إفطار فلسطيني في تكية "سيدي شبان"
البيرة
محمود السعدي
محمود السعدي
يجتهد الشاب الفلسطيني أحمد أبو العم (35 عاماً) من سكان مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، في تنظيم إفطارات لإطعام الصائمين، خصوصاً في المساجد، ضمن جهود تطوعية رفقة عدد من أصدقائه الذين أسسوا تكية "سيدي شبان" منذ العام الماضي.
بالنسبة لأحمد، فإنّ تقديم الطعام مميز في شهر رمضان "فأحبّ الأعمال إلى الله هو إطعام الطعام وإكرام الضيف"، كما يقول لـ"العربي الجديد". يقدم القائمون على التكية المساعدة للآخرين في أعمال خيرية أخرى، في رمضان أو مواسم أخرى على مدار العام، عبر توفير التبرعات التي يحصلون عليها بشكل شخصي من الأقارب أو التجار وأهل الخير عامة، وليس عبر المؤسسات.
بعد انتهاء عمله وانتهاء سبعة من زملائه المتطوعين الرئيسيين من وظائفهم، تبدأ رحلة أحمد في العمل التطوعي بتكية "سيدي شبان"، من جمع التبرعات العينية أو المادية اللازمة لتجهيز الإفطار الرمضاني الذي يجدون فيه أجراً لهم بإفطار صائم، ويساعدهم كذلك عدد آخر من المتطوعين بشكل متفاوت.
نظمت تكية "سيدي شبان" عدة فعاليات في إعداد الطعام وتقديمه للناس في أماكن مختلفة من محافظات الضفة الغربية، خصوصاً في محافظة رام الله والبيرة وقراها. ولا يقتصر تقديم الطعام بشكل جماعي للفقراء أو الأغنياء أو عابري السبيل، بل يجري تخصيص عدد من الوجبات للفقراء والمحتاجين والأيتام ترسل إلى منازلهم. ويعتبر الشبان أنّ إطعام الطعام للأغنياء قد يشجعهم على أن يطعموا الناس في دورهم.
أراد أحمد وأصدقاؤه أن يجعلوا عملهم التطوعي ممأسساً بدلاً من الذهاب إلى المتبرعين كأشخاص، فهم يرسمون للمستقبل من خلال جمع التبرعات لمؤسسة تهدف إلى ضمان استمرار العمل، فيما يسعى أحمد إلى تنظيم عمل التكية بلجنة مواكبة، بعد أن يجري ترخيص التكية بشكل رسمي، وكذلك توفير مقر لها، فما زالت متنقلة.
اقــرأ أيضاً
يدرك أحمد أنّ هناك من يسعى إلى إحباطه وإحباط عمله، لكنه يبتعد عنهم ويصر على مواصلة عمله التطوعي في التكية: "العمل التطوعي في خدمة المحتاجين بالنسبة له خير عظيم وزيادة في الأجر وربما يدفع الأذى عن نفسي، بل أشعر أيضاً بسعادة حينما أخدم الناس".
لاقت التكية تفاعلاً إيجابياً من أهالي البيرة، ويجتهد أحمد على حث معارفه على التبرع للتكية تبرعات عينية أو نقدية، أو من خلال التبرع بالجهد أو بجزء منه. يطمح القائمون على التكية إلى أن يصلوا إلى المؤسسات المحلية والعربية والدولية، من أجل التعاون معهم في استمرار "تكية سيدي شبان".
في الضفة الغربية أربع عشرة تكية، منها حكومية، وأخرى تتبع لجمعيات خيرية، وغيرها يتبع مباشرة صندوق الزكاة الفلسطيني، وتكايا موسمية تقدم خدماتها في شهر رمضان، إذ يقول مدير عام صندوق الزكاة الفلسطيني، حسان طهبوب، لـ"العربي الجديد": "وجهنا الدعوة إلى القائمين على التكايا أيّاً كان ترخيصها، من أجل تشكيل مجلس مشترك للتكايا بإشراف صندوق الزكاة وتوحيد الجهد وتنظيم العمل"، معتبراً أنّ انتشار التكايا في فلسطين يعكس صورة إيجابية وسنّة حسنة.
يسعى صندوق الزكاة الفلسطيني منذ سنوات لافتتاح تكايا أنشأها صلاح الدين الأيوبي وتوقفت قبل عشرات السنين إبّان بداية الاحتلال الصهيوني لفلسطين، أو فتح تكايا جديدة، من أجل تقديم الطعام وتوزيعه على الأسر الفقيرة في منازلها بدلاً من مدّ أيديهم للناس طلباً للمساعدة وتحقيق لمّة العائلة بدلاً من الإفطارات الجماعية، ضمن مسوح اجتماعية توفرها البلدية، في وقت يفتح المجال للمتبرعين بتوفير الدعم للتكايا.
فقبل نحو ألف سنة أنشأ صلاح الدين الأيوبي، بعد تحريره بيت المقدس، تكايا في كلٍّ من المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل، من أجل إطعام المساكين والفقراء وأبناء السبيل، خصوصاً ممن جاؤوا من العلماء والمرابطين إلى فلسطين، لدعم بقائهم وتماسكهم بها كونها أرض رباط. وفّرت التكايا للمرابطين مكاناً للمبيت، ومكاناً آخر لرعاية خيولهم أو جمالهم، بالإضافة إلى الطعام، ما دفع كثيراً من المسلمين خارج فلسطين إلى الاستقرار فيها في ذلك الحين.
أما سيدي شبان أو شيبان الذي يقع ضريحه في المنطقة الشرقية لمدينة البيرة في منطقة جبل الطويل فهو رجل صالح، تعددت الروايات حول أصل موطنه وزمن مجيئه إلى فلسطين، لكنّ أهالي البيرة يعتقدون أنّ له كرامات، وكانوا يذهبون لإعداد الطعام هناك، وإقامة طقوس أخرى للتبرك.
يقول الباحث المختص بالتاريخ، وتحديداً تاريخ مدينة البيرة، عوني شوامرة، لـ"العربي الجديد" إنّ "شبان هو محب الدين أو مجد الدين (عبد الملك أبو بكر الموصلي) وهو الشيخ والعلامة الشيباني الشافعي، أحد أعيان القدس، جاء إلى فلسطين في العام 1440 للميلاد، في بداية الفترة العثمانية، وهو زاهد وعالم". أما الرواية الشعبية فتقول إنّه "قائد جاء من المغرب أو من العراق، مع صلاح الدين الأيوبي ليقاتل ضد الصليبيين، في قرية البيرة المحصنة، وهي أول قرية صليبية أقيمت بعد احتلال القدس على أيدي الصليبيين، فاشتبك مع الصليبيين في منطقة البيرة واستشهد ودفن في المكان".
اقــرأ أيضاً
بالنسبة لأحمد، فإنّ تقديم الطعام مميز في شهر رمضان "فأحبّ الأعمال إلى الله هو إطعام الطعام وإكرام الضيف"، كما يقول لـ"العربي الجديد". يقدم القائمون على التكية المساعدة للآخرين في أعمال خيرية أخرى، في رمضان أو مواسم أخرى على مدار العام، عبر توفير التبرعات التي يحصلون عليها بشكل شخصي من الأقارب أو التجار وأهل الخير عامة، وليس عبر المؤسسات.
بعد انتهاء عمله وانتهاء سبعة من زملائه المتطوعين الرئيسيين من وظائفهم، تبدأ رحلة أحمد في العمل التطوعي بتكية "سيدي شبان"، من جمع التبرعات العينية أو المادية اللازمة لتجهيز الإفطار الرمضاني الذي يجدون فيه أجراً لهم بإفطار صائم، ويساعدهم كذلك عدد آخر من المتطوعين بشكل متفاوت.
نظمت تكية "سيدي شبان" عدة فعاليات في إعداد الطعام وتقديمه للناس في أماكن مختلفة من محافظات الضفة الغربية، خصوصاً في محافظة رام الله والبيرة وقراها. ولا يقتصر تقديم الطعام بشكل جماعي للفقراء أو الأغنياء أو عابري السبيل، بل يجري تخصيص عدد من الوجبات للفقراء والمحتاجين والأيتام ترسل إلى منازلهم. ويعتبر الشبان أنّ إطعام الطعام للأغنياء قد يشجعهم على أن يطعموا الناس في دورهم.
أراد أحمد وأصدقاؤه أن يجعلوا عملهم التطوعي ممأسساً بدلاً من الذهاب إلى المتبرعين كأشخاص، فهم يرسمون للمستقبل من خلال جمع التبرعات لمؤسسة تهدف إلى ضمان استمرار العمل، فيما يسعى أحمد إلى تنظيم عمل التكية بلجنة مواكبة، بعد أن يجري ترخيص التكية بشكل رسمي، وكذلك توفير مقر لها، فما زالت متنقلة.
يدرك أحمد أنّ هناك من يسعى إلى إحباطه وإحباط عمله، لكنه يبتعد عنهم ويصر على مواصلة عمله التطوعي في التكية: "العمل التطوعي في خدمة المحتاجين بالنسبة له خير عظيم وزيادة في الأجر وربما يدفع الأذى عن نفسي، بل أشعر أيضاً بسعادة حينما أخدم الناس".
لاقت التكية تفاعلاً إيجابياً من أهالي البيرة، ويجتهد أحمد على حث معارفه على التبرع للتكية تبرعات عينية أو نقدية، أو من خلال التبرع بالجهد أو بجزء منه. يطمح القائمون على التكية إلى أن يصلوا إلى المؤسسات المحلية والعربية والدولية، من أجل التعاون معهم في استمرار "تكية سيدي شبان".
في الضفة الغربية أربع عشرة تكية، منها حكومية، وأخرى تتبع لجمعيات خيرية، وغيرها يتبع مباشرة صندوق الزكاة الفلسطيني، وتكايا موسمية تقدم خدماتها في شهر رمضان، إذ يقول مدير عام صندوق الزكاة الفلسطيني، حسان طهبوب، لـ"العربي الجديد": "وجهنا الدعوة إلى القائمين على التكايا أيّاً كان ترخيصها، من أجل تشكيل مجلس مشترك للتكايا بإشراف صندوق الزكاة وتوحيد الجهد وتنظيم العمل"، معتبراً أنّ انتشار التكايا في فلسطين يعكس صورة إيجابية وسنّة حسنة.
يسعى صندوق الزكاة الفلسطيني منذ سنوات لافتتاح تكايا أنشأها صلاح الدين الأيوبي وتوقفت قبل عشرات السنين إبّان بداية الاحتلال الصهيوني لفلسطين، أو فتح تكايا جديدة، من أجل تقديم الطعام وتوزيعه على الأسر الفقيرة في منازلها بدلاً من مدّ أيديهم للناس طلباً للمساعدة وتحقيق لمّة العائلة بدلاً من الإفطارات الجماعية، ضمن مسوح اجتماعية توفرها البلدية، في وقت يفتح المجال للمتبرعين بتوفير الدعم للتكايا.
فقبل نحو ألف سنة أنشأ صلاح الدين الأيوبي، بعد تحريره بيت المقدس، تكايا في كلٍّ من المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل، من أجل إطعام المساكين والفقراء وأبناء السبيل، خصوصاً ممن جاؤوا من العلماء والمرابطين إلى فلسطين، لدعم بقائهم وتماسكهم بها كونها أرض رباط. وفّرت التكايا للمرابطين مكاناً للمبيت، ومكاناً آخر لرعاية خيولهم أو جمالهم، بالإضافة إلى الطعام، ما دفع كثيراً من المسلمين خارج فلسطين إلى الاستقرار فيها في ذلك الحين.
أما سيدي شبان أو شيبان الذي يقع ضريحه في المنطقة الشرقية لمدينة البيرة في منطقة جبل الطويل فهو رجل صالح، تعددت الروايات حول أصل موطنه وزمن مجيئه إلى فلسطين، لكنّ أهالي البيرة يعتقدون أنّ له كرامات، وكانوا يذهبون لإعداد الطعام هناك، وإقامة طقوس أخرى للتبرك.
يقول الباحث المختص بالتاريخ، وتحديداً تاريخ مدينة البيرة، عوني شوامرة، لـ"العربي الجديد" إنّ "شبان هو محب الدين أو مجد الدين (عبد الملك أبو بكر الموصلي) وهو الشيخ والعلامة الشيباني الشافعي، أحد أعيان القدس، جاء إلى فلسطين في العام 1440 للميلاد، في بداية الفترة العثمانية، وهو زاهد وعالم". أما الرواية الشعبية فتقول إنّه "قائد جاء من المغرب أو من العراق، مع صلاح الدين الأيوبي ليقاتل ضد الصليبيين، في قرية البيرة المحصنة، وهي أول قرية صليبية أقيمت بعد احتلال القدس على أيدي الصليبيين، فاشتبك مع الصليبيين في منطقة البيرة واستشهد ودفن في المكان".
دلالات