فعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وانسحب من اتفاقيّة باريس للمناخ، عارضاً مبررات عدة، أبرزها الاقتصاد. هذا المبرّر أو الحجّة، يتناقض مع مناشدة قطاع واسع من رؤساء شركات أميركية كبرى، من بينها شركات نفط كشركة "إكسون موبيل"، بعدم الانسحاب لأنّ خطوة كهذه تضرّ بمصالح أميركا الاقتصادية ومستقبلها وموقعها الريادي اقتصادياً، على المدى البعيد.
آخر تلك المناشدات كانت من خلال بيان وقعه رؤساء عشرات الشركات الأميركية الكبرى، من بينها "آبل" و"مايكروسوفت" و"أديداس"، قبل يوم واحد من إعلان ترامب، مطالبين إياه بعدم الانسحاب من الاتفاقيّة، ناهيك عن معارضة الانسحاب من قبل شريحة كبيرة من السياسيين الأميركيين وحكام ولايات أميركية رئيسية في الاقتصاد الأميركي، كحاكم ولاية كاليفورنيا، والتي يلعب اقتصادها دوراً رئيسياً في اقتصاد البلاد والاقتصاد العالمي.
إلّا أنّ قرار ترامب لقي ترحيباً واسعاً من العاملين في قطاع الفحم، الذي يوظف نحو 164 ألف أميركي، وشركات نفط توظف مئات ملايين الدولارات سنوياً في تمويل حملات انتخابية لأعضاء في الكونغرس. غير أن شركات نفط أخرى، كشركة "إكسون موبيل"، عارضت الانسحاب لأن البقاء فيه يعطيها فرصاً ودعماً أكبر لاستخراج الغاز الطبيعي محلياً وعالميّاً. هنا يكمن مربط الفرس، والمتعلّق بإصرار ترامب على مراعاة مصالح بعض شركات النفط والفحم، والذي يتركز عملها في وسط وجنوب أميركا، وهي الولايات التي تؤمن قاعدته الانتخابية الثابتة واليمينية المتطرفة.
مسرحية
لعلّ هذا ما يفسر المسرحية التي قام بها خلال إعلانه الانسحاب من إحدى حدائق البيت الأبيض، أمام جمهور من موظفيه ومدعويه. كان يمكنه الاكتفاء بعدم دفع التعهدات المالية التي وافقت عليها بلاده من خلال الانضمام إلى الاتفاقيّة، خصوصاً أنه لا يفرض عقوبات على عدم الوفاء بتلك التعهدات المالية.
وكانت الدول الغنية، والمسؤولة عن القدر الأكبر من التلوث البيئي في العالم، من ضمنها الولايات المتحدة، ثاني أكبر ملوّث للبيئة عالمياً، قد تعهدت في عام 2009 بدفع واستثمار نحو 100 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2020 للدول النامية، ودعمها في الانتقال، وتوفير مصادر طاقة نظيفة بغية الحد من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري. ويأتي ذلك ضمن المساعي لمساعدة الدول النامية على "خفض استخدام الطاقة الأحفورية كالنفط والفحم والغاز، وتشجيعها على اللجوء إلى مصادر طاقة متجدّدة..."، بحسب أهداف الأمم المتحدة.
اقتصادياً، تخشى الشركات الأميركية التي تعارض الانسحاب، أن يؤثر القرار سلباً على فرصها في السوق، أي أن تغلق أمامها الأسواق العالمية، والحد من فرص المنافسة مع دول أخرى رائدة تدعم مصادر الطاقة النظيفة. ويرى متخصصون أن الصين، وهي أكبر ملوث للبيئة في العالم، ستستغل هذا القرار لتثبت مكانتها الاقتصادية وقيادتها عالمياً في مقابل تراجع لدور إيجابي للولايات المتحدة.
ولخّصت حاكمة ولاية ميشيغين السابقة، جنيفر غراندهولم، ما حصل بالقول: "ما فعله الرئيس الأميركي ضرر كبير للولايات المتحدة، خصوصاً قطاع الطاقة النظيفة الذي خلق مئات الآلاف من الوظائف. هناك 3.3 ملايين أميركي يعملون في هذا المجال، وترامب يقضي على مستقبل تلك الإنجازات. نريد الاستمرار بصنع تلك المنتجات التي تحافظ على البيئة في الولايات المتحدة، وأن نتمكن من المنافسة عالمياً. إنّه يفوت بذلك فرصة كبيرة على الاقتصاد الأميركي، إذ إن ستين في المائة من مولدات الطاقة ومصادرها، التي ستعتمد كمصادر للطاقة حول العالم بحلول عام 2040، ستكون من مصادر طاقة نظيفة، وستين في المائة منها من الريح والطاقة الشمسية، والخروج من الاتفاقية يشكل ضربة قوية للولايات المتحدة وفرصها للعب دور رئيسي في ذلك وإفادة اقتصادها".
اقــرأ أيضاً
ولعلّ هذا أحد الأسباب التي أدت إلى عدم انسحاب ترامب من جميع اتفاقيات ومفاوضات متعلقة بالمناخ، بل من معاهدة باريس. ويفضل خبراء البيئة إطلاق تسمية معاهدة عليها بدلاً من اتفاقية لأنه لا يوجد عقبات قانونية للانسحاب منها بل عقبات أخرى. والأموال التي من المفترض أن تقدمها الولايات المتحدة، بموجب اتفاقية باريس، إلى الدول النامية، ما هي إلّا استثمارات وليست هبات، كما هو الحال في غالبية مشاريع التنمية التي تنفذها الدول الصناعية. وهذا لا يضمن فقط عقود عمل ضخمة لشركات الدول المانحة (المستثمرة)، بل يضمن استمرارية.
تداعيات مناخيّة
كان ترامب، خلال حملته الانتخابية، قد وعد بهذا الانسحاب أو "إعادة التفاوض" على شروط الاتفاقيّة. وهو ما قاله مجدّداً من البيت الأبيض، أول من أمس، عند إعلانه الانسحاب بأسلوبه المسرحي. لكنّ الردّ جاء سريعاً وحاداً في بيان مشترك أصدرته كل من باريس وبرلين وروما، مفاده أنّه لا يمكن إعادة "التفاوض" على اتفاقية تفاوضت أكثر من 190 دولة حولها، بما فيها الولايات المتحدة، على مدى عشرين عاماً تقريباً. ومن نيويورك، خرج الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، عن صمته المعهود منذ تولّيه منصبه بداية العام، حيال سياسات الولايات المتحدة، وأسف، في بيان، لقرار ترامب، واصفاً إيّاه بـ "خيبة أمل كبيرة تجاه الجهود الدولية لخفض الانحباس الحراري والعمل من أجل أمن وسلامة الكرة الأرضية".
وعند الحديث عن أمن وسلامة الكرة الأرضية، فهذا ليس مجازاً ولا يقتصر على تلوث البيئة وتبعات اقتصادية فقط، بل قد يؤدّي إلى كارثة بالنسبة لملايين البشر الذين اضطروا إلى النزوح واللجوء بسبب الكوارث البيئة المتزايدة، اللّجوء الذي يثقل كاهل الدول المتضررة والمضيفة على حد سواء.
وبحسب إحصائيّات الأمم المتحدة، يصل عدد اللاجئين والنازحين حول العالم اليوم إلى 60 مليوناً، ثمانون في المائة منهم بسبب الصراعات، والبقية لأسباب مناخية. وتفيد دراسات عدة بأنّ عدد "اللاجئين البيئيين" سيزداد خلال العقود المقبلة إلى مئات الملايين، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.
ومن أبرز أهداف اتفاقيّة باريس، بحسب الأمم المتحدة، "الإبقاء على متوسط درجة حرارة الأرض أقل من درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود الرامية إلى حصرها على ألّا تتجاوز 1.5 درجة مئوية، وخفض الانبعاثات الناجمة عن الصناعات وتحويل الاقتصاد والصناعات العالمية عن الوقود الأحفوري". ويرى خبراء بيئيون في الأمم المتحدة أن الاتفاق يساعد على "خلق القدرة والتأقلم مع آثار المناخ، من الجفاف والفيضانات وذوبان الجليد والتصحّر وارتفاع منسوب المياه".
يشار إلى أن الكوارث البيئية لا تقتصر على دول العالم الأخرى، بل هي في عقر دار الرئيس الأميركي. فولايات رئيسية كنيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا تعاني من تبعاته البيئية والاقتصادية، سواء الجفاف الذي ضرب كاليفورنيا أو الأعاصير وارتفاع منسوب المياه. وإذا لم تلتزم الولايات المتحدة في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، كما تعهدت بحسب الاتفاقية، فإن ذلك سيزيد من نسبة الاحتباس الحراري ويؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه والأعاصير والفيضانات. وفي حال خطت دول أخرى على خطى الولايات المتحدة، فإن ذلك سيسرع ويزيد نسبة الكوارث الطبيعية. ويمكن الحد من تلك المخاطر وتأثيرها إذا ما استمرت دول كالصين والهند في التقدم في محاربة التلوث البيئي بشكل أفضل مما كان متوقعاً، لكن لا يوجد ضمانات.
كذلك، يخلق انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية فراغاً مادياً كبيراً يتعلّق بالاستثمار في حماية البيئة. ويمكن للولايات المتحدة سحب أكثر من خمسين مليون دولار سنوياً تدفعها لصندوق الأمم المتحدة الخاص بالبيئة، إضافة إلى مليارات كان يفترض البدء باستثمارها في الصندوق.
ولا يسري مفعول الانسحاب من اتفاقية باريس بشكل فوري، على عكس ما يحاول الرئيس الأميركي تسويقه لقاعدته اليمينية المتطرفة من ناخبيه، بل يبدأ سريانه في عام 2020. كذلك، يمكن للولايات المتحدة دخول المعاهدة مجدداً في حال جاء رئيس جديد. لكن هنا تكمن المشكلة، إذ إنه يقامر بالبيئة ومخاطرها من أجل رفع احتمالات انتخابه لأربع سنوات جديدة، يصعب حتى تخيل عقباتها ليس فقط في الولايات المتحدة بل على العالم أجمع.
آخر تلك المناشدات كانت من خلال بيان وقعه رؤساء عشرات الشركات الأميركية الكبرى، من بينها "آبل" و"مايكروسوفت" و"أديداس"، قبل يوم واحد من إعلان ترامب، مطالبين إياه بعدم الانسحاب من الاتفاقيّة، ناهيك عن معارضة الانسحاب من قبل شريحة كبيرة من السياسيين الأميركيين وحكام ولايات أميركية رئيسية في الاقتصاد الأميركي، كحاكم ولاية كاليفورنيا، والتي يلعب اقتصادها دوراً رئيسياً في اقتصاد البلاد والاقتصاد العالمي.
إلّا أنّ قرار ترامب لقي ترحيباً واسعاً من العاملين في قطاع الفحم، الذي يوظف نحو 164 ألف أميركي، وشركات نفط توظف مئات ملايين الدولارات سنوياً في تمويل حملات انتخابية لأعضاء في الكونغرس. غير أن شركات نفط أخرى، كشركة "إكسون موبيل"، عارضت الانسحاب لأن البقاء فيه يعطيها فرصاً ودعماً أكبر لاستخراج الغاز الطبيعي محلياً وعالميّاً. هنا يكمن مربط الفرس، والمتعلّق بإصرار ترامب على مراعاة مصالح بعض شركات النفط والفحم، والذي يتركز عملها في وسط وجنوب أميركا، وهي الولايات التي تؤمن قاعدته الانتخابية الثابتة واليمينية المتطرفة.
مسرحية
لعلّ هذا ما يفسر المسرحية التي قام بها خلال إعلانه الانسحاب من إحدى حدائق البيت الأبيض، أمام جمهور من موظفيه ومدعويه. كان يمكنه الاكتفاء بعدم دفع التعهدات المالية التي وافقت عليها بلاده من خلال الانضمام إلى الاتفاقيّة، خصوصاً أنه لا يفرض عقوبات على عدم الوفاء بتلك التعهدات المالية.
وكانت الدول الغنية، والمسؤولة عن القدر الأكبر من التلوث البيئي في العالم، من ضمنها الولايات المتحدة، ثاني أكبر ملوّث للبيئة عالمياً، قد تعهدت في عام 2009 بدفع واستثمار نحو 100 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2020 للدول النامية، ودعمها في الانتقال، وتوفير مصادر طاقة نظيفة بغية الحد من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري. ويأتي ذلك ضمن المساعي لمساعدة الدول النامية على "خفض استخدام الطاقة الأحفورية كالنفط والفحم والغاز، وتشجيعها على اللجوء إلى مصادر طاقة متجدّدة..."، بحسب أهداف الأمم المتحدة.
اقتصادياً، تخشى الشركات الأميركية التي تعارض الانسحاب، أن يؤثر القرار سلباً على فرصها في السوق، أي أن تغلق أمامها الأسواق العالمية، والحد من فرص المنافسة مع دول أخرى رائدة تدعم مصادر الطاقة النظيفة. ويرى متخصصون أن الصين، وهي أكبر ملوث للبيئة في العالم، ستستغل هذا القرار لتثبت مكانتها الاقتصادية وقيادتها عالمياً في مقابل تراجع لدور إيجابي للولايات المتحدة.
ولخّصت حاكمة ولاية ميشيغين السابقة، جنيفر غراندهولم، ما حصل بالقول: "ما فعله الرئيس الأميركي ضرر كبير للولايات المتحدة، خصوصاً قطاع الطاقة النظيفة الذي خلق مئات الآلاف من الوظائف. هناك 3.3 ملايين أميركي يعملون في هذا المجال، وترامب يقضي على مستقبل تلك الإنجازات. نريد الاستمرار بصنع تلك المنتجات التي تحافظ على البيئة في الولايات المتحدة، وأن نتمكن من المنافسة عالمياً. إنّه يفوت بذلك فرصة كبيرة على الاقتصاد الأميركي، إذ إن ستين في المائة من مولدات الطاقة ومصادرها، التي ستعتمد كمصادر للطاقة حول العالم بحلول عام 2040، ستكون من مصادر طاقة نظيفة، وستين في المائة منها من الريح والطاقة الشمسية، والخروج من الاتفاقية يشكل ضربة قوية للولايات المتحدة وفرصها للعب دور رئيسي في ذلك وإفادة اقتصادها".
ولعلّ هذا أحد الأسباب التي أدت إلى عدم انسحاب ترامب من جميع اتفاقيات ومفاوضات متعلقة بالمناخ، بل من معاهدة باريس. ويفضل خبراء البيئة إطلاق تسمية معاهدة عليها بدلاً من اتفاقية لأنه لا يوجد عقبات قانونية للانسحاب منها بل عقبات أخرى. والأموال التي من المفترض أن تقدمها الولايات المتحدة، بموجب اتفاقية باريس، إلى الدول النامية، ما هي إلّا استثمارات وليست هبات، كما هو الحال في غالبية مشاريع التنمية التي تنفذها الدول الصناعية. وهذا لا يضمن فقط عقود عمل ضخمة لشركات الدول المانحة (المستثمرة)، بل يضمن استمرارية.
تداعيات مناخيّة
كان ترامب، خلال حملته الانتخابية، قد وعد بهذا الانسحاب أو "إعادة التفاوض" على شروط الاتفاقيّة. وهو ما قاله مجدّداً من البيت الأبيض، أول من أمس، عند إعلانه الانسحاب بأسلوبه المسرحي. لكنّ الردّ جاء سريعاً وحاداً في بيان مشترك أصدرته كل من باريس وبرلين وروما، مفاده أنّه لا يمكن إعادة "التفاوض" على اتفاقية تفاوضت أكثر من 190 دولة حولها، بما فيها الولايات المتحدة، على مدى عشرين عاماً تقريباً. ومن نيويورك، خرج الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، عن صمته المعهود منذ تولّيه منصبه بداية العام، حيال سياسات الولايات المتحدة، وأسف، في بيان، لقرار ترامب، واصفاً إيّاه بـ "خيبة أمل كبيرة تجاه الجهود الدولية لخفض الانحباس الحراري والعمل من أجل أمن وسلامة الكرة الأرضية".
وعند الحديث عن أمن وسلامة الكرة الأرضية، فهذا ليس مجازاً ولا يقتصر على تلوث البيئة وتبعات اقتصادية فقط، بل قد يؤدّي إلى كارثة بالنسبة لملايين البشر الذين اضطروا إلى النزوح واللجوء بسبب الكوارث البيئة المتزايدة، اللّجوء الذي يثقل كاهل الدول المتضررة والمضيفة على حد سواء.
وبحسب إحصائيّات الأمم المتحدة، يصل عدد اللاجئين والنازحين حول العالم اليوم إلى 60 مليوناً، ثمانون في المائة منهم بسبب الصراعات، والبقية لأسباب مناخية. وتفيد دراسات عدة بأنّ عدد "اللاجئين البيئيين" سيزداد خلال العقود المقبلة إلى مئات الملايين، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.
ومن أبرز أهداف اتفاقيّة باريس، بحسب الأمم المتحدة، "الإبقاء على متوسط درجة حرارة الأرض أقل من درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود الرامية إلى حصرها على ألّا تتجاوز 1.5 درجة مئوية، وخفض الانبعاثات الناجمة عن الصناعات وتحويل الاقتصاد والصناعات العالمية عن الوقود الأحفوري". ويرى خبراء بيئيون في الأمم المتحدة أن الاتفاق يساعد على "خلق القدرة والتأقلم مع آثار المناخ، من الجفاف والفيضانات وذوبان الجليد والتصحّر وارتفاع منسوب المياه".
يشار إلى أن الكوارث البيئية لا تقتصر على دول العالم الأخرى، بل هي في عقر دار الرئيس الأميركي. فولايات رئيسية كنيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا تعاني من تبعاته البيئية والاقتصادية، سواء الجفاف الذي ضرب كاليفورنيا أو الأعاصير وارتفاع منسوب المياه. وإذا لم تلتزم الولايات المتحدة في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، كما تعهدت بحسب الاتفاقية، فإن ذلك سيزيد من نسبة الاحتباس الحراري ويؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه والأعاصير والفيضانات. وفي حال خطت دول أخرى على خطى الولايات المتحدة، فإن ذلك سيسرع ويزيد نسبة الكوارث الطبيعية. ويمكن الحد من تلك المخاطر وتأثيرها إذا ما استمرت دول كالصين والهند في التقدم في محاربة التلوث البيئي بشكل أفضل مما كان متوقعاً، لكن لا يوجد ضمانات.
كذلك، يخلق انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية فراغاً مادياً كبيراً يتعلّق بالاستثمار في حماية البيئة. ويمكن للولايات المتحدة سحب أكثر من خمسين مليون دولار سنوياً تدفعها لصندوق الأمم المتحدة الخاص بالبيئة، إضافة إلى مليارات كان يفترض البدء باستثمارها في الصندوق.
ولا يسري مفعول الانسحاب من اتفاقية باريس بشكل فوري، على عكس ما يحاول الرئيس الأميركي تسويقه لقاعدته اليمينية المتطرفة من ناخبيه، بل يبدأ سريانه في عام 2020. كذلك، يمكن للولايات المتحدة دخول المعاهدة مجدداً في حال جاء رئيس جديد. لكن هنا تكمن المشكلة، إذ إنه يقامر بالبيئة ومخاطرها من أجل رفع احتمالات انتخابه لأربع سنوات جديدة، يصعب حتى تخيل عقباتها ليس فقط في الولايات المتحدة بل على العالم أجمع.