"غالبو رمضان"، أو "ناقصتو قهوة" وغيرها من العبارات الشائعة كثيراً ما تتردّد في الشارع الجزائري منذ بدء شهر رمضان، لوصف حال المواطنين خلال هذا الشهر، إذا ما أتعبهم الصوم أو شعروا بحاجة إلى القهوة.
يقول كثيرون لـ "العربي الجديد" إن الجزائري يقضي على الوقت بين المسجد والتلفزيون والأسواق. ويوضح أحد المواطنين: "في الفترة المسائية يتوافد كثير من المواطنين إلى الأسواق، خصوصاً أسواق الخضار. ويعرض الباعة ما يكثر الإقبال عليه خلال هذا الشهر".
يُقال باللهجة الجزائريّة إن المواطن "يشتري بعينه"، أي أنه يختار الفاكهة والزيتون ومختلف أصناف الخبز بسبب "الجوع" و"متعة النظر". هكذا، يتغلّب على كل ما لذّ وطاب بالشراء وإفراغ الجيب. يشير أحد المواطنين، ويدعى عبد الهادي، إلى أنّه خلال الأيّام الأولى من رمضان كان يشتري أنواعاً مختلفة من الخبز الذي ينتشر في البلاد خلال هذا الشهر، ليعود إلى بيته ويكتشف أن والده اشترى الخبز، إضافة إلى أشقائه الذين فعلوا الأمر نفسه، حتى صار في البيت كمية كبيرة من الخبز، علماً أنّهم لن يأكلوا إلّا بعضاً منه. وينسحب الأمر على المقبلات والزيتون والحلويات التي تباع خلال هذا الشهر. يضيف أنّه خلال هذا الشهر، "يغلبني الصوم كثيراً، فأجد نفسي بين الأسواق أتجول وأشتري أنواعاً مختلفة من الفاكهة والحلويات".
ويوضح جمال الدين (56 عاماً)، لـ "العربي الجديد"، أنّه يجوب الأسواق في بعض الأحيان من دون أن يشتري شيئاً، لافتاً إلى أنّ هذه العادة تزداد خلال شهر رمضان، بسبب ما تعرضه الأسواق الجزائرية من "نكهة وطعم"، على عكس الأيام العادية. من جهة أخرى، يلفت إلى أنّه كثيراً ما تشهد أسواق البلاد شجارات خلال الشهر الفضيل، إذ "يغلبهم رمضان". وهذه عبارة شائعة تستخدم كثيراً لوصف أولئك الذين يغضبون لأتفه الأسباب، ليتحوّل النقاش إلى شجار لا تحمد عقباه.
من جهة أخرى، لا يختلف شخصان في الجزائر على أهمية القهوة لتعديل المزاج. وبحسب مثل شعبي في البلاد، فإن "قهوة وسيجارة أفضل من السلطان في داره"، في إشارة إلى أهمية القهوة. وفي رمضان، يظهر مفعول نقص القهوة على الرجال بشكل واضح، خصوصاً أولئك الذين يرتشفون القهوة الثقيلة في ساعات الصباح الباكر، والتي "تعدّل المزاج". ويقول عبد الهادي سعدي إنه في أحيان كثيرة،تجد غالبيّة الجزائريين، خصوصاً الشباب، "على أعصابهم" خلال تعاملهم مع الآخرين، ولأبسط الأسباب.
ورغم الإجراءات الأمنيّة التي اتخذت بمناسبة الشهر الفضيل، يلفت بعضهم إلى أن الجزائريين يعيشون خوفاً يومياً، إذ يخشون التعرّض للاعتداء والسرقة من قبل المجرمين خلال هذا الشهر، في ظل اعتداءات متكررة وسرقات في وضح النهار بسبب قلّة الحركة في الشوارع. وتحرص نساء على عدم ارتداء الذهب مخافة السرقة. وتقول شهيناز لـ "العربي الجديد" إنّها تخشى التعرّض لاعتداء بالسلاح الأبيض بسبب سلسلة ذهبية.
من جهته، يقول سيد علي (34 عاماً) إن غالبية المواطنين الذين يخرجون إلى العمل باكراً خلال هذا الشهر يتعرضون للسرقة بسبب قلة حركة الناس في الشارع. ويروي لـ "العربي الجديد" كيف سُرق جاره من قبل شاب كان يحمل خنجراً. حاول جاره اللحاق بالسارق الذي أخذ محفظته من دون جدوى، فقد فرّ المجرم هارباً، كما أن الشارع كان خالياً من الناس، ما سهّل عملية السرقة.
كثيرة هي حوادث السرقة التي يتعرّض لها الناس خلال هذا الشهر، خصوصاً في الأسواق والأماكن والعامة. تقول سامية إنّ المجرمين يسرقون طوال العام بطبيعة الحال، إلا أن عملية السرقة تسهل خلال شهر رمضان. بالنسبة إلى هؤلاء، فإن المواطن متعب بسبب الصيام، كما أنه ينزل إلى السوق محمّلاً بالنقود، ما يجعله صيداً ثميناً. وفي شهر رمضان، تكون السرقة أسهل بسبب قلّة الحركة. تروي سامية ما حدث مع زوجها، لافتة إلى أنّه تعرض للنشل أمام مكتب البريد المركزي في قلب العاصمة الجزائرية، حيث توجه للحصول على راتبه الشهري. كان مسرعاً ووضع المال في جيبه. وحين وصل إلى السيارة وجد جيبه فارغاً. وحتى اليوم، يصعب عليه تفسير كيفية تعرضه للسرقة.