دفعت احتجاجات أهالي جهات عدة في تونس على عدم تحقيق التنمية وتوفير فرص العمل حتى اليوم، بلجنة التنمية الجهوية في البرلمان إلى تنفيذ سلسلة من الزيارات الميدانية إلى مناطق عدّة في الشمال الغربي للبلاد، للاطلاع على سير المشاريع فيها.
الاحتجاجات الاجتماعية تلك مستمرة منذ عدة أشهر، بل تعيش تونس على وقعها، فلا تكاد الحكومة تعد جهة معيّنة بتلبية مطالبها وإيجاد حلول لها، إلا وينفجر الوضع في جهة أخرى تنادي بالمطالب نفسها.
انطلاقة الزيارات الحكومية الميدانية كانت في فبراير/ شباط الماضي، وفيها جرى الاطلاع على 26 مشروعاً معطلاً في جهة باجة تشمل قطاعات الصحة والتربية والثقافة، بسبب الإجراءات الإدارية والمالية. أمّا الزيارة الثانية فكانت للقصرين، بهدف الاطلاع على مجمل المشاكل والصعوبات التي تعيق إنجاز المشاريع الكبرى العمومية والخاصة، من قبيل مشروع كلية طب الأسنان ومشروع تفعيل خطوط السكك الحديدية.
يشير المدير الجهوي للتنمية في القصرين، محمد الشعباني، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "الجهة سجّلت تعطّل 26 مشروعاً في الفترة الممتدة بين عام 2011 وعام 2016. وقد شملت مختلف القطاعات بكلفة قدّرت بنحو 23 مليون دولار". يؤكد أنّ "المشاريع تواجه مشاكل عقارية وإدارية ومالية". كذلك كانت زيارة للقيروان، اطلعت اللجنة خلالها على تعطل عشرات المشاريع من قبيل المستشفى الجامعي وقسم طب الأطفال في مستشفى ابن الجزار في المجال الصحي، والمدرسة الوطنية للمهندسين وعدد من المعاهد العليا في مجال التعليم العالي. يُضاف إلى ذلك تعطّل إنجاز عدد من المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية في المجال التربوي، وبناء أمانة المال الجهوية ومكاتب مراقبة الأداء في المجال المالي، وبناء مركز فنون درامية ودور ثقافة في المجال الثقافي.
يبقى مطلبا التنمية والتشغيل أبرز مؤجج للتحركات في الشارع التونسي، لا سيّما وأنّ في ذلك أزمة كبيرة واجهتها كل الحكومات المتعاقبة نظراً إلى الفشل في الحدّ من البطالة أو توفير مشاريع تنموية.
يقول رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمن الهذيلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الاجتماعي مرشّح لمزيد من الاحتقان واتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل مختلف الجهات الأخرى، بسبب تهميش المسائل الاجتماعية وتعطل تحقيق تنمية عادلة في الجهات، التي تلقت وعوداً في أكثر من مرّة". ويضيف أنّ "الحكومة لم تتحرّك بخصوص الوضع في تطاوين إلا عندما أصاب الولاية شلل تام"، مشدداً على "ضرورة أن تتنبه الحكومة إلى المخاطر التي تتهدّد البلاد بسبب الواقع الاجتماعي المتردي، خصوصاً في الجهات الداخلية، وأن تفي بوعودها في الآجال المحددة في كلّ جهة تفادياً للاحتقان".
اقــرأ أيضاً
يعيد خبراء الأسباب التي حالت دون إنجاز المشاريع في معظم الجهات، إلى غياب التمويل الكافي وبطء اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل المصالح الإدارية المعنيّة، بالإضافة إلى نقص في المتابعة من قبل الإدارة أو التنسيق بين المتدخلين العموميين. كذلك نجد ثمّة مشكلات عقارية تمثّل عائقاً في جهات عدّة، إذ يتطلب الأمر وقتاً لتوفير الأراضي بهدف إنجاز المشاريع.
وفي سبيل تجاوز أزمة التمويل، كانت تونس قد نظمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 المؤتمر الدولي للاستثمار، سُجّل فيه حضور كبير مكّنها من تحصيل ما قيمته 17 مليار دولار أميركي، ما بين توقيع عشرات الاتفاقات بقيمة ثمانية مليارات دولار وتعهدات قدّرت بتسعة مليارات دولار. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ نسق السير في إنجاز كلّ المشاريع المشار إليها أكثر من مرة خصوصاً مع الزيارات الجهورية، ما زال بطيئاً، وما زالت بالتالي مئات المشاريع معطلة تماماً.
في هذا الإطار، يقول المتخصص في القانون الاستثماري، الصادق جبنون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "75 في المائة من المشاريع التي اتفق عليها في المؤتمر سوف تكون في المناطق السياحية، فيما خصّص فقط 25 في المائة من المشاريع للمناطق الداخلية، وهو الأمر الذي يؤكد غياب الدراسات الواضحة حول متطلبات الجهات من المشاريع التنموية". ويضيف أنّه "لم يبدأ تنفيذ أيّ من تلك المشاريع التي اتفق عليها في المؤتمر، وقد يتطلب إنجازها أكثر من سبع سنوات". ويوضح جبنون أنّ "أبرز الأسباب المعطلة للمشاريع في تونس، غياب دراسات جادة عن متطلبات كل جهة من الاستثمارات، إلى جانب تعقيد الإجراءات في الإدارة التونسية ووجود مشاكل عقارية وقانونية عدّة تعيق إنجاز مشاريع يعود تعطل بعضها إلى عام 2009".
تبقى الإشارة إلى أنّه منذ بداية مايو/ أيار الحالي، تسجّل زيارات لأغلب الجهات الداخلية يقوم بها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، وهي زيارات كانت مبرمجة بناءً على عمل لجنة متابعة المشاريع المعطلة في الجهات، والتي تشكّلت على مستوى رئاسة الجمهورية منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي. مع ذلك، تستمر الاحتجاجات الشعبية في مختلف جهات البلاد.
اقــرأ أيضاً
الاحتجاجات الاجتماعية تلك مستمرة منذ عدة أشهر، بل تعيش تونس على وقعها، فلا تكاد الحكومة تعد جهة معيّنة بتلبية مطالبها وإيجاد حلول لها، إلا وينفجر الوضع في جهة أخرى تنادي بالمطالب نفسها.
انطلاقة الزيارات الحكومية الميدانية كانت في فبراير/ شباط الماضي، وفيها جرى الاطلاع على 26 مشروعاً معطلاً في جهة باجة تشمل قطاعات الصحة والتربية والثقافة، بسبب الإجراءات الإدارية والمالية. أمّا الزيارة الثانية فكانت للقصرين، بهدف الاطلاع على مجمل المشاكل والصعوبات التي تعيق إنجاز المشاريع الكبرى العمومية والخاصة، من قبيل مشروع كلية طب الأسنان ومشروع تفعيل خطوط السكك الحديدية.
يشير المدير الجهوي للتنمية في القصرين، محمد الشعباني، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "الجهة سجّلت تعطّل 26 مشروعاً في الفترة الممتدة بين عام 2011 وعام 2016. وقد شملت مختلف القطاعات بكلفة قدّرت بنحو 23 مليون دولار". يؤكد أنّ "المشاريع تواجه مشاكل عقارية وإدارية ومالية". كذلك كانت زيارة للقيروان، اطلعت اللجنة خلالها على تعطل عشرات المشاريع من قبيل المستشفى الجامعي وقسم طب الأطفال في مستشفى ابن الجزار في المجال الصحي، والمدرسة الوطنية للمهندسين وعدد من المعاهد العليا في مجال التعليم العالي. يُضاف إلى ذلك تعطّل إنجاز عدد من المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية في المجال التربوي، وبناء أمانة المال الجهوية ومكاتب مراقبة الأداء في المجال المالي، وبناء مركز فنون درامية ودور ثقافة في المجال الثقافي.
يبقى مطلبا التنمية والتشغيل أبرز مؤجج للتحركات في الشارع التونسي، لا سيّما وأنّ في ذلك أزمة كبيرة واجهتها كل الحكومات المتعاقبة نظراً إلى الفشل في الحدّ من البطالة أو توفير مشاريع تنموية.
يقول رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمن الهذيلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الاجتماعي مرشّح لمزيد من الاحتقان واتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل مختلف الجهات الأخرى، بسبب تهميش المسائل الاجتماعية وتعطل تحقيق تنمية عادلة في الجهات، التي تلقت وعوداً في أكثر من مرّة". ويضيف أنّ "الحكومة لم تتحرّك بخصوص الوضع في تطاوين إلا عندما أصاب الولاية شلل تام"، مشدداً على "ضرورة أن تتنبه الحكومة إلى المخاطر التي تتهدّد البلاد بسبب الواقع الاجتماعي المتردي، خصوصاً في الجهات الداخلية، وأن تفي بوعودها في الآجال المحددة في كلّ جهة تفادياً للاحتقان".
يعيد خبراء الأسباب التي حالت دون إنجاز المشاريع في معظم الجهات، إلى غياب التمويل الكافي وبطء اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل المصالح الإدارية المعنيّة، بالإضافة إلى نقص في المتابعة من قبل الإدارة أو التنسيق بين المتدخلين العموميين. كذلك نجد ثمّة مشكلات عقارية تمثّل عائقاً في جهات عدّة، إذ يتطلب الأمر وقتاً لتوفير الأراضي بهدف إنجاز المشاريع.
وفي سبيل تجاوز أزمة التمويل، كانت تونس قد نظمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 المؤتمر الدولي للاستثمار، سُجّل فيه حضور كبير مكّنها من تحصيل ما قيمته 17 مليار دولار أميركي، ما بين توقيع عشرات الاتفاقات بقيمة ثمانية مليارات دولار وتعهدات قدّرت بتسعة مليارات دولار. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ نسق السير في إنجاز كلّ المشاريع المشار إليها أكثر من مرة خصوصاً مع الزيارات الجهورية، ما زال بطيئاً، وما زالت بالتالي مئات المشاريع معطلة تماماً.
في هذا الإطار، يقول المتخصص في القانون الاستثماري، الصادق جبنون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "75 في المائة من المشاريع التي اتفق عليها في المؤتمر سوف تكون في المناطق السياحية، فيما خصّص فقط 25 في المائة من المشاريع للمناطق الداخلية، وهو الأمر الذي يؤكد غياب الدراسات الواضحة حول متطلبات الجهات من المشاريع التنموية". ويضيف أنّه "لم يبدأ تنفيذ أيّ من تلك المشاريع التي اتفق عليها في المؤتمر، وقد يتطلب إنجازها أكثر من سبع سنوات". ويوضح جبنون أنّ "أبرز الأسباب المعطلة للمشاريع في تونس، غياب دراسات جادة عن متطلبات كل جهة من الاستثمارات، إلى جانب تعقيد الإجراءات في الإدارة التونسية ووجود مشاكل عقارية وقانونية عدّة تعيق إنجاز مشاريع يعود تعطل بعضها إلى عام 2009".
تبقى الإشارة إلى أنّه منذ بداية مايو/ أيار الحالي، تسجّل زيارات لأغلب الجهات الداخلية يقوم بها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، وهي زيارات كانت مبرمجة بناءً على عمل لجنة متابعة المشاريع المعطلة في الجهات، والتي تشكّلت على مستوى رئاسة الجمهورية منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي. مع ذلك، تستمر الاحتجاجات الشعبية في مختلف جهات البلاد.