مناطق سورية عديدة يحاصرها النظام منذ سنوات في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي. هذه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة السورية كمدن تلبيسة والرستن وبلدات عقرب وطلف وحربنفسه، عاشت رمضان هذا العام ليس كما عهدته في سنوات ما قبل الحرب والحصار، إذ شعر أبناؤها بالجوع أكثر من كلّ مرة.
يقول حسن العمري وهو ناشط ميداني من بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي التي يفرض النظام حصاره عليها منذ خمس سنوات، إنّ رمضان، هذا العام، كان الأقسى عليهم منذ بدأ الحصار، خصوصاً مع تشديد قوات النظام الحصار مع دخول الشهر الكريم، لتخلو البلدة بذلك مما يسدّ رمق صائم عند الإفطار، أو ما يهيئه للصيام عند وجبة السحور. يضيف أنّ كثيراً من العائلات في مناطق ريف حماة الجنوبي والمحاذية لمدن وبلدات ريف حمص الشمالي والتي تخضع جميعها لحصار النظام، استبدلت وجبات إفطارها من اللحوم والبقول إلى أوراق الأشجار والنباتات وما حصدوه من حقولهم البسيطة التي عمل عليها الأهالي طوال شهور.
يشير إلى تمكن كتائب المعارضة من إدخال بعض المساعدات وبعض أنواع الطعام إلى المناطق المحاصرة في ريف حمص الشمالي ومنها إلى ريف حماة الجنوبي عبر وسائلها وطرقها الخاصة، لكنّها بالكاد تكفي لعدد من العائلات من بين مئات العائلات وآلاف الأشخاص المحاصرين. كذلك، فإنّ غلاء أسعارها يجعلها حلم كثيرين منهم، بعدما وصل سعر ربطة الخبز إلى 800 ليرة (1.5 دولار أميركي)، فيما وصل سعر الخضار كالبندورة والخيار إلى ما يزيد على 500 ليرة. أما كيلو لحم الغنم فقد وصل إلى ستة آلاف ليرة، وهو ما ليس بمقدور 90 في المائة من العائلات المحاصرة تحمّله نظراً للفقر الشديد المنتشر في تلك المناطق التي كانت تشكو من الفقر حتى قبل بداية الثورة السورية.
في السياق نفسه، يقول عبيدة أبو خزيمة، وهو من أهالي بلدة عقرب، إنّ عمل المنظمات الإغاثية في مناطق المعارضة في ريفي حماة وحمص انخفض بشكل كبير مقارنةً بالأعوام الماضية، وذلك لقلة المساعدات الإغاثية التي وصلتهم من الخارج، كذلك ترافق الأمر مع تشديد حصار النظام مع بداية شهر رمضان في مايو/ أيار الماضي.
أما عن الأهالي فقد حاولوا قدر استطاعتهم التكيف مع الحصار في ظل شهر رمضان، فغلاء أسعار المواد الغذائية القليلة التي تمكنوا من إدخالها لم يكن أمراً جديداً عليهم في هذا العام. لكن ما ميّز رمضان الجاري انخفاض نسبي في أسعار الخضر والحشائش، بالرغم من الحصار، وذلك بسبب حصاد منتجات حقول حدائق منازلهم وأسطح أبنيتهم مما زرعوه منذ أشهر وباتوا يبيعونه في الأسواق بأسعار تناسب الفئة الأكبر من العائلات المحاصرة.
انعدام وجود المحروقات ومتطلبات طهو الطعام قصة عناء أخرى للمحاصرين هناك، فبالرغم من توفر القليل من الأرز والبرغل والفاصولياء وبعض الحشائش التي جرى حصادها من حدائق المنازل كالنعناع والبقدونس وبعض الخضر كالبندورة، لم يبقَ لدى الأهالي ما يمكن استخدامه في إشعال نيران مطابخهم المعدومة غير ما يملكونه من ملابس وأثاث منازلهم الذي سلم من قذائف النظام وغاراته بحسب عبيدة.
اقــرأ أيضاً
أم عبد الله سيدة أربعينية من مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي، هي ربة منزل فقدت زوجها وأحد أبنائها في قصف للنظام منذ ثلاثة أعوام، تبدي غضبها من المساعدات الإنسانية التي وصلتهم من الأمم المتحدة منذ شهور، والتي لم يرسل لهم غيرها بالرغم من الوعود بتأمين مساعدات إنسانية جديدة لهم بداية شهر رمضان. تقول: "تلك المساعدات التي وصلت كانت تسخر من إنسانيتنا ومصيرنا المجهول، فعندما تستبدل أهم مقومات الحياة وهي الطعام والشراب بمعدات للوقاية من الناموس والحشرات، بالرغم من موتنا جوعاً يوماً تلو آخر، فتلك أكبر سخرية بحقنا، حتى إنّ معدات الوقاية تلك لم تصل إلا لعدد من العائلات دون أخرى".
تتابع: "لا أعلم كيف باستطاعتي الحفاظ على حياتي وحياة أبنائي في ظل ما نعيشه من ظروف قاسية، فالجميع هنا متعب من الجوع ويائس من دخول مساعدات جديدة، حتى إنّ جوعنا وتشتتنا وبحثنا الدائم عن شيء نأكله شغلنا عن تأدية العبادات واغتنام شهر رمضان كما المعتاد في طاعة الله وشكره، فضلاً عن أنه جعلنا نلهث خلف أوراق الأشجار والطعام العفن كي نطعم أبناءنا أي شيء خوفاً من أن يقتلهم الجوع كما فعل بكثيرين ممن فقدناهم ضحية لهذا الحصار".
أما بالنسبة لمَن يتساءل عن حكم الصيام في المناطق المحاصرة، فتقول إنّ مشكلتنا ليست مع المفهوم العام للصيام إنما مشكلتنا هي صيام الجوع والبؤس تحت قذائف الغدر وحصار الموت، فالموائد الخالية أغناها النظام بقذائفه.
يشير رائد، وهو شاب يعيش في مدينة الرستن، إلى أنّ شعائر الشهر الكريم اندثرت تحت وطأة الحصار. فالمدينة يتقاذفها الجوع من جهة والقصف من جهة أخرى، وسكانها أنهكهم الجوع والتعب، فلا يأكلون سوى نوع واحد من الطعام طوال الشهر، إن وجدوا ما يأكلونه، علاوةً على انقطاع الكهرباء والمحروقات.
يضيف أنّه شعور قاس، أن يأتي رمضان الذي اعتدنا روحانيته وسخاءه بحلة مغايرة تماماً عمّا اعتدناه: "رمضان حزين وكئيب وفقير وخالٍ من كلّ الخيرات، حتى إنه خلا من أصوات التكبير والتهليل التي عهدها الأهالي قبيل تأدية صلاة التروايح وصلاة الفجر، وذلك بعدما دمّر النظام معظم مساجد المدينة، كما أنّ خوف الأهالي من قصف مفاجئ منعهم من تأدية صلاة التراويح مع بعضهم بعضاً في مكان واحد، فيما آثر بعضهم تأديتها بثماني ركعات في الملاجئ تحت الأرض للحفاظ على واحدة من شعائر الشهر". بضحكة ساخرة يقول، إنّ أهل المدينة نسوا ما اعتادوا عليه في رمضان ما قبل الحصار، فلا كهرباء متوفرة لمشاهدة المسلسلات الرمضانية التي كانوا ينتظرونها، ولا مساجد تؤوي صلواتهم وابتهالاتهم، ولم يبقَ سوى عدد قليل من المصاحف التي يتناوب عليها الأهالي لقراءة ما تيسر لهم من القرآن، ولا زيارات رمضانية مسائية بين الأهالي والأقارب بعد خلو شوارع المدينة بعد أذان المغرب تماماً خوفاً من القصف والغارات، كما تغيب الحلويات والمرطبات عن موائد إفطارهم.
يقول حسن العمري وهو ناشط ميداني من بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي التي يفرض النظام حصاره عليها منذ خمس سنوات، إنّ رمضان، هذا العام، كان الأقسى عليهم منذ بدأ الحصار، خصوصاً مع تشديد قوات النظام الحصار مع دخول الشهر الكريم، لتخلو البلدة بذلك مما يسدّ رمق صائم عند الإفطار، أو ما يهيئه للصيام عند وجبة السحور. يضيف أنّ كثيراً من العائلات في مناطق ريف حماة الجنوبي والمحاذية لمدن وبلدات ريف حمص الشمالي والتي تخضع جميعها لحصار النظام، استبدلت وجبات إفطارها من اللحوم والبقول إلى أوراق الأشجار والنباتات وما حصدوه من حقولهم البسيطة التي عمل عليها الأهالي طوال شهور.
يشير إلى تمكن كتائب المعارضة من إدخال بعض المساعدات وبعض أنواع الطعام إلى المناطق المحاصرة في ريف حمص الشمالي ومنها إلى ريف حماة الجنوبي عبر وسائلها وطرقها الخاصة، لكنّها بالكاد تكفي لعدد من العائلات من بين مئات العائلات وآلاف الأشخاص المحاصرين. كذلك، فإنّ غلاء أسعارها يجعلها حلم كثيرين منهم، بعدما وصل سعر ربطة الخبز إلى 800 ليرة (1.5 دولار أميركي)، فيما وصل سعر الخضار كالبندورة والخيار إلى ما يزيد على 500 ليرة. أما كيلو لحم الغنم فقد وصل إلى ستة آلاف ليرة، وهو ما ليس بمقدور 90 في المائة من العائلات المحاصرة تحمّله نظراً للفقر الشديد المنتشر في تلك المناطق التي كانت تشكو من الفقر حتى قبل بداية الثورة السورية.
في السياق نفسه، يقول عبيدة أبو خزيمة، وهو من أهالي بلدة عقرب، إنّ عمل المنظمات الإغاثية في مناطق المعارضة في ريفي حماة وحمص انخفض بشكل كبير مقارنةً بالأعوام الماضية، وذلك لقلة المساعدات الإغاثية التي وصلتهم من الخارج، كذلك ترافق الأمر مع تشديد حصار النظام مع بداية شهر رمضان في مايو/ أيار الماضي.
أما عن الأهالي فقد حاولوا قدر استطاعتهم التكيف مع الحصار في ظل شهر رمضان، فغلاء أسعار المواد الغذائية القليلة التي تمكنوا من إدخالها لم يكن أمراً جديداً عليهم في هذا العام. لكن ما ميّز رمضان الجاري انخفاض نسبي في أسعار الخضر والحشائش، بالرغم من الحصار، وذلك بسبب حصاد منتجات حقول حدائق منازلهم وأسطح أبنيتهم مما زرعوه منذ أشهر وباتوا يبيعونه في الأسواق بأسعار تناسب الفئة الأكبر من العائلات المحاصرة.
انعدام وجود المحروقات ومتطلبات طهو الطعام قصة عناء أخرى للمحاصرين هناك، فبالرغم من توفر القليل من الأرز والبرغل والفاصولياء وبعض الحشائش التي جرى حصادها من حدائق المنازل كالنعناع والبقدونس وبعض الخضر كالبندورة، لم يبقَ لدى الأهالي ما يمكن استخدامه في إشعال نيران مطابخهم المعدومة غير ما يملكونه من ملابس وأثاث منازلهم الذي سلم من قذائف النظام وغاراته بحسب عبيدة.
أم عبد الله سيدة أربعينية من مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي، هي ربة منزل فقدت زوجها وأحد أبنائها في قصف للنظام منذ ثلاثة أعوام، تبدي غضبها من المساعدات الإنسانية التي وصلتهم من الأمم المتحدة منذ شهور، والتي لم يرسل لهم غيرها بالرغم من الوعود بتأمين مساعدات إنسانية جديدة لهم بداية شهر رمضان. تقول: "تلك المساعدات التي وصلت كانت تسخر من إنسانيتنا ومصيرنا المجهول، فعندما تستبدل أهم مقومات الحياة وهي الطعام والشراب بمعدات للوقاية من الناموس والحشرات، بالرغم من موتنا جوعاً يوماً تلو آخر، فتلك أكبر سخرية بحقنا، حتى إنّ معدات الوقاية تلك لم تصل إلا لعدد من العائلات دون أخرى".
تتابع: "لا أعلم كيف باستطاعتي الحفاظ على حياتي وحياة أبنائي في ظل ما نعيشه من ظروف قاسية، فالجميع هنا متعب من الجوع ويائس من دخول مساعدات جديدة، حتى إنّ جوعنا وتشتتنا وبحثنا الدائم عن شيء نأكله شغلنا عن تأدية العبادات واغتنام شهر رمضان كما المعتاد في طاعة الله وشكره، فضلاً عن أنه جعلنا نلهث خلف أوراق الأشجار والطعام العفن كي نطعم أبناءنا أي شيء خوفاً من أن يقتلهم الجوع كما فعل بكثيرين ممن فقدناهم ضحية لهذا الحصار".
أما بالنسبة لمَن يتساءل عن حكم الصيام في المناطق المحاصرة، فتقول إنّ مشكلتنا ليست مع المفهوم العام للصيام إنما مشكلتنا هي صيام الجوع والبؤس تحت قذائف الغدر وحصار الموت، فالموائد الخالية أغناها النظام بقذائفه.
يشير رائد، وهو شاب يعيش في مدينة الرستن، إلى أنّ شعائر الشهر الكريم اندثرت تحت وطأة الحصار. فالمدينة يتقاذفها الجوع من جهة والقصف من جهة أخرى، وسكانها أنهكهم الجوع والتعب، فلا يأكلون سوى نوع واحد من الطعام طوال الشهر، إن وجدوا ما يأكلونه، علاوةً على انقطاع الكهرباء والمحروقات.
يضيف أنّه شعور قاس، أن يأتي رمضان الذي اعتدنا روحانيته وسخاءه بحلة مغايرة تماماً عمّا اعتدناه: "رمضان حزين وكئيب وفقير وخالٍ من كلّ الخيرات، حتى إنه خلا من أصوات التكبير والتهليل التي عهدها الأهالي قبيل تأدية صلاة التروايح وصلاة الفجر، وذلك بعدما دمّر النظام معظم مساجد المدينة، كما أنّ خوف الأهالي من قصف مفاجئ منعهم من تأدية صلاة التراويح مع بعضهم بعضاً في مكان واحد، فيما آثر بعضهم تأديتها بثماني ركعات في الملاجئ تحت الأرض للحفاظ على واحدة من شعائر الشهر". بضحكة ساخرة يقول، إنّ أهل المدينة نسوا ما اعتادوا عليه في رمضان ما قبل الحصار، فلا كهرباء متوفرة لمشاهدة المسلسلات الرمضانية التي كانوا ينتظرونها، ولا مساجد تؤوي صلواتهم وابتهالاتهم، ولم يبقَ سوى عدد قليل من المصاحف التي يتناوب عليها الأهالي لقراءة ما تيسر لهم من القرآن، ولا زيارات رمضانية مسائية بين الأهالي والأقارب بعد خلو شوارع المدينة بعد أذان المغرب تماماً خوفاً من القصف والغارات، كما تغيب الحلويات والمرطبات عن موائد إفطارهم.
دلالات