تطلّب الدخول إلى بعض أحياء مدينة الموصل التي استعادتها القوات العراقية من سيطرة تنظيم "داعش" أخيراً، ارتداء كمامات بسبب رائحة الجثث المنبعثة من تحت أنقاض المنازل، التي تكاد تكون طارداً طبيعياً لأي فرصة حياة جديدة في تلك المناطق.
ويُقدر عدد الجثث بأكثر من 4 آلاف جثة غالبيتها العظمى لمدنيين قضوا بقصف منازلهم على يد التحالف الدولي أو الطيران العراقي والقصف الصاروخي للجيش.
وسمحت قوات الأمن العراقية للصحافيين بالتجوال تحت إشرافها، في مناطق حددتها مسبقا، وتنتقي ما تريد أن يظهر في وسائل الإعلام.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" من داخل الموصل أن بطء عمليات انتشال جثث الضحايا من المدينة، خطوة متعمدة من الحكومة حتى لا تستخرجهم دفعة واحدة، وتثير ضجة واسعة بسبب عدد الضحايا الهائل من المدنيين الذين سقطوا في المعارك.
وفي حي "الموصل الجديد" الذي شهد مجزرةً الشهر الماضي راح ضحيتها 650 مدنيا من جراء قصف أميركي، أعلن البنتاغون حينها أنه فتح تحقيقا في المجزرة دون أن يعلن عمّا أسفرت نتائج هذا التحقيق. ويبدو الدمار واسعا وتظهر بالكاد بضعة منازل واقفة، فغالبية المباني السكنية والحكومية سويّت بالأرض بفعل القصف، وتبدو المنطقة كأنها تعرضت لزلزال عنيف قلبها رأسا على عقب.
يقول ضابط في الأمن العراقي رافق "العربي الجديد" في مهمة التصوير إن "الموصل أخذت منا الكثير من الجنود كما أخذت أضعافهم من الأهالي". ويضيف "لا أعتقد أنها ستعود كما كانت قبل عشر سنوات من الآن".
ويؤكد عضو مجلس محافظة نينوى، محمد الحمداني، لـ"العربي الجديد" أن "التقديرات الأولية تؤكد مقتل وإصابة ما لا يقل عن 30 ألف مدني، بينهم 13 ألف قتيل، من بينهم الجثث تحت الأنقاض، وهدم 12 ألف منزل ومبنى سكني، وخسائر مالية تتجاوز 40 مليار دولار".
ويتابع "زعم داعش أنه جاء لحماية السنّة، لكنه في الحقيقة دمّر السنّة، وعبّد الطريق لإيران بشكل مناسب" وفقا لقوله، مؤكدا أن "المدينة الآن في حالة تخدير عام، لكن بعد انتهاء العمليات العسكرية تُكتشف حقيقة الجرائم التي ارتكبت".