لدى الحديث عن الأساتذة وأعضاء هيئات التدريس في الجامعات، يتبيّن أن المعضلة الأكبر تكمن في أن امتلاك درجة الدكتوراه أو غيرها لا يعني، بأي حال من الأحوال، القدرة على المساهمة في تطوير العلم ورفد ثقافة المجتمعات العربية المعنية. المقصود هنا القول إن أمثال هؤلاء الذين تحدثنا عنهم، ورغم مواقعهم الأكاديمية، لا يمارسون الدور المطلوب منهم على صعيد المواد التي يملكون اختصاصاً معيناً فيها، ولا على مستوى الثقافة الوطنية التي يتوجب عليهم المساهمة في إغنائها. بمعنى أن بعض هؤلاء ممن يتمتعون نظرياً بمؤهلات علمية أعلى يعانون من شبه أمية. وما يساعد على نمو مثل هذه الظاهرة تراجع مستوى الدراسات والشهادات العليا؛ إذ يلاحظ الكثير من الأساتذة انحداراً في مستوى طلبة الدراسات العليا وقصورهم عن إعداد أبحاث ذات مستوى علمي جيد، يتضمن في ما يتضمنه إلى جانب اللغة المتينة والرصينة والمتسلسلة، العناصر الأساسية بما هي إشكاليات وفرضيات وجدل أفكار وعرض موضوعي وخلاصات ومصادر مرموقة ودقيقة، واستعمال لمختلف المصطلحات والمعطيات، ضمن سياق علمي ومنطقي يستحق صاحبها على أساسه نيل الدرجة العلمية وبجدارة.
لا أحد يتصور أن هذا الوضع هو سمة من سمات الأبحاث والمؤلفات العلمية أو التطبيقية، إذ إن الدراسات اللغوية والأدبية والاجتماعية والقانونية لا تختلف هنا عن سواها. وتلاحظ مصادر تقويم التعليم العالي الدولية والإقليمية تراجع مستوى إعداد الأبحاث في مختلف الميادين قياساً مع العدد الكبير للأساتذة. إذ إن التردي يشمل المجالات الأدبية والتطبيقية، على حد سواء. وعليه، فإن معظم، ولا نقول كل الأساتذة، بدل أن ينشغلوا بإنتاج الأبحاث، يستغرقون في استنساخها وترجمتها أو تحويل أبحاث أكاديميين ناشطين إلى "مشاعة" يسطون عليها من دون حسيب أو رقيب.
على أن الوضع لا يقتصر على هذا الجانب الذي يعبر عن ضحالة معرفية بالنظر إلى اكتفاء الأستاذ بما سبق وحصل عليه من معارف بدون تكليف نفسه عناء التعلم المستمر من خلال المصادر ووسائط المعلومات الحديثة، بل يتكامل مع قصور في مستوى القدرة على إيصال مادة العلم إلى الطلاب، إذ إن الجامعات لا تقوم بتنظيم دورات تدريب للأساتذة على طرائق وأساليب التدريس الناشطة والتفاعلية صفياً وخارج الصفوف. ولا يسعى الأستاذ بدوره إلى الحصول على دراسات حديثة ومستندات ورسوم ووثائق وخرائط وبيانات جديدة تثري دروسه أمام طلابه. يغطي أمثال هؤلاء قصورهم بالحصانات التي يتمتعون بها، وهي حصانات قد يكون مصدرها تبعية سياسية - طائفية أو عشائرية أو عائلية أو قرابية مع جهات نافذة.
(أستاذ جامعي)
اقــرأ أيضاً
لا أحد يتصور أن هذا الوضع هو سمة من سمات الأبحاث والمؤلفات العلمية أو التطبيقية، إذ إن الدراسات اللغوية والأدبية والاجتماعية والقانونية لا تختلف هنا عن سواها. وتلاحظ مصادر تقويم التعليم العالي الدولية والإقليمية تراجع مستوى إعداد الأبحاث في مختلف الميادين قياساً مع العدد الكبير للأساتذة. إذ إن التردي يشمل المجالات الأدبية والتطبيقية، على حد سواء. وعليه، فإن معظم، ولا نقول كل الأساتذة، بدل أن ينشغلوا بإنتاج الأبحاث، يستغرقون في استنساخها وترجمتها أو تحويل أبحاث أكاديميين ناشطين إلى "مشاعة" يسطون عليها من دون حسيب أو رقيب.
على أن الوضع لا يقتصر على هذا الجانب الذي يعبر عن ضحالة معرفية بالنظر إلى اكتفاء الأستاذ بما سبق وحصل عليه من معارف بدون تكليف نفسه عناء التعلم المستمر من خلال المصادر ووسائط المعلومات الحديثة، بل يتكامل مع قصور في مستوى القدرة على إيصال مادة العلم إلى الطلاب، إذ إن الجامعات لا تقوم بتنظيم دورات تدريب للأساتذة على طرائق وأساليب التدريس الناشطة والتفاعلية صفياً وخارج الصفوف. ولا يسعى الأستاذ بدوره إلى الحصول على دراسات حديثة ومستندات ورسوم ووثائق وخرائط وبيانات جديدة تثري دروسه أمام طلابه. يغطي أمثال هؤلاء قصورهم بالحصانات التي يتمتعون بها، وهي حصانات قد يكون مصدرها تبعية سياسية - طائفية أو عشائرية أو عائلية أو قرابية مع جهات نافذة.
(أستاذ جامعي)