"الوزيعة ".. لحوم لفقراء الجزائر في منتصف رمضان
في منتصف رمضان، تصبح "الوزيعة" الأكثر ممارسة في مختلف المناطق الجزائرية، وخاصة القرى والأحياء النائية الفقيرة، بحيث تعمد العائلات إلى تخصيص يوم 15 رمضان للفقراء وعنوانه "تزويدهم باللحوم وتوزيعها على مختلف الأسر"، مثل ما شرح محمد سي البشير لـ"العربي الجديد".
وأوضح المتحدث أن توزيع اللحوم على العائلات الفقيرة بالذهاب إلى بيوتهم، "عادة ترسخت في العمق المجتمعي الجزائري في المناسبات والاحتفالات الدينية دون استثناء، لكن في شهر المغفرة تجد الأغنياء يتهافتون على ذلك، إذ يعتبر منتصف الشهر الفضيل وسيلة للاحتفالات وطهي ما لذ وطاب لتوزيعه على الأسر".
في منطقة "عين الحمام" بولاية "تيزي وزو (110 كيلومترات شرق العاصمة الجزائرية)، تجمع كبار العائلات في المنطقة، واتفقوا قبل أيام على القيام بـ"الوزيعة"، وكيفية شراء الأغنام والأبقار التي يتم ذبحها في حملة "صدقة الوزيعة"، ويكلف بذلك مختصون في الذبح ثم يتم تقسيمها بالعدل لتوضع في أكياس من طرف شباب القرى الذي يقومون بدورهم بتوزيعها على البيوت.
عنوان للتكافل
"الوزيعة عمل تضامني مع المعوزين وتذكير بفضائل التآزر والتكافل بين المسلمين"، بحسب الشاب أرزقي (32 سنة)، والذي يقول لـ"العربي الجديد"، إنه لا شيء أفضل من أن تتشارك مع الفقراء في مثل هذه الالتفاتة، ففي القرى لا يمكن أن يصرح أحد بأنه محتاج، لكننا نعرفهم بالبيت الواحد، فمثلاً هناك أرامل وكبار السن، وهناك عائلات كثيرة العدد وبعض الأسر التي لا تجد قوت يومها مع غلاء المعيشة، لهذا يتكفل كبار العائلات في القرية الواحدة بجرد لائحة الأسر المحتاجة، فيما يتم التوزيع وفق ذلك.
وأوضح المتحدث بأن الوزيعة لا تعني فقط توزيع اللحوم، بل تقام أيضاً احتفالات في إفطار رمضان، أو ما يسمى بـ"الزردة"، تطهى فيها أشهى الأطباق ويأتي كل سكان المنطقة لتناول ذلك الإفطار الجامعي، في التفاتة تؤكد أهمية تكافل وتضامن القرى.
تختلف المسميات في الجزائر في عادة "الوزيعة" التي تعتبر وليمة في مناطق الشرق الجزائري، مثل قسنطينة وميلة وجيجل مثلاً تخصص عادة للفقراء والمساكين ويتشارك في إعدادها الأغنياء، بينما تسمى "النفقة" في بعض مدن منطقة الأوراس الجزائرية، أو "الوزيعة" في مناطق وسط الجزائر، أو "الزردة" في مناطق الهضاب العليا والجنوب الجزائري، فيما يعكف سكان ولايات الجنوب على تنظيمها أسبوعياً، وغالباً ما تكون يوم الخميس وليلة الجمعة، في إطار تضامن تحاول العائلات ترسيخه عادة متجددة في هذه المناسبات والأيام المباركة، ونقلها من جيل إلى آخر.
#من_قلب_الجزاير
">
|
كذلك ينتهز بعض الأشخاص منتصف الشهر الفضيل لـ"اقتناص" ومعرفة الأسر الفقيرة ومختلف احتياجاتها، لتقديم مساعدات مادية أخرى، إذ ذكر السيد محمد علي لـ"العربي الجديد"، أن العشرات من العائلات تحتاج مساعدات وإدخال الفرحة على قلوب الأبناء، خصوصاً في رمضان ومع التهاب الأسعار، فيما يذهب بعضهم إلى تحضير احتفالية إفطار جماعي وختان جماعي لأطفال الأسر المعوزة، معتبراً إياها فرصة ذهبية يتلقفها الغني لمشاركة الفقير في كل شيء.