسطين في "هيومن رايتس ووتش"، ساري بشى: "إذا أرادت إسرائيل أن تأخذ المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية حجتها بأن تحقيقاتها الجنائية كافية، فإن عليها في خطوة أولى السماح للباحثين الحقوقيين بكشف كل المعلومات المناسبة، لأن عرقلة عمل المنظمات الحقوقية تطرح أسئلة ليس فقط حول رغبة السلطات العسكرية الإسرائيلية في إجراء تحقيقات جدية، بل أيضا حول قدرتها على ذلك".
وبيّن التقرير أن سلطات "حماس" في غزة بدأت في 26 مارس/آذار 2017، بفرض قيود مشددة على العبور بين غزة وإسرائيل، عقب اغتيال أحد عنصرها البارزين واتهمت إسرائيل بتنفيذه، بهدف منع القتلة من الهروب من غزة. وتمنع "حماس" جميع أنواع السفر إلى خارج غزة تقريبا، باستثناء السفر لأسباب طبية أو زيارة أقارب في السجون الإسرائيلية. ويشمل المنع الذكور بين 15 و45 عاما. ومن بين أنواع السفر المحظورة بالكامل الزيارات العائلية لأقارب في حالات صحية حرجة أو لحضور مراسم دفن.
وشددت المنظمة على مزاعم السلطات الإسرائيلية بأن تحقيقاتها تستجيب للمعايير الدولية، وأن المحققين الجنائيين الإسرائيليين رغم كونهم لا يدخلون قطاع غزة، إلا أنهم يعتمدون على منظمات حقوق الإنسان لإخطارهم بالانتهاكات المحتملة، وتقديم أدلة وثائقية وأدلة الطب الشرعي، وتسهيل شهادات الشهود.
كما نفت المنظمة معرفتها أيضا إذا حققت السلطات الفلسطينية في أي جرائم خطيرة مزعومة في غزة أو خارجها، مثل إطلاق صواريخ من قبل جماعات مسلحة في غزة باتجاه مناطق مدنية في إسرائيل.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أنها منذ 2008، لم تحصل إلا مرة واحدة على إذن بإدخال موظفين أجانب إلى غزة عبر إسرائيل، خلال زيارة في سبتمبر/أيلول 2016، وصفتها السلطات الإسرائيلية بالاستثنائية. لم تتمكن لا هي ولا "منظمة العفو الدولية" من إدخال موظفين إلى غزة عبر مصر منذ 2012.
وأوضحت بأن سلطات "حماس" في غزة لا تحمي الحقوقيين من الانتقام كما يجب، وفي بعض الحالات تعتقل وتضايق أولئك الذين ينتقدون أنشطتها وغيرها من الجماعات المسلحة في غزة.
وأدرج التقرير ردّ مكتب المستشار القضائي للجيش الإسرائيلي بأنه "يولي أهمية قصوى لحواره الواسع واليومي" مع منظمات حقوق الإنسان، وإشارته إلى أن تقارير الأخيرة تساهم في قراراته بفتح تحقيق جنائي، أو في استكمال الصورة في التحقيقات الجارية"، وانتقاده أيضا تقارير منظمات حقوق الإنسان على أنها "تعاني من عيوب منهجية ووقائعية وقانونية"، وفي بعض الحالات "من انحياز واضح". كما اعتبر أن القيود على سفر الحقوقيين "لا مفر منها لاعتبارات أمنية وسياسية ملحة".
لم يتطرق لسبب عدم إدراج الحقوقيين ضمن فئة الأشخاص الذين يسمح لهم بالتنقل بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية، والتي تشمل لاعبي كرة القدم وكبار التجار وموظفي منظمات الإغاثة والشخصيات الهامة.
ودعت المنظمة السلطات الإسرائيلية إلى إنهاء الحظر الشامل على التنقل والسماح لكل الفلسطينيين بالدخول إلى غزة والخروج منها، وعدم إخضاعهم إلا للفحوص الأمنية والتفتيش الجسدي الفردي. وإدراج الحقوقيين في لائحة الأشخاص الذين لهم الحق في تصاريح السفر. كما طالبت مصر بتسهيل سفر الحقوقيين عبر حدودها، وحركة "حماس" بحمايتهم من الانتقام.
(العربي الجديد)